خامنئي يحث على المشاركة في الانتخابات... فهل يستجيب الايرانيون؟

هل يظهر تيار سياسي ثالث؟

EPA
EPA
إيرانية امام ملصقات انتخابية

خامنئي يحث على المشاركة في الانتخابات... فهل يستجيب الايرانيون؟

لندن- حث المرشد الإيراني علي خامنئي الإيرانيين على المشاركة في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها مطلع مارس/آذار 2024 وذلك خلال تصريحات أدلى بها في التاسع من يناير/كانون الثاني قائلا: "يجب عدم نسيان مدى قدرة تأثير الشعب في الأحداث الكبيرة".

واعتبر خامنئي في جزء من كلمته أن "عدم التصويت في الانتخابات هو السياسة الاستراتيجية لأعداء الثورة والولايات المتحدة... كانت السياسة الاستراتيجية للإمام (الخميني) تتمثل في المشاركة الشعبية في الميدان (الانتخابات)... غير أن سياسة أعداء الثورة والولايات المتحدة والصهاينة هي خروج الشعب من الميدان وعدم المشاركة في الانتخابات... هذه السياسة مستمرة منذ 40 عاما في البلاد... تسعى وسائل الإعلام التابعة للعدو إلى بث اليأس من المستقبل في نفوس الشعب، والقول إن المشاركة السياسية والمشاركة في الانتخابات غير مجدية... وتركز على النواقص والمشاكل الاقتصادية".

ویبدو أن القلق الحكومي من ضعف الإقبال الجماهيري في الانتخابات التشريعية القادمة كبير. ونشرت صحيفة "جوان" المحسوبة على "الحرس الثوري" مقالا بعنوان "المشاركة في الانتخابات تمثل صيانة العزة والفخر" في عددها الصادر يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، بقلم "رسول سنائي راد"، جاء فيه: "يقترب موعد الانتخابات التشريعية وانتخابات مجلس خبراء القيادة بسرعة كبيرة، غير أن البلاد لا تشهد أجواء انتخابية... على سبيل المثال تشير غالبية استطلاعات الرأي إلى أن أعداد المواطنين الذين قالوا إنهم لا يعلمون متى موعد الانتخابات كبير، وتصل هذه النسبة إلى أكثر من 50 في المئة في عدد من المناطق، وأن أعداد الذين قالوا إنهم لم يحسموا أمرهم بعد بالمشاركة في التصويت أكبر من المتوقع... إن الظروف السياسية للبلاد مختلفة عن الدول الأخرى لأن الأعداء يسعون إلى منعنا من التطور والاستقلال... لذلك فإن الوصول إلى أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات ضروري، مما يشير إلى القوة والاقتدار في الداخل، والاتحاد من أجل مواجهة الأعداء في الخارج، والقدرة على الوصول للأهداف الوطنية... سيحاول الغرب خفض العقوبات وتصحيح تصرفاته الظالمة في حال كانت نسبة المشاركة في الانتخابات مرتفعة... سيظن الغرب أن بلادنا في حالة ضعف إذا كانت نسبة المشاركة متدنية وبذلك فإنه سيتجه إلى تشديد العقوبات لحمل إيران على التراجع وتقديم التنازلات".

Reuters
الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي

وأضاف سنائي راد: "إن الإقبال الشعبي على الانتخابات يستلزم منافسة سياسية بين الأحزاب والقوى السياسية وعدم الاستياء الشعبي من أداء المسؤولين الذين يجب أن يحاولوا تنفيذ التزاماتهم والحرص على مشاركة النشطاء والأحزاب السياسية والعمل على حلحلة مشاكل الشعب لأن نحو 30 في المئة من المواطنين يعتبرون الظروف الاقتصادية والمعيشية المتدهورة والتضخم مصدر قلقهم الرئيس... الإقبال الجماهيري على الانتخابات القادمة يشبه جهاد المقاومين في جبهة المقاومة الإسلامية والذي من شأنه التأثير على معادلات أعداء البلاد وإجبارهم على القبول بحقوق الشعب الإيراني والكف عن ممارسة الضغوط الظالمة".

صحيفة "اعتماد": الرغبة في الهجرة وطرق الهجرة مؤشر على فهم كيف يفكر المواطنون حيال الظروف الراهنة وافتقارهم للأمل في تحسن الوضع في البلاد مستقبلا

ونشرت صحيفة "اعتماد" مقالا لعلي الربيعي المتحدث باسم حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، بعنوان "شواهد لا تُرى" في 18 ديسمبر/كانون الأول، قال فيه: "لقد نشرت مؤسسة (إيسبا) لاستطلاع الرأي التابعة لمؤسسة الجهاد الجامعي مؤخرا استطلاعين بشأن الانتخابات يتضمنان رسائل جديرة بالتأمل، وهي أن الأجواء الانتخابية غائبة وأن الانتخابات القادمة ليست محل اهتمام المواطنين".

وأشار استطلاع للرأي إلى أن 27.9 في المئة من الذين شاركوا في الاستطلاع قالوا إنهم يصوتون بالتأكيد، وإن 7.4 في المئة قالوا إنه من المرجح أن يصوتوا، وإن 21.9 في المئة قالوا إنهم لم يحسموا بعد أمر المشاركة في الانتخابات، وأن 36 في المئة أكدوا أنهم لن يصوتوا في الانتخابات القادمة وأن 6.8 في المئة قالوا إن احتمال تصويتهم في الانتخابات ضئيل.. وبناء على التجارب الانتخابية السابقة فإن حجم المشاركة في الانتخابات بمدينة طهران والمدن الكبرى سيكون أقل من 50 في المئة وأن نسبة تصويت الشباب في المناطق المذكورة ستكون أقل من 10 في المئة. كما أن نسبة التصويت في الانتخابات مرهونة بالثقة السياسية والأمل في المستقبل. وبناء على هذا الاستطلاع فإن نحو 68 في المئة  من المقترعين ليس لديهم الثقة السياسية والأمل".

وتابع كاتب المقال أن "الرغبة في الهجرة وطرق الهجرة مؤشر على فهم كيف يفكر المواطنون حيال الظروف الراهنة وافتقارهم للأمل في تحسن الوضع في البلاد مستقبلا... وبناء على دراسة أجراها أحد الباحثين الإيرانيين في مجال علم السكان فإن إيران تتصدر دول العالم في مجال خسارة الكفاءات البشرية في حين أنها تأتي في المرتبة 12 عالميا من حيث التمتع بالكفاءات البشرية في العالم. كانت نسبة الرغبة في مغادرة البلد 23 في المئة  بين الشباب فوق 18 عاما في 2014 غير أن هذه النسبة وصلت إلى 42 في المئة  عام 2021".

ويخلص الكاتب إلى القول: "تشير نتائج هذه الاستطلاعات للرأي إلى أن الرغبة الجماهيرية للتصويت في الانتخابات خلال العقود الأربعة الماضية كانت أحد عوامل الاستقرار وتعزيز الأمن في البلاد، وكانت محورا في الخطاب السياسي في إيران، ولكنها بدأت تتآكل. ويشير العزوف عن التصويت في الانتخابات وأمواج الهجرة وفقدان وسائل الإعلام الداخلية لدورها المرجعي إلى تغيرات كبيرة في التعامل الجماهيري مع البنية السياسية، غير أن الحكومة لا ترغب في استيعاب هذا التغيير في السلوك الشعبي حيال أمور كثيرة منها الانتخابات، وهذا قد يؤدي إلى توسيع الهوة بين السلطة والشعب".

صحيفة "هم ميهن": المؤسسات التنفيذية والمشرفة على العملية الانتخابية القادمة أعلنت نتائجها حول المرشحين الذين تم رفضهم

ونشرت صحيفة "همشهري" مقالا بعنوان: "من كان يقصد مرشد الثورة بتصريحاته"؟ بقلم رئيس تحريرها محسن مهديان في عددها الصادر يوم 10 يناير/كانون الثاني جاء فيه: "يعتقد مرشد الثورة الإسلامية أن المشاركة الجماهيرية في الميدان حتى أهم من طريقة إجراء الانتخابات... ولكن من كان يقصد المرشد بتصريحاته حول ضرورة العمل لحث الجماهير على المشاركة... الحكومة والأجهزة التنفيذية على غرار مجالس البلدية من خلال الترويج للإنجازات والتطور والإقرار الصادق بالنواقص... ومجلس صيانة الدستور من خلال الارتقاء بمستوى عمله... وهذا يعني تطوير أساليبه لتحديد أهلية المتقدمين بطلبات الترشح للانتخابات بهدف منع إقصاء أي أحد بشكل غير عادل... ومجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) ومجلس قيادة الخبراء بهدف تقديم تقارير شفافة حول أدائهم ووعودهم للشعب بهدف إعطاء الفرصة للناخبين لتقييم ثمرة تصويتهم... والمؤسسات الأمنية والقضائية بهدف القضاء على موانع المشاركة الجماهيرية في الانتخابات والمواجهة مع الأشخاص والمجموعات التي تقدم صورة مأساوية عن مستقبل البلاد للشعب باتهام تهديد الأمن... وطلبة الحوزات الدينية... ووسائل الإعلام بهدف الحرص على استقطاب الجماهير والعمل على تغيير أسلوبها من خلال عدم التغطية الواسعة للمواد التي تدعو لليأس... بعض الجماعات المحافظة من خلال الابتعاد عن فكرة تفيد بأن الفتور في الانتخابات يؤدي إلى الفوز، لأن المشاركة الشعبية أهم من الوصول إلى السلطة... بعض الجماعات الإصلاحية التي ترى أن مقاطعة الانتخابات تؤدي إلى تغيير السياسات والنهج، ولكن على هذه الجماعات أن تعلم أن الدعوة إلى المقاطعة تعني الوقوف إلى جانب الجماعات الانفصالية... والتيارات التي تنادي بالعدالة تعلم أن الظلم يكمن في جعل الجماهير تفقد أملها في صناديق الاقتراع... والذين يعملون على إثارة الاستقطاب لأن المشاركة الجماهيرية تحتاج إلى الوحدة والمصالحة. وتأتي المنافسة من خلال زيادة الوعي وليس إثارة الحقد والانقسامات".
 هذا ورأى أستاذ علم الاجتماع في جامعة طهران حميد رضا جلايي بور في مقال بعنوان "مهمة القوى المدنية في الانتخابات 2024" بجريدة "هم ميهن" يوم 10 يناير/كانون الثاني أن "المؤسسات التنفيذية والمشرفة على العملية الانتخابية القادمة أعلنت نتائجها حول المرشحين الذين تم رفضهم. وتشير هذه النتائج إلى أن التيار الحاكم يسعى إلى انتخابات تكون فيها نسبة المشاركة متدنية ونتائجها مضمونة. في الحقيقة أن التيار الحاكم لا يتصور أن الهوة بين السلطة والشعب أهم نقطة ضعف للسلطة ويرى أنه قادر على إدارة المشاكل في البلاد من خلال تشكيل حكومة "ذات لون واحد بسياساتها الحالية على المستوى الداخلي والخارجي". 

AFP
المرشد الايراني علي خامنئي في 23 ديسمبر

وأضاف كاتب المقال: "إن التقديرات حول نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة أمر صعب لأن مؤسسات استطلاع الرأي غير الحكومية توقفت عن العمل في فترة رئاسة أحمدي نجاد وأن مؤسسة (إيسبا) لاستطلاع الرأي تواجه موانع شتى في عملها ولكن التقديرات تشير إلى أن نسبة المشاركة قد تكون نحو 40 في المئة  في كل البلاد ونحو 20 في المئة في العاصمة طهران وذلك بناء على التجارب الانتخابية في 2021 وشواهد أخرى... لكن التيار المتشدد الذي يتبنى نهج الإقصاء يرغب في أن تكون نسبة التصويت متدنية لأن النتيجة ستكون تشكيل برلمان بأغلبية موالية لنهج الإقصاء وهذا هو المهم برأيه وليس محاولة ترميم الصدع بين الشعب والسلطة ومعالجة الفقر الزاحف في أرجاء البلاد... لنفترض أن نسبة المشاركة ستبلغ 40 في المئة، كيف سيكون اصطفاف القوى السياسية في الانتخابات؟.. إن الظروف السياسية الراهنة لا تشبه حتى التسعينات حيث كانت المنافسة بين التيار الإصلاحي المنادي بالانفتاح السياسي والتنمية من جهة والتيار المحافظ المنادي بصيانة القيم والمقاومة أمام الولايات المتحدة. فقدت غالبية الشعب الأمل في الوقت الراهن من قدرتها على لعب دور ما في تحسين الظروف عبر صناديق الاقتراع ولذا فهم لا يشاركون في الانتخابات... لم يتبق شيء من التيار الإصلاحي والمحافظ المعتدل لأنه لا يوجد مرشح إصلاحي واحد وتم إقصاء المرشحين المقربين من الشخصية المحافظة علي لاريجاني... لذلك فإن المنافسة لا تكون بين الإصلاحيين والمحافظين في انتخابات 2024. السؤال هنا: ما هي فرصة الذين قد يشاركون في الانتخابات بين القوى السياسية الموجودة في الانتخابات؟ يبدو أننا سنشهد ظهور تيار سياسي ثالث في الانتخابات. يشارك معسكر المتشددين تحت عناوين على غرار "الصمود" في الانتخابات. إن هذا المعسكر الذي ينادي بإقصاء كافة المنتقدين والتصفية هو المسؤول عن استمرار الوضع الراهن ويطلب من الشعب الصمود! وهناك تيار آخر في طور الظهور رويدا رويدا. لا ينسجم هذا التيار الصاعد مع المتشددين بل إن أعضاءه من المعتدلين الذين يحاولون استرجاع "الحياة العادية" التي خسرها المواطنون وإن مسعود بزشكيان وعلي مطهري ومحمد باقر نوبخت وغلام رضا تاج كردون من أهم الشخصيات المنتمية إلى هذا التيار والتي تم تأييد أهليتها من قبل مجلس صيانة الدستور". 
وقال الكاتب: "يطرح التياران الحاضران في الانتخابات القادمة برنامجين. يسعى معسكر المتشددين لاستمرار الوضع الراهن. وأما التيار الآخر فهو يسعى لاسترجاع الحياة العادية التي خسرها المواطنون... كما أن القوى المدنية لا تحظى للأسف بفرصة تذكر في الانتخابات القادمة وبالرغم من كل ذلك أتصور بأن قوى المجتمع المدني عليها أن تؤدي مسؤوليتها في الانتخابات وذلك بسبب الظروف الحرجة الراهنة في الشرق الأوسط وشبح الحرب الإقليمية والوضع الراهن في البلاد".

font change

مقالات ذات صلة