الضربات الصاروخية الإيرانية...رسائل الى اميركا واسرائيل و"طالبان"

Reuters
Reuters
إيرانيون قرب انقاض مبنى دمره القصف الباكستاني قرب بلدة سرفان في مقاطعة سيستان وبالوشستان الايرانية في 18 يناير

الضربات الصاروخية الإيرانية...رسائل الى اميركا واسرائيل و"طالبان"

لندن- حظيت الهجمات الصاروخية التي شنها الحرس الثوري الإيراني، الثلاثاء 16 يناير/كانون الثاني، على مواقع في كردستان العراق وباكستان وسوريا بتغطية إعلامية واسعة في إيران، واعتبرت وسائل الإعلام الإيرانية أن الهجمات تأتي انتقاما لضحايا تفجيري كرمان يوم 3 يناير/كانون الثاني، ومقتل قيادات من الحرس الثوري في سوريا، والهجوم المسلح على مقر للشرطة بمدينة راسك في محافظة سيستان-بلوشستان جنوب شرقي البلاد في ديسمبر/كانون الأول 2023.

ونشرت أكثر الصحف الإيرانية تقارير عن الهجمات الثلاث وتفاصيلها، منها صحيفة "مردم سالاري" التي عنونت في عددها الصادر يوم 17 يناير/كانون الثاني: "إيران تستهدف عين الموساد وقلب داعش خراسان".

وقال التقرير: "لقد نفد صبر طهران من عمليات الموساد الإرهابية، لذا أطلقت الوحدة الصاروخية للقوات الجو-فضائية للحرس الثوري 24 صاروخا باليستيا على مركز تجسس الموساد في أربيل بإقليم كردستان العراق، وإرهابيي (هيئة تحرير الشام) والحزب التركستاني في محافظة إدلب السورية؛ حيث تأتي هذه الضربات المتزامنة ردا على الهجمات الإرهابية في كرمان وراسك واغتيال قيادات في الحرس الثوري في سوريا".

وأضاف التقرير: "كانت الهجمات الصاروخية قد أطلقت لأول مرة بالتزامن من محافظات خوزستان وكرمانشاه وأذربيجان الشرقية، وهذه إحدى ميزات الهجمات الصاروخية الأخيرة. واللافت أنها جميعا أصابت أهدافها. لقد استهدفت الوحدة الصاروخية للقوات الجو-فضائية للحرس الثوري فجر الثلاثاء بدايةً الجماعة التكفيرية الإرهابية، وهي الحزب التركستاني في إدلب، بأربعة صواريخ من طراز خيبرشكن (كاسر خيبر) من جنوب خوزستان. ويتم تدريب إرهابيي (داعش خراسان) الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن هجمات إرهابية في إيران، في منطقة جبل السماق بإدلب، ويتمركزون في هذه المنطقة، ويُنقلون إلى أفغانستان من قبل الإرهابيين الأميركيين بعد أن يتلقوا التدريبات اللازمة، وبعد ذلك يدخل أعضاء (داعش خراسان) من أفغانستان إلى إيران. وقد استهدف الحرس الثوري مركزا تجسسيا إسرائيليا في أربيل بأربعة صواريخ من كرمانشاه وسبعة صواريخ من أذربيجان الشرقية، وشن الحرس الثوري بعد ساعة هجوما بتسعة صواريخ على مراكز الإرهابيين في إدلب السورية... وأصابت كل هذه الصواريخ أهدافها بدقة، وقتل بيشرو دزيي التاجر الكردي الذي كان مسؤول الدعم اللوجستي لجهاز التجسس الإسرائيلي وعدد آخر ممن كانوا معه، منهم كرم ميخائيل التاجر المسيحي العراقي".

لقد نفد صبر طهران من عمليات الموساد الإرهابية، لذا أطلقت الوحدة الصاروخية للقوات الجو-فضائية للحرس الثوري 24 صاروخا باليستيا على مركز تجسس الموساد في أربيل

صحيفة "مردم سالاري"

وأشار التقرير إلى أن "هذين الشخصين لهما نشاط تجسسي لصالح الموساد تحت غطاء التجارة". ونقلت الصحيفة عن وكالة "فارس" للأنباء أن "مركز الموساد المستهدف في أربيل كان عبارة عن فيلا بهدف التمويه، ويبعد 15 كيلومترا عن المدينة، ولا توجد مناطق مأهولة بالسكان حوله، وهو مقر محصن يتألف من طبقتين من الخرسانة ويضم جهاز رادار وأجهزة تنصت... كما أدى الهجوم إلى مقتل أربعة من المسؤولين الكبار في الموساد... وكانت الهجمات الصاروخية نوعية".
وخلص تقرير نشره موقع "دبلوماسي إيراني" بعنوان "عمليات في ساعة الصفر" يوم 17 يناير/كانون الثاني إلى أن "إيران لديها الحق في الدفاع عن نفسها أمام هجمات الإرهابيين والحروب التي تشعلها إسرائيل وهذا حق بديهي لإيران، خاصة بعد هجمات كرمان. إن الضربات الصاروخية للحرس الثوري والقدرات العسكرية الإيرانية مثيرة للإعجاب من الزاوية الوطنية وتبعث رسالة بأن الرد الإيراني على الاغتيالات حازم وهذا سيكون تحذيرا تاريخيا".
وتطرق موقع "دبلوماسي إيراني" في تقرير آخر بعنوان "إدارة الإرهاب من قبل طالبان بهدف زعزعة الأمن في إيران". بقلم عبد الرحمن فتح اللهي يوم 16 يناير/كانون الثاني. أشار إلى الضربات الصاروخية على أربيل وباكستان وسوريا. وقال كاتب المقال: "إذا كانت تقصد طهران من خلال الضربات الصاروخية إلى سوريا الرد على العمليات الإرهابية التي أدت إلى اغتيال عدد من قادة الحرس الثوري وليس إرسال رسالة واضحة لتل أبيب وواشنطن، فإن الهجمات لم تحقق أهدافها. لكن يبدو أن الهجوم على إدلب بصواريخ قطعت نحو 1200 كيلومتر لأول مرة هو رسالة إلى إسرائيل والولايات المتحدة في الأصل. بعبارة أخرى فإن طهران أرسلت رسالة بالتزامن إلى داعش وإسرائيل وأميركا من خلال العملية الصاروخية الأبعد مدى مما يحمل تهديدا غير مباشر إلى تل أبيب". 

إجبار طالبان على أن تتعامل بحزم مع الجماعات الإرهابية ضرورة أمنية إيرانية

موقع "دبلوماسي إيراني"

وأضاف كاتب المقال: "كانت العمليات الصاروخية للحرس الثوري على سوريا والعراق تحصل بالتأكيد لأن إيران كان عليها أن ترد على الهجمات الإرهابية في كرمان وأن تستعرض قوة ردعها بعد فترة قصيرة من الهجمات... لقد أعلنت وزارة الاستخبارات أن الإرهابيين الذين نفذوا هجمات في منطقتي راسك وكرمان دخلوا إلى البلاد من الحدود الشرقية وتم الإسناد اللوجستي لتلك الهجمات عن طريق الحدود الشرقية... وهذا ما يفسر قلق طهران من رد طالبان على أي هجوم في أفغانستان وتطوير التعاون بين طالبان والجماعات الإرهابية على غرار (داعش خراسان) والحزب التركستاني وغيرهما.. لذلك امتنعت إيران في السابق عن الرد على حدودها الشرقية... ولكن إيران لم تكن قادرة على غض النظر عما يجرى على حدودها الشرقية بسبب انتشار الإرهاب في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وخاصة أفغانستان... ولو أن إيران استمرت في هجماتها في سوريا والعراق ولم تفعل شيئا في الحدود الشرقية وخاصة حيال تحركات طالبان لكانت واجهت موجة من الإرهاب المتنقل من الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى... لو تم تجاهل ما يحدث في الحدود الشرقية لكان ذلك يشكل تحديا أمنيا ليس فقط على المدى الطويل بل في المديين المتوسط والقصير... وقد بلغت الأنشطة الإرهابية شرقي البلاد ذروتها خلال العامين الأخيرين مع وصول طالبان إلى سدة الحكم مجددا، وهذا يدل على أن الإرهاب يزحف إلى شرق إيران بشكل ممنهج ومخطط له تحت إدارة طالبان. لذا فإن هجمات راسك وكرمان جزء من هذا المسار الذي بإمكانه أن ينتشر في كافة المناطق الإيرانية في حال عدم التصدي له... ربما تحد الهجمات الأخيرة في سوريا بشكل مؤقت القدرة العملياتية لهذه التيارات الإرهابية... إن إجبار طالبان على أن تتعامل بحزم مع الجماعات الإرهابية ضرورة أمنية إيرانية أو يجب على إيران القيام بعمليات صاروخية مشابهة في أفغانستان تستهدف مقار الجماعات الإرهابية، كما أن على إيران اتخاذ إجراءات مماثلة أخرى في باكستان".

ونشر موقع "إيران واير" المعارض للنظام الإيراني مقالا بعنوان: "ما هي تداعيات الهجمات الصاروخية المتهورة للحرس الثوري على ثلاث دول بالمنطقة"؟". بقلم فرامرز داور، يوم 17 يناير/كانون الثاني، جاء فيه: "لقد شن الحرس الثوري هجمات صاروخية في باكستان والعراق وسوريا في أقل من 24 ساعة. واعتبر الحرس الثوري أن الضربات جاءت ردا على هجمات إسرائيل وداعش وجماعة جند الله... ونفى مسؤولون عراقيون أن يكون المقر المستهدف مقرا صهيونيا، قائلين إن هذه الهجمات أسفرت عن مقتل مدنيين بينهم طفلان، كما أن باكستان أعلنت أن هناك أطفالا ضمن ضحايا الهجوم الصاروخي للحرس الثوري على مناطق باكستانية. قدمت وزارتا خارجية باكستان والعراق احتجاجا رسميا على الهجمات الإيرانية في حين أن سوريا لم ترد حتى الآن". 

"إذا قامت إسرائيل بعمل عسكري أو بشن هجمات صاروخية ضد إيران بحجة إرسال أسلحة للحوثيين من قبل إيران لشن هجمات ضد السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، فهل تقبل إيران بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟"

وأضاف فرامرز داور: "لقد دخلت الهجمات الصاروخية للحرس الثوري مرحلة غير مسبوقة باستهدافها 3 دول في يوم واحد، انتقاما من إسرائيل و(داعش) و(جند الله).. تؤكد القوانين الدولية على احترام السيادة الوطنية للدول، معتبرة أن العمل العسكري ضد أي دولة بدافع (الانتقام) انتهاك للقوانين، ناهيك عن أن صواريخ الحرس الثوري استهدفت منطقة مأهولة ومنزلا لتاجر عراقي... يزعم الحرس الثوري أنه قام بهذه الهجمات الصاروخية لأن الحكومات في سوريا والعراق وباكستان عاجزة عن القيام بواجباتها في احتواء الجماعات الموجودة على أراضيها، ولذلك فإن الجمهورية الإسلامية تقوم بنفسها بإزالة الخطر الذي يهدد أمنها". 
وتابع الكاتب: "قد تكون حجة الحرس الثوري بشأن سوريا صحيحة لأن بشار الأسد لم يحتج حتى الآن على هذه الهجمات. وتصر الجمهورية الإسلامية على أن الحكومة الباكستانية عاجزة عن احتواء (جند الله) ولكن حجة الحرس الثوري بشأن الهجوم على أربيل غير مقبولة، لأن الصواريخ على أربيل لم تستهدف المنشآت العسكرية الإسرائيلية والقوات العسكرية الإسرائيلية التي كان لها دور في اغتيال عدد من قيادات الحرس الثوري في سوريا. وإذا افترضنا أن الموقع المستهدف أو مالكه قد تكون لهما صلة بإسرائيل، فذلك ليس سببا للقيام بعمل عسكري في دول أخرى... إذا لم تتمكن الجمهورية الإسلامية أن تثبت عبر وثائق بأنها استهدفت مقرا إسرائيليا في أربيل على صلة باغتيال أحد قيادات الحرس الثوري في سوريا فحينها يمكن اتهامها بانتهاك السيادة العراقية لأسباب غير مقبولة وقتل مدنيين بينهم طفلان... وتقول الجمهورية الإسلامية إن هجماتها الصاروخية تأتي دفاعا عن النفس وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة... ويبدو أن الجمهورية الإسلامية تقدم تفسيرا فضفاضا عن هذه المادة حيث تشن هجمات صاروخية على مناطق في إقليم كردستان لمواجهة الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة لها داخل إقليم كردستان، ومن ثم ترسل رسالة إلى مجلس الأمن تقول إن ردها جاء في إطار الدفاع القانوني عن النفس".

AFP
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية ممتاز زهرة بالوش اثناء ايجاز صحافي في اسلام اباد في 18 يناير

وأكد فرامرز داور أنه "إذا استمرت هذه الهجمات الإيرانية بالمدفعية أو الصواريخ أو المسيرات على دول الجوار بذريعة حق الدفاع عن النفس وإذا استمرت الحكومة العراقية بالاحتجاج وتقديم الشكوى إلى مجلس الأمن ففي النهاية قد يأخذ مجلس الأمن مصادر قلق الحكومة العراقية بعين الاعتبار مما سيضع الجمهورية الإسلامية في موقف دولي محرج وصعب للغاية، وقد تمهد هذه الهجمات الإيرانية المسار لدول أخرى بأن تقوم بضربات مشابهة في إيران... على سبيل المثال إذا قامت إسرائيل بعمل عسكري أو شن هجمات صاروخية ضد إيران بحجة إرسال أسلحة للحوثيين من قبل إيران أو تدريب الحوثيين عسكريا في إيران لشن هجمات ضد السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، فهل تقبل إيران بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟... تستمر الجمهورية الإسلامية في هجماتها الصاروخية المتهورة ضد بعض الدول غير أن هذه الإجراءات ستقلب الموازين العسكرية الإقليمية ضد الجمهورية الإسلامية رويدا رويدا خاصة وأننا نشهد حاليا سقوط شرعية حكام إيران على المستوى الداخلي والدولي أكثر من أي وقت مضى منذ قيام الجمهورية الإسلامية".

الاتفاق مع اقليم كردستان يفيد بإبعاد قواعد الجماعات المعارضة للنظام الإيراني عن الحدود الإيرانية غير أن مسؤولي إقليم كردستان العراق يبدو أنهم تجاهلوا الاتفاقات بين طهران وبغداد

صحيفة "أرمان ملي"

هذا واعتبر حسن هاني زاده في مقال بعنوان "التحذير الصاروخي للإقليم" في صحيفة "آرمان ملي"، يوم 17 يناير/كانون الثاني، أن "الهجوم الصاروخي على مقر الإرهابيين والجماعات الانفصالية في إقليم كردستان العراق يأتي كإجراء رادع". 
وتطرق هاني زاده إلى العلاقات التاريخية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإقليم كردستان العراق قائلا: "اتسمت العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وشعب إقليم كردستان العراق خلال أربعة عقود بالكثير من الإنسانية؛ حيث استضافت إيران مئات الآلاف من شعب إقليم كردستان العراق خلال الحرب بين إيران والعراق كما استقبلت إيران عشرات الآلاف من مواطني إقليم كردستان العراق خلال عملية الأنفال في أيام نظام البعث للعلاج بعد تعرضهم لهجوم كيماوي. وكانت إيران تساند شعب إقليم كردستان العراق". 
وأضاف هاني زاده: "لقد تمتع الإقليم بحكم ذاتي بعد 2003، وكان متوقعا أن يظل الإقليم عمقا استراتيجيا للجمهورية الإسلامية بسبب الأواصر الإنسانية بين إيران وشعب إقليم كردستان العراق، ولكن إقليم كردستان العراق أخطأ في حساباته ووقف إلى جانب الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والانفصاليين ومنح قواعد عسكرية وغير عسكرية لوكالات الاستخبارات الأميركية والصهيونية والجماعات الانفصالية وتقع هذه القواعد بالقرب من الحدود الإيرانية مع إقليم كردستان العراق". 

AFP
متظاهرون باكستانيون في اسلام اباد ينددون بالضربة الايرانية في 18 يناير

وتابع الكاتب: "لقد أرسلت إيران مرات عديدة رسائل مكتوبة وشفوية إلى مسؤولي إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية. كما أن الاتفاق الأمني بين إيران والعراق يفيد بإبعاد قواعد الجماعات المعارضة للنظام الإيراني عن الحدود الإيرانية غير أن مسؤولي إقليم كردستان العراق يبدو أنهم تجاهلوا الاتفاقات بين طهران وبغداد. لقد اتخذت إيران قرارها باستهداف قواعد الموساد بعد قيام خلية من (داعش) بعملها الإرهابي في كرمان في الذكرى السنوية للجنرال قاسم سليماني. وتأتي هذه الضربات الصاروخية في إطار سياسة الردع، وستصعد إيران في حال استمرت الأعمال المناهضة للنظام الإيراني من قبل قواعد في إقليم كردستان. كما ستتخذ إيران قرارات جادة في حال استمر إقليم كردستان في السماح للجماعات الإرهابية في الدخول إلى إيران، وهذه رسالة مهمة إلى أميركا والصهاينة والجماعات المعارضة للنظام بأن إيران مستعدة لاتخاذ خطوات أكثر من أجل تأمين حدودها".

font change

مقالات ذات صلة