"حرب الناقلات" في الخليج... كيف بدأت وكيف انتهت؟

أميركا تدخلت عسكريا ضد طهران وأوقفت الحرب الإيرانية- العراقية

AFP
AFP
اشتعال النيران في الناقلة اليونانية "أدرياند" بعد تعرضها للهجوم للمرة الثانية في يوم واحد من قبل الإيرانيين في 15 ديسمبر 1987، قبالة سواحل دبي

"حرب الناقلات" في الخليج... كيف بدأت وكيف انتهت؟

حرب الناقلات" الجارية في البحر الأحمر حاليا، سبق وأن حصلت نسخة منها في خضم الحرب العراقية– الإيرانية بين عامي 1980 و1988، عندما استهدفت القوات الجوية للرئيس صدام حسين مواقع إيرانية، وردت طهران باستهداف سفن خليجية، فاندلعت "حرب ناقلات" في مياه الخليج.

وشهدت "حرب الناقلات" إغراق قرابة 223 ناقلة نفطية من مختلف الجنسيات، إضافة إلى تضرر وغرق نحو 540 ناقلة تجارية ومقتل نحو 430 بحارا. ويعتقد أنه في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني 1982 وفبراير/شباط 1986، أغرق العراقيون 102 ناقلة و145 سفينة إيرانية.

AFP
دبابة وجنود من الجيش العراقي قرب حدود إيران في 22 أكتوبر 1980

وتُعرف الحرب العراقية الإيرانية بأنها أطول حرب بين دولتين في العصر الحديث استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة وأدت لمقتل مئات آلاف الجنود وكلفت نحو تريليون دولار.

بدأ العراق بمهاجمة ناقلات وسفن تجارية إيرانية في الخليج، بهدف تعطيل صادرات النفط وخاصة ان العراق بسبب هجمات ايران لم يعد يصدر من الخليج. قررت ايران مهاجمة السفن المتجهة إلى أو القادمة من موانئ دول الخليج العربية، موسعة النزاع ليشمل سفن الدول المحايدة التي تنقل النفط من منطقة الخليج. كان الهدف من ذلك تدويل الصراع، آملة في الضغط على دول الخليج للتدخل وإجبار العراق على الاستسلام.

في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1982، بدأت القوارب الصاروخية العراقية، بتوجيه راداري من شبه جزيرة الفاو، تصطدم بقوافل السفن المبحرة إلى ميناء بندر خميني الإيراني ومحطات النفط في جزيرة هارك.

لكن "حرب الناقلات" بين إيران والعراق، احتدمت في 26 أبريل/نيسان 1984، عندما استهدفت قوات صدام الجوية 58 ناقلة، مستخدمة طائرات فرنسية من نوع ميراج الجديدة"، لتبدأ إيران بالرد بالمثل ولوحت بـ"إغلاق الخليج" أمام سفن تحمل نفطا عراقيا. وقال "المرشد" الخميني إن بلاده لن تدع طرق الملاحة البحرية في الخليج آمنة إذا ما بقي الطريق إلى مينائها النفطي في جزيرة خرج مهددا بالقصف لمنع تصدير النفط الإيراني.

في 13 مايو/أيار 1984 قصفت ايران ناقلتين كويتيتين، وفي 16 من الشهر ذاته قُصفت ناقلة سعودية في ميناء رأس تنورة السعودي

ويشير الضابط في الجيش العراقي السابق اللواء الركن علاء الدين مكي خمّاس في كتابه "حرب الناقلات في الخليج العربي 1980-1988" إلى أن العراق في حربه البحرية استخدم طائرات "الميراج" التي زودته بها فرنسا، وبذلك استطاعت القوات الجوية العراقية الوصول إلى أبعد نقطة في الخليج وقصف الميناء العائم في جزيرة لاراك الإيرانية.

وكون الممرات البحرية من جهة البصرة، ساحة عمليات، اتجه العراق لتصدير نفطه عبر خطوط أنابيب إلى البحر المتوسط (أغلق الخط بين العراق وسوريا إلى المتوسط) والبحر الأحمر ونقل النفط عن طريق الكويت لتحميله في ناقلات عربية خليجية. وبعد سيطرة إيران على ميناء الفاو عام 1986، زادت حدة الحرب واستهدف صدام جزيرة سيري، حيث الناقلات العملاقة المحملة بالنفط الإيراني.
في 13 مايو/أيار 1984 قصفت ايران ناقلتين كويتيتين، وفي 16 من الشهر ذاته قُصفت ناقلة سعودية في ميناء رأس تنورة السعودي. وعليه، طلبت الكويت المساعدة من الولايات المتحدة التي سارعت بدورها لإرسال عدد من السفن، حيث طلبت واشنطن من الكويت رفع العلم الأميركي على الناقلات الكويتية لضمان عدم الاعتداء عليها من إيران.

AFP
ناقلة نفط ترفع علم سنغافورة بعد تعرضها لقصف إيراني في ديسمبر 1987

أثرت "حرب الناقلات" بشكل كبير على أسواق النفط العالمية وهددت الإمدادات الدولية من النفط الخام، ما تسبب في تقلبات أسعار النفط العالمية. بدلا من الضغط على العراق تسببت هجمات ايران في تدخل عدة قوى عالمية، لا سيما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ودول من المجموعة الأوروبية، حيث سعت لحماية مصالحها في المنطقة وضمان تدفق النفط من الخليج. ودخلت عدة قوى عسكرية اجنبية، كما حذر من حدوث ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، في وثائق رسمية سورية تنشرها "المجلة" استنادا الى أوراق نائب الرئيس السوري الراحل عبدالحليم خدام.

تدخل أميركي... ونهاية الحرب

لعبت الولايات المتحدة، خلال رئاسة رونالد ريغان، دورًا نشطا بشكل خاص من خلال إطلاق عملية "إرنست ويل"، وهي أكبر عملية توصيل بحري منذ الحرب العالمية الثانية. صُممت العملية لتوفير الحماية العسكرية لناقلات النفط الكويتية التي رفعت الأعلام الاميركية أثناء مرورها عبر الخليج، تحت حماية البوارج الاميركية.

تسببت الهجمات البحرية الإيرانية في الانخراط العسكري الأمريكي لأول مرة بشكل مكثف في الخليج  وأدى إلى مواجهات أميركية مباشرة مع القوات الإيرانية، بما في ذلك عملية في 1988، وكانت أكبر عملية بحرية سطحية منذ الحرب العالمية الثانية وقامت المقاتلات الاميركية بتدمير منصات النفط الإيرانية.

بالفعل، أدى دخول أميركا إلى تغير مسار الحرب. ولا شك أن استهداف العراق الفرقاطة الأميركية "ستارك" في الخليج في 17 مايو/أيار1987، كان نقطة انعطاف. واشنطن التي فقدت 37 بحارا (العراق اعتذر عن الخطأ ودفع 28 مليون دولار)، أُجبرت واشنطن على التدخل لوقف الحرب. 
باتت مياه الخليج ساحة حرب، وزرعت إيران الألغام في مضيق هرمز وهاجمت قواتها سفنا أميركية. وفي 24 يوليو/تموز 1987 اصطدمت السفينة "يو إس إس بريدجستون" الأميركية بلغم إيراني وغرقت. بعدها خاضت القوات البحرية الأميركية أكبر معركة منذ الحرب العالمية الثانية ضد السفن والزوارق الحربية الإيرانية.
 في يوليو/تموز 1988، أطلق بحارة أميركيون من سفينة "يو إس إس فينسنس" الحربية النار على طائرة إيرانية مدنية، ما أسفر عن مقتل 300 مدني. وبعد شهر ، في أغسطس/آب، قبلت إيران وقف إطلاق النار في الحرب الدامية.

font change

مقالات ذات صلة