كيف ردت إيران على انتقادات اللجنة الأممية لقمع الاحتجاجات؟

يوجه اتهامات أكثر حدة من القتل إلى "المرشد"

أ ب
أ ب
متظاهرات يرفعن صورة مهسا أميني في برلين في 22 سبتمبر 2022

كيف ردت إيران على انتقادات اللجنة الأممية لقمع الاحتجاجات؟

رفضت إيران التقرير الذي أصدرته لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بشأن قمع الاحتجاجات والمظاهرات السلمية التي تلت وفاة الشابة مهسا أميني في مقر "شرطة الأخلاق" بالعاصمة طهران في سبتمبر/أيلول 2022.

وأشار التقرير الذي نشر يوم الجمعة (8 مارس/آذار) إلى انتهاكات جسيمة كثيرة لحقوق الإنسان، وقال إن "التمييز الممنهج ضد النساء والفتيات خلال الاحتجاجات المذكورة هو انتهاك لحقوق الإنسان وجريمة ضد الإنسانية".

ولفت تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تشكل جرائم ضد الإنسانية خاصة جرائم القتل والسجن والتعذيب والاغتصاب وأشكال أخرى من التعذيب الجنسي والاضطهاد والإخفاء القسري وغيرها من الممارسات غير الإنسانية".

يأتي التقرير الأممي بعد أن كلف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فريقا من الخبراء بإجراء تحقيق بشأن الموجة الاحتجاجية العارمة على خلفية وفاة مهسا أميني بعد أن اعتقلتها "شرطة الأخلاق" في طهران بسبب عدم التزامها بالحجاب. وقال التقرير إن "الغالبية العظمى من المظاهرات كانت سلمية"، مضيفا: "هناك أرقام موثوقة تشير إلى أن ما لا يقل عن 551 متظاهرا قتلوا، بينهم ما لا يقل عن 49 امرأة و68 طفلا".

لقد حاولت هذه القوى زعزعة الأمن في إيران خريف 2022 ولكنها لم تنجح، ولذلك عملت على اختلاق الأكاذيب

محسني إيجئي رئيس السلطة القضائية

وتابع التقرير: "استخدمت قوات الأمن الأسلحة النارية لمواجهة المحتجين وهذا كان السبب في غالبية الوفيات". وأشار إلى أن "قوات الأمن لجأت إلى استخدام غير ضروري وغير متناسب للقوة مما أدى إلى عمليات قتل عشوائي وغير قانوني وإصابات في صفوف المحتجين". ولفت التقرير إلى "وجود أدلة على عمليات إعدام خارج نطاق القضاء".
ورد محسني إيجئي رئيس السلطة القضائية خلال تصريحات أدلى بها يوم 11 مارس على التقرير الدولي قائلا: "مما لا شك فيه أن حقوق الإنسان تحولت إلى أداة سياسية وذريعة للقوى التي تستخدم التنمر". وتابع إيجئي: "ارتكبت إسرائيل خلال نحو 5 أشهر المجازر التي أدت إلى مقتل أكثر من 31 ألف فلسطيني في قطاع غزة. واللافت أن القوى العالمية لم تغمض عيونها على هذه الجرائم الوحشية فحسب بل إنها تقدم كافة أشكال الدعم العسكري والمالي لقتلة الأطفال. ثم تبادر بصياغة تقرير سياسي وغير محترف وفاقد للأسس العقلانية حول حالة حقوق الإنسان في إيران".
وأضاف إيجئي: "لقد حاولت هذه القوى زعزعة الأمن في إيران خريف 2022، ولكنها لم تنجح. ولذلك عملت على اختلاق الأكاذيب والإحصائيات المصطنعة حول عدد القتلى وأوضاع السجون وغيرهما، وكلها كذب مئة في المئة. وأدرجت القوى العالمية كل هذه الأكاذيب في تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية بشأن إيران باستخدام كلمات كبيرة ومؤثرة لا تخدم مصالح الشعب الإيراني وتحرض عليه".

قيادة ألمانيا لجهود إجراء هذا التحقيق مهزلة سياسية

صحيفة "جام جم"

وبدورها هاجمت صحيفة "جام جم"، التابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، التقرير الأممي واتهمت لجنة تقصي الحقائق بـ"خلق إحصائيات مزورة بدلا من تقصي الحقائق". وقال التقرير: "شكلت الفوضى التي حصلت في 2022 فرصة لأعداء نظام الجمهورية الإسلامية من أجل التخطيط لإجراءات متحيزة ومنظمة مناهضة للشعب الإيراني والعمل على حشد المجتمع الدولي ضد إيران وزيادة العقوبات. وقد بدأت المرحلة الأولى من هذه الحملة بتصريحات داعمة لمثيري الشغب تعتبر تدخلا في الشؤون الإيرانية، حيث وصف الرئيس الأميركي جو بايدن مثيري الشغب بـ"الشعب الإيراني الشجاع"، وقال إنه "يكنّ احتراما كبيرا للذين نزلوا للشوارع بهدف الاحتجاج". كما أعلن وزير خارجيته أنتوني بلينكن عن مواصلة دعم واشنطن لمثيري الشغب. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تبنت فيه الإدارات الأميركية خلال الـ45 عاما الماضية كل أشكال العداء ضد الشعب الإيراني وحرمته من الحصول على حقوقه الأساسية".

وانتقدت "جام جم" ألمانيا التي قادت الجهود لإجراء تحقيق مستقل في إيران من قبل لجنة حقوق الإنسان، وقالت: "إن ألمانيا لها تاريخ طويل في الممارسات المناهضة للإنسانية في العالم وارتبط اسمها بصفقات الأسلحة والمتاجرة بالحروب وبالتالي فإنها ليست مخولة بتاتا للمشاركة في هذا التحقيق أو اقتراحه". 
وتابعت "إن قيادة ألمانيا لجهود إجراء هذا التحقيق مهزلة سياسية أشار إليها السياسيون في البلاد، حيث قال وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إن نظام برلين كان مصدرا رئيسا للأسلحة الكيماوية لصدام من أجل استخدامه ضد الشعب الإيراني وفرض عقوبات غير عادلة وغير إنسانية على شعبنا مما يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان". 
وأضافت "جام جم": "السبب الآخر الذي يظهر عدم استناد تقرير لجنة حقوق الإنسان إلى الحقائق هو الدور الذي لعبته بريطانيا في صياغته، مما يثبت أنه تقرير مليء بالأكاذيب، لأن عداء بريطانيا بكل إرثها الاستعماري مع الشعب الإيراني لا يخفى على أحد، حيث إن بريطانيا حاضرة في كل إجراء وقرار مناهض لإيران، فليس مستغربا أن نجد أن هذه البعثة تتشکل من محامیات من أصول باكستانية وبنغلاديشية وأرجنتينية، وكلهن يحملن الجنسية البريطانية، ويتبنين تقارير كاذبة تم تحريفها واستخدمن معلومات وسائل إعلام ناطقة بالفارسية معادية للجمهورية الإسلامية".

أ ف ب
عناصر من الشرطة الإيرانية يفرقون متظاهرين يحتجون على مقتل مهسا أميني في طهران في 19 سبتمبر 2022

وأشارت "جام جم" إلى أن "الدول الغربية التي خسرت فرصة استغلال أعمال الشغب في إيران تهاجم الجمهورية الإسلامية بوسائل مختلفة كل مرة. لقد وجد الغرب أن استراتيجيته لزعزعة الأمن من خلال أعمال الشغب لم تثمر شيئا فقام بتغيير استراتيجيته، ولجأ إلى أدوات دبلوماسية للضغط على النظام الإيراني، غير أن هذا لم ينجح أيضا، فجاءت هذه المسرحية الكوميدية الدعائية في الوقت الذي يشهد فيه العالم أعمال عنف عارمة ضد الشعب الفلسطيني المظلوم ومقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، غير أن هذه اللجان الدولية لتقصي الحقائق تغيب عن المشهد في غزة وقادة الكيان القاتل للأطفال يرتكبون الجرائم باستخدام الأسلحة الأميركية والأوروبية ولم تستطع أية مؤسسة دولية إيقاف هذه الحرب. ومن ثم يطرح هذا السؤال نفسه: لماذا لم تطلب الولايات المتحدة وأوروبا التي تتزعم الدفاع عن حقوق الإنسان تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة؟". 
إلى ذلك، نشر موقع "إيران واير" 10 مارس تقريرا بقلم فرامرز داور بعنوان: "لماذا يمثل تقرير لجنة تقصي الحقائق وثيقة غير مسبوقة في عهد الجمهورية الإسلامية؟". 
ورأى الكاتب أن "هذا التقرير يتضمن اتهامات غير مسبوقة لمرشد الثورة والمسؤولين السياسيين والقيادات العسكرية والأمنية والمديرين في السلطة القضائية، على غرار رئيس السلطة القضائية، والمدعي العام، ومحاكم الثورة، والمجلس الأعلى للفضاء الافتراضي، وغيرهم. بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهذه سابقة في كل التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة". 

رفض تقرير اللجنة من قبل طهران هو لأغراض سياسية

موقع "إيران واير"

وأضاف: "يتضمن التقرير ملخصا للجرائم التي ارتكبت بعد 16 سبتمبر/أيلول 2022، ولكن هذه الجرائم بدأت منذ قيام الجمهورية الإسلامية، بيد أنه لم يتم توثيقها ولم تتم تسميتها جرائم ضد الإنسانية من قبل الأوساط الدولية".
وتابع "إيران واير": "لقد تم توجيه اتهام القتل إلى خامنئي وعدد من مسؤولي الجمهورية الإسلامية في حادث اغتيال عدد من الشخصيات المعارضة في مطعم ميكونوس بألمانيا، وتفجير مركز لليهود في الأرجنتين، غير أن تقرير لجنة تقصي الحقائق الأخير يوجه اتهامات أكثر حدة من القتل إلى مرشد الثورة. واللافت أن هذا التقرير ليس صادرا عن دولة معينة بل صدر عن لجنة لتقصي الحقائق مكلفة من مجلس حقوق الإنسان".
وأضاف: "لقد سبق ودعمت الجمهورية الإسلامية تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن إسرائيل من قبل مجلس حقوق الإنسان، وبالتالي فإن رفض تقرير اللجنة من قبل النظام الإيراني هو لأغراض سياسية ولا قيمة قانونية لمزاعم الجمهورية الإسلامية بشأن لجنة تقصي الحقائق".

font change

مقالات ذات صلة