منذ بداية ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة، عقد دونالد ترمب العزم على إزاحة أي عقبات تقف في طريق ممارسته للسلطة وتنفيذ برامجه.
ويسيطر ترمب على السلطة التشريعية المتمثلة في الأغلبية الجمهورية بمجلسي الشيوخ والنواب اللذين استكانا وانساقا لطموحاته، مع تحالف مع أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك، الذي يبدو أنه بات مطلعا على ملفات كثيرين منهم من خلال سلطته الجديدة كرئيس لما يسمى "وزارة الكفاءة الحكومية".
ولم يبق من عقبة تحول دون اكتمال حلقة السلطة المنشودة لترمب سوى القضاء. وطالما ردد ترمب ومستشاروه بانه يتصرف بتفويض كامل من الناخبين الذين اختاروه لإعادة تشكيل المجتمع الأميركي وبناء الاقتصاد العالمي. ويدفع البيت الأبيض في جميع تصريحاته بأن السلطة القضائية تحاول التعدي على السلطة التنفيذية التي خولها الدستور للرئيس، ويردد أن بعض القضاة يقحمون أنفسهم في أسلوب ممارسة إدارة ترمب لسلطتها في رسم السياسات الخارجية للبلاد أو في إدارة الشؤون الداخلية.
وتحرص السلطتان التنفيذية والقضائية على التبارز الحذر مع تجنب الصدام رغم اقترابهما بشدة من هذه النقطة في الكثير من القضايا. فإدارة ترمب تلتف على القرارات التي لا تروق لها وتماطل من خلال الطعن عليها بمختلف مستويات المحاكم. فعلى سبيل المثال زعم مسؤولون بالبيت الأبيض أن أوامر المحاكم التي طالبت باستعادة السلفادوري كلمار أبريغو غارسيا غير ملزمة لهم. ورغم اعتراف هؤلاء المسؤولين بأنه رحل بالخطأ إلى بلده الأصلي رغم أنه متزوج من أميركية ويحمل بطاقة الإقامة الخضراء، إلا أنهم يصرون على أنهم لن يستعيدوه من السلفادور التي تم إيداعه في أحد معتقلاتها، في تحد حتى لقرار المحكمة العليا التي طالبت الإدارة في قرار أولي بتسهيل عودته من السلفادور.
وقال أحد قضاة محكمة فيدرالية كان قد ألزم الإدارة باستعادته أنه سيبدأ إجراءات التحقيق فيما إذا كان سيوجه لمسؤولي الإدارة اتهامات جنائية بازدراء المحكمة. وتستند إدارة ترمب في تحديها على قانون يسمى "قانون الأعداء الأجانب" الذي صدر أواخر القرن الثامن عشر. ولم يُستدع هذا القانون إلا خلال ثلاث حروب آخرها الحرب العالمية الثانية حينما قرر الرئيس روزفلت اعتقال الأميركيين من أصول يابانية وإيطالية وألمانية فقط بسبب أصولهم.