تعتبر آلة البزق إلى يومنا هذا آلة غريبة شكلا وصوتا، وهي آلة شعبية ارتبطت شعبيا بالغجر أو "النور" كما يعرفون محليا في لبنان، ولكن فنانين لبنانيين أدخلوها في موسيقاهم، ومن أبرزهم عاصي الرحباني، وابنه زياد، غير أنها لا تزال محدودة الانتشار، ولا تدرس في المعاهد الموسيقية الرسمية، وهي غير معروفة التاريخ، لكن يشاع أنها تنحدر من آلات أخرى عراقية وإيرانية، مثل الطنبور العراقي والبجلما التركي والساز الإيراني.
في هذا السياق، تحدثت "المجلة" الى عازف البزق اللبناني وصانعه جورج الشيخ، 33 عاما، من بلدة الشيخ محمد في عكار شمال لبنان، درس الهندسة المدنية في الجامعة اللبنانية، وتخرج منها عام 2016، وكان بدأ تعلم الموسيقى في عمر 17 عاما.
منذ أيام الدراسة كان الشيخ يعزف في فرق وحفلات، ويعطي دروسا خصوصية، كي يستطيع اعالة نفسه وإكمال تعليمه، تعلم الموسيقى في عكار، في بيت الموسيقى، مع الموسيقي هياف ياسين، ثم عاد الى العمل معه في فرقته، وعندما انتقل إلى بيروت بدأ العمل بالموسيقى أيضا في الحفلات، بالتوازي مع تحصيله العلمي في الجامعة.
عرف جورج أخيرا بشكل أوسع من خلال حدثين، الأول "انتفاضة 17 تشرين" عام 2019، حين اشتهر مع موسيقيين آخرين، بعزف أناشيد حماسية وثورية على المزمار والآلات الإيقاعية، فكسب هذا النوع من الموسيقى الشعبية، استحسان المتظاهرين والجمهور، كذلك عندما افتتح مشغله لصناعة آلة البزق الشعبية في 2021 وأصبح مقصدا للموسيقيين الذين يعزفون على هذه الآلة، ليس في لبنان فقط، بل في الغرب أيضا. فماذا يقول عن آلة البزق بشكل عام وعن تاريخ هذه الآلة، والصناعة في لبنان، وتحدياتها، وعن تأثره بالحرب الاسرائيلية التي عانى منها لبنان ولا يزال إلى اليوم؟
البدايات
بدأ جورج الشيخ مسيرته الموسيقية عن عمر 17 عاما وهو عمر متقدم. يعلق على هذا الأمر بالقول: "لا يؤثر ذلك على من يلتزم، أنا لست نتاجا للموهبة بقدر ما أنتمي إلى مجموعة الظروف والالتزام".