لماذا لا يصلح "النموذج الليبي" إطار عمل للبرنامج النووي الإيراني؟

من الصعب التنبؤ بكيفية سير المحادثات بين واشنطن وطهران

أ ف ب
أ ف ب
الممثل الأعلى لليبيا، محمد معتوق (يسار)، ومحمد البرادعي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوقعان بروتوكولًا إضافيًا لمعاهدة حظر الانتشار النووي في فيينا، 10 مارس 2004

لماذا لا يصلح "النموذج الليبي" إطار عمل للبرنامج النووي الإيراني؟

ترددت مؤخرا دعوات جديدة لتطبيق "النموذج الليبي" كنهج للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وهو ما يعني في جوهره تفكيك البرنامج بالكامل. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أطلق مثل هذه الدعوات عام 2012، حين صرح أن "السبيل لوقف إيران، يتلخص في إدراكها أنها ستواجه تهديدا عسكريا حقيقيا... كما حدث مع ليبيا... إذا أردتم رؤية ما يحدث لدولة تتخلى عن الأسلحة النووية، فانظروا إلى ليبيا". وفي عام 2018، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب قولا شبيها حين ذكر أن "القذافي تخلى عن برنامجه النووي... وعلى إيران الآن أن تحذو حذوه".

في الثامن من أبريل/نيسان الماضي، كرر نتنياهو معارضته للبرنامج النووي الإيراني، وأعلن أنه على الرغم من إمكانية التوصل إلى اتفاق دبلوماسي، "يجب أن يكون على غرار الاتفاق الليبي".

وعلى الرغم من أن إسرائيل لجأت على مر السنين إلى تضخيم القدرة العسكرية النووية الإيرانية، بهدف حشد الضغوط الدولية على برنامجها النووي، ينبغي للمرء هذه المرة أن لا يولي أهمية كبيرة لكلمات نتنياهو. فمنذ بداية أزمة غزة عام 2023، تسعى إسرائيل إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط، بما يخدم مصالحها الاستراتيجية. وأهمها تغيير النظام في إيران، وهو النتيجة التي يبدو أن إسرائيل، تعتقد أنها ستنجم عن ديناميكية داخلية يطلق شرارتها هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية.

بيد أن ضمان نجاح أي ضربة عسكرية إسرائيلية، يحتاج دعما حقيقيا من الولايات المتحدة. ورغم أن واشنطن لم تلتزم بدعم إسرائيل في هذا المسعى، وقد أوضحت أنها تدعم الدبلوماسية، لكنها مستعدة أيضا لاتخاذ إجراء عسكري. وفي الوقت نفسه، لا يزال موقف واشنطن بشأن البرنامج الإيراني مبهما، ويتراوح من مطالبة إيران بتفكيك برنامجها النووي، إلى مجرد رفضها إنتاج إيران للوقود النووي الخاص بها سواء عن طريق التخصيب أو إعادة المعالجة.

وعلى الرغم من هذا الخطاب، فالدعوات لتطبيق "النموذج الليبي" في إيران تخطئ بشكل أساسي في الحكم على الحقائق الجيوسياسية والتقنية والاستراتيجية المتعلقة بكل من ليبيا وإيران.

سمحت لي الظروف أن أكون شاهدا مباشرا على "اندفاع" ليبيا لتفكيك برنامجها النووي. وخلال الفترة من 2003 إلى 2007، كنت الممثل المقيم لمصر لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، وعضوا في مجلس محافظيها. وقد تزامنت تلك المرحلة أيضا مع ذروة الاهتمام الدولي بالبرنامج النووي الإيراني.

كان الدافع الرئيس وراء رغبة العقيد القذافي في التخلص من برنامجه النووي، هو إنهاء العقوبات المفروضة على ليبيا، نتيجة لتورطها في إسقاط طائرة ركاب فوق  لوكيربي في اسكتلندا

ورغم أن السياق السياسي، والأسباب التي دفعت ليبيا إلى الشروع في هذا المسعى ليست خافية على أحد، فمن المفيد تقديم لمحة مختصرة عنها.

كان الدافع الرئيس وراء رغبة العقيد القذافي في التخلص من برنامجه النووي، هو إنهاء العقوبات المفروضة على ليبيا، نتيجة لتورطها في إسقاط طائرة ركاب فوق  لوكيربي في إسكتلندا.

وحقيقة الأمر أن تفكيك البرنامج النووي، لم يتطلب سوى قرار من العقيد القذافي. وكان ذلك هو الحال، لأن البرنامج كان غير موجود عمليا، بل كان "برنامجا في صناديق" كما وصفه بدقة المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، بعد زيارته لطرابلس. فقد اشترت ليبيا كميات هائلة من المعدات لبرنامجها، لكن لم تتسن لها الفرصة قط لتفريغ الصناديق التي سُلمت تلك المعدات فيها!

ولعل إعلان البرادعي، الذي قلل في الواقع من مخاطر اكتمال البرنامج الليبي، وبالتالي خفف من الضجة المحيطة بالبرنامج، أدى إلى إبعاد الوكالة الدولية للطاقة الذرية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتين أخذتا زمام المبادرة في تفكيك البرنامج.

أ ف ب
الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش (يسار) يطلع على مواد ومعدات سلّمتها ليبيا خلال جولة له في 12 يوليو 2004 في مختبر أوك ريدج الوطني، التابع لوزارة الطاقة الأميركية في أوك ريدج

وهكذا، اقتصر دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إصدار قرار يضفي الشرعية الدولية على الإجراءات، التي اتخذتها الدولتان لاحقا. وفي 10 مارس/آذار 2004، اعتمد مجلس محافظي الوكالة، قرارا رحب فيه بكشف ليبيا "الشفاف والاستباقي" عن برنامجها النووي السري، وخلص إلى أن الأنشطة النووية الليبية لم تتجاوز مرحلة "دراسة الجدوى" دون وجود أي دليل على استخدامها لأغراض التسلح أو إنتاج المواد الانشطارية، وسلّط الضوء على افتقار ليبيا إلى القدرة المحلية على التخصيب، واعتمادها على المكونات المستوردة.

ورغم أن مهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتمثل في منع تحويل التكنولوجيا النووية لأغراض عسكرية، لم يسمح لها بالمشاركة في تفكيك البرنامج على الإطلاق. وقد سُلمت "الصناديق" إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث من المفترض أنهما دمّرتا محتوياتها.

كانت رغبة ليبيا الملحة في تفكيك برنامجها النووي ملموسة، وقد تجلت في اندفاعها لحمل مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تبني قرار. وبدا هذا الحماس جليا حين اعترض الممثل الليبي بشدة، وهو وزير موفد خصيصا من طرابلس، عندما قمتُ بتأجيل اعتماد القرار، بسبب إصراري على تضمينه صياغة تصف تفكيك البرنامج بأنه خطوة نحو الهدف العربي المتفق عليه عالميا، والمتمثل في إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وهو بند عارضته بشدة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. وبعد أيام قليلة رضخت الولايات المتحدة، وأُدرجت صياغة بهذا المعنى في القرار.

باختصار، كانت ليبيا "متلهفة" لتفكيك برنامجها النووي، ولم تلعب الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي دور فعلي في تفكيكه، باستثناء القرار الذي أصدره مجلس محافظيها.

تكمن أهمية هذه المقدمة عند مناقشة الصلة بين "النموذج الليبي" والحالة الإيرانية. وهذا ما يقودنا إلى عدد من الفروق الأساسية بين الحالتين.

يتمتع برنامج إيران النووي بطابع مؤسسي إلى حد كبير، ما يجعل تفكيكه غير ممكن سياسيا وفنيا

أولا: الاختلاف الشاسع في طبيعة البرنامجين. كانت طموحات ليبيا النووية في مهدها خلال عهد معمر القذافي مقارنة ببرنامج إيران الراسخ. كان برنامج ليبيا أشبه بـ"برنامج مُغلف". وبعبارة أخرى، لم يكن سوى مجموعة أجهزة طرد مركزي مستوردة، وتصاميم أسلحة مُشتراة من شبكة عبد القدير خان، ولم يكن أي منها قيد التشغيل. في المقابل، تمتلك إيران بنية نووية محلية بُنيت على مدى عقود، تشمل: أجهزة طرد مركزي (نماذج قيد التشغيل ومتطورة مثل IR-6)، ومخزونات من اليورانيوم المخصب (بدرجة نقاء 60 في المئة، تقترب من المستويات المستخدمة في صنع الأسلحة)، وخبرة محلية في استخراج اليورانيوم، وإنتاج الوقود وتصميم المفاعلات. وعلى عكس برنامج ليبيا المعتمد على الخارج، فإن برنامج إيران يتمتع بطابع مؤسسي إلى حد كبير، ما يجعل تفكيكه غير ممكن سياسيا وفنيا.

ثانيا: اختلاف التحالفات الجيوسياسية والنفوذ الإقليمي للدولتين. إن عزلة ليبيا الدولية في عام 2003 تتناقض تناقضا صارخا مع شبكة حلفاء إيران الإقليميين والدوليين. ففي عامي 2003 و2004، واجهت ليبيا في عهد القذافي عزلة شبه تامة بعد عقوبات تفجير لوكيربي، حيث افتقرت إلى حلفاء مهمين خارج نطاق العلاقات التجارية مع الدول الأفريقية. فيما تحافظ إيران اليوم على شراكات استراتيجية مع روسيا والصين. ورغم أن موقعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، تأثر بشدة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا وهزيمة كل من حليفيها الرئيسين: "حزب الله" في لبنان و"حماس" في غزة، فإنها ليست معزولة تماما في المنطقة. فهي في خضم عملية تطبيع مع دول الخليج العربية ومصر. كما أنها تحافظ على علاقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع جيرانها، وفي مقدمتهم تركيا وباكستان. والأكثر أهمية، جاء تفكيك برنامج ليبيا في الوقت الذي هيمنت فيه الأحادية الأميركية على السياسة العالمية بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول.

أما اليوم، فالتعددية القطبية تسمح لإيران بالاستفادة من الدعم الصيني الروسي في مواجهة الضغوط الغربية، كما يتضح من استمرار صادراتها النفطية على الرغم من العقوبات المفروضة عليها. واليوم تعمل إيران- بخبرتها النووية المؤسسية، وشبكة تحالفاتها، وقدرتها المتزايدة على الصمود في وجه العقوبات- في بيئة استراتيجية متغيرة، حيث يصبح تفكيك برنامجها استسلاما أكثر منه أمانا.

ثالثا: في حين كانت ليبيا تسعى جاهدة للتخلص من برنامجها، فإن موقف إيران يستند إلى حسابات استراتيجية مغايرة. كان قرار ليبيا في عام 2003 نابعا من مخاوف وجودية: فقد لعب غزو العراق دورا في إقناع القذافي، بأن أسلحة الدمار الشامل سوف تجعل منه هدفا بدل أن تكون رادعا. وكانت العقوبات قد خفضت عائدات النفط الليبية بنسبة 80 في المئة، ما أدى إلى شلل شبكات المحسوبية التابعة للنظام، وافتقارها إلى المرونة المؤسسية، وانصبت أولوية القذافي على الإبقاء على نظامه بدل الحفاظ على الهيبة النووية.

أما في حالة إيران، فهي لا ترزح تحت وطأة هذا النوع من الضغوط. فعلى الرغم من العقوبات، بلغ حجم التجارة غير النفطية مع الصين 20 مليار دولار في عام 2023، وفي الوقت نفسه تقدم لها روسيا التعاون العسكري التقني. ومن جانب آخر، يتمتع البرنامج النووي بدعم من مختلف الأطياف الداخلية كرمز للسيادة التكنولوجية، وأخيرا، ينظر القادة الإيرانيون إلى القدرة النووية كضمان أمني ضد التدخل الأجنبي، وخاصة بعد انهيار ليبيا عام 2011.

رابعا: دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية. إن تعامل الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع ليبيا وإيران يسلط الضوء على مسارات متباينة. ففي حالة ليبيا، اقتصر دور مجلس محافظي الوكالة، على اعتماد قرار دون أي متابعة، ولم تشارك أمانته في تفكيك البرنامج. أما في حالة إيران، فقد انخرطت الوكالة ومجلس محافظيها في هذا الشأن منذ الكشف عن مزاعم حول الطبيعة العسكرية المحتملة للبرنامج عام 2003. ومنذ ذلك الحين، تراقب الوكالة ومجلس محافظيها عن كثب امتثال إيران للقرارات الكثيرة المتخذة. وقد أجرت عمليات تفتيش عديدة، وطبقت إيران طواعية البروتوكول الإضافي لاتفاقية ضمانات الوكالة. باختصار، ثمة علاقة ممتدة، وإن كانت إشكالية، بين إيران والوكالة. وبالتالي، من غير المعقول ألا تشارك الوكالة في أي مراقبة مستقبلية للبرنامج الإيراني. وعلاوة على ذلك، كان امتثال ليبيا شرطا مسبقا لتخفيف العقوبات، في حين كانت التنازلات التدريجية، التي قدمتها إيران بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة مرتبطة بشكل متبادل برفع العقوبات ،وهو إطار يتعارض مع مطالب التفكيك أحادية الجانب.

خامسا: يختلف المشهد الاستراتيجي لعام 2025 تماما عما كان سائدا عام 2003. فقد تلاشى السياق العالمي الذي مكّن من تفكيك برنامج ليبيا. وكان تدخل حلف "الناتو" في ليبيا عام 2011، الذي جرى تقديمه كمهمة إنسانية ثم أصبح أداة لتغيير النظام، سببا في ترسيخ اعتقاد طهران بأن نزع سلاحها النووي ينذر بالخطر. كما أن التطورات في الحرب الإلكترونية (مثل ستوكسنت) وتكنولوجيا الطائرات من دون طيار قللت من أهمية البنية التحتية المادية، وهو الأمر الذي مكّن إيران من الحفاظ على زمن الاستجابة دون اللجوء إلى التسليح العلني.

من غير المعقول القبول بامتلاك إسرائيل للأسلحة النووية، وحرمان أي دولة أخرى في الشرق الأوسط. ومن الأمثلة على ذلك إصرار المملكة العربية السعودية، في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة على امتلاك القدرة على تخصيب اليورانيوم

سادسا، وأخيرا: هناك مسألة ازدواجية المعايير، التي اكتسبت أهمية إضافية نتيجة للأزمتين في كل من أوكرانيا وغزة. فمن غير المعقول القبول بامتلاك إسرائيل للأسلحة النووية، وحرمان أي دولة أخرى في الشرق الأوسط من مجرد حقها في تطوير برنامجها النووي المحلي، بما في ذلك إنتاج وقودها الخاص. ومن الأمثلة على ذلك إصرار المملكة العربية السعودية، في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة على امتلاك القدرة على تخصيب اليورانيوم.

وبينما تعقد محادثات غير مباشرة في عُمان وروما بين الولايات المتحدة وإيران، من الصعوبة بمكان تحديد مدى التقدم. يبدو أن كلا الجانبين حريص على إعطاء انطباع إيجابي إلى حد ما. لكن وفي الوقت نفسه، صدرت عن الولايات المتحدة، عدة تصريحات متضاربة. وقد تراوحت بين "عدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية" وعدم السماح لها بإنتاج الوقود النووي المخصب، وتطبيق نموذج ليبيا، أي التفكيك الكامل.

أما إسرائيل، وهي طرف رئيس في هذه المعادلة، فتدفع باتجاه تطبيق نموذج ليبيا، سلميا أو عسكريا. وفي الوقت نفسه، يبدو أن إيران حريصة على التوصل إلى اتفاق قد يفضي إلى تخفيف العقوبات، ولكن ليس بأي ثمن، وبالتأكيد ليس بالتخلي عن التخصيب. في أبريل/نيسان، أعلن كمال خرازي (رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني) أن: "النموذج الليبي ليس سوى مزحة. لقد تعلمنا من خطأ القذافي - نزع السلاح أدى إلى إعدامه. التقدم الذي أحرزناه في المجال النووي أمر لا رجعة فيه".

أ ف ب
الرئيس مسعود بزشكيان (الثاني من اليمين) ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي (يمين) خلال "اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية"، في طهران، في 9 أبريل 2025

وفي حين أنه من الصعب التنبؤ بكيفية سير المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أننا بحاجة إلى أن نضع في اعتبارنا ثلاثة تواريخ، يمكن أن تؤثر على العملية. يتزامن الأول مع زيارة ترمب المقررة للخليج في مايو/أيار. و الثاني هو عند انتهاء مهلة الستين يوما التي حددها ترمب، والتي تبدأ منذ لحظة تسليم الرسالة إلى إيران في أول مايو أو تبدأ في أواخر مايو، في حال اعتبار بدء المحادثات في عمان كنقطة بداية للمهلة. وأخيرا 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، عندما ينتهي العمل ببند "سناب باك" أو الرد السريع في قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي أيد خطة العمل الشاملة المشتركة. وبموجب هذا البند، إذا انتهكت إيران التزاماتها، فمن الممكن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة بسرعة دون الحاجة إلى موافقة مجلس الأمن بالإجماع.

من المؤكد أن أوائل مايو/أيار مبكر جدا للتوصل إلى اتفاق، وربما يكون الالتزام بأواخر مايو أمرا صعبا أيضا. ويظل أكتوبر أكثر واقعية، شريطة ألا تبادر إسرائيل بالهجوم، كما تعتقد الاستخبارات الأميركية.

في الختام، يواصل صقور الولايات المتحدة وإسرائيل، استحضار النموذج الليبي، بيد أن هذه المقاربة لا تمت للواقع بصلة. فقدرات إيران النووية، وتحالفاتها الإقليمية، والدروس المستفادة من انهيار ليبيا، تجعل مطالب نزع السلاح أحادية الجانب عديمة الجدوى. ولكي يبصر أي مسار قابل للتطبيق النور، لا بد من تقديم تنازلات تدريجية (مثل تخفيف العقوبات مقابل وضع قيود على التخصيب) ومعالجة مخاوف طهران الأمنية. وهذا في جوهره مطابق لخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 التي انسحب منها ترمب.

وأخيرا، لن تنجلي الضبابية المحيطة ببرنامج إيران النووي، إذا لم تُعالج مسألة امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية بهدف الوصول إلى نظام أمني إقليمي يؤسس لمنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

font change