ترددت مؤخرا دعوات جديدة لتطبيق "النموذج الليبي" كنهج للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وهو ما يعني في جوهره تفكيك البرنامج بالكامل. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أطلق مثل هذه الدعوات عام 2012، حين صرح أن "السبيل لوقف إيران، يتلخص في إدراكها أنها ستواجه تهديدا عسكريا حقيقيا... كما حدث مع ليبيا... إذا أردتم رؤية ما يحدث لدولة تتخلى عن الأسلحة النووية، فانظروا إلى ليبيا". وفي عام 2018، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب قولا شبيها حين ذكر أن "القذافي تخلى عن برنامجه النووي... وعلى إيران الآن أن تحذو حذوه".
في الثامن من أبريل/نيسان الماضي، كرر نتنياهو معارضته للبرنامج النووي الإيراني، وأعلن أنه على الرغم من إمكانية التوصل إلى اتفاق دبلوماسي، "يجب أن يكون على غرار الاتفاق الليبي".
وعلى الرغم من أن إسرائيل لجأت على مر السنين إلى تضخيم القدرة العسكرية النووية الإيرانية، بهدف حشد الضغوط الدولية على برنامجها النووي، ينبغي للمرء هذه المرة أن لا يولي أهمية كبيرة لكلمات نتنياهو. فمنذ بداية أزمة غزة عام 2023، تسعى إسرائيل إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط، بما يخدم مصالحها الاستراتيجية. وأهمها تغيير النظام في إيران، وهو النتيجة التي يبدو أن إسرائيل، تعتقد أنها ستنجم عن ديناميكية داخلية يطلق شرارتها هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية.
بيد أن ضمان نجاح أي ضربة عسكرية إسرائيلية، يحتاج دعما حقيقيا من الولايات المتحدة. ورغم أن واشنطن لم تلتزم بدعم إسرائيل في هذا المسعى، وقد أوضحت أنها تدعم الدبلوماسية، لكنها مستعدة أيضا لاتخاذ إجراء عسكري. وفي الوقت نفسه، لا يزال موقف واشنطن بشأن البرنامج الإيراني مبهما، ويتراوح من مطالبة إيران بتفكيك برنامجها النووي، إلى مجرد رفضها إنتاج إيران للوقود النووي الخاص بها سواء عن طريق التخصيب أو إعادة المعالجة.
وعلى الرغم من هذا الخطاب، فالدعوات لتطبيق "النموذج الليبي" في إيران تخطئ بشكل أساسي في الحكم على الحقائق الجيوسياسية والتقنية والاستراتيجية المتعلقة بكل من ليبيا وإيران.
سمحت لي الظروف أن أكون شاهدا مباشرا على "اندفاع" ليبيا لتفكيك برنامجها النووي. وخلال الفترة من 2003 إلى 2007، كنت الممثل المقيم لمصر لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، وعضوا في مجلس محافظيها. وقد تزامنت تلك المرحلة أيضا مع ذروة الاهتمام الدولي بالبرنامج النووي الإيراني.