تتميز البنية الأسلوبية لروايات زهران القاسمي بالقدرة على التقاط العادي وتحويله إلى حدث استثنائي، حيث يستند في رواياته على تفاصيل البيئة العمانية المحلية، مع إعادة تشكيلها بلغة مشبعة بالشعرية. يذهب القاسمي إلى الغرائبي من باب الضرورة السردية التي تكشف ما هو أعمق من الحكاية الظاهرة: كنه النفس وقلق الإنسان والعلاقة الغامضة بين الفرد ومجتمعه، بين الذاكرة والواقع، وبين الطبيعة والوعي.
أسلوبه يعتمد على الاقتصاد اللغوي الدقيق، وجمله قصيرة ومكثفة تفيض بالتأويل والإدهاش.
بعد نجاح روايته "تغريبة القافر" (2021)، يعود القاسمي ليتوغل في أعماق النفس البشرية، مجسدا الخوف ككيان يسيطر على الوجود، وذلك في روايته الجديدة "الروع"، الصادرة عن دار "مسكيلياني" في تونس، والتي يستكشف فيها ثنائية الخوف والواقع، حيث تتحول الهواجس الداخلية إلى قوى مؤثرة تغير مصائر الشخصيات والمجتمع.
لغة بصرية حادة
يعتمد القاسمي في الرواية، الواقعة في 154 صفحة من القطع المتوسط، على حبكة تصاعدية تبدأ بحدث استثنائي- صرخة محجان وسط القرية- لينطلق منها إلى سلسلة من التحولات النفسية والمجتمعية. وبسرد متدرج وسلس، يتلاعب الكاتب بالإيقاع الزمني، متنقلا بين الماضي والحاضر، ليكشف عن خلفيات الشخصيات تدريجيا مما يعزز عنصر التشويق.
و"محجان" هو لقب بطل الرواية، إذ أن اسمه "عبيد بن ربيع"، لكنه لقب بمحجان، لأنه "يشبه (محجان) الراعيات، تلك العصا الطويلة التي يخبطنَ بها أوراقَ الأشجار العالية لتتساقط إطعاما للماشية. فما إن أكملَ سنوات طفولته حتى صار أطولَ مَن في القرية".
يعتمد الكاتب أيضا على السرد النفسي العميق، ناقلا مشاعر الشخصيات عبر أفعالها ووعيها الداخلي، مما يجعل القارئ شريكا في تجربة الخوف. وهو بذلك يخلق توترا سرديا بارعا، يجعل الأحداث تتطور بشكل منطقي لكنها في الوقت ذاته مليئة بالغموض المحبب.