من "حوش آل حوا" العائلي في مدينة عكا، إلى رأس بيروت، فقلعة الشقيف الصليبية المطلة من جنوب لبنان على شمال فلسطين والمستعمرات الإسرائيلية... وصولا إلى لندن، ترتسم ملامح ومحطات من المأساة الفلسطينية - اللبنانية في سيرة عائلية افتراضية أو متخيلة كتبها مروان طراف لمن سماهما جلال ورتيبة حوا، مستعيرا كنيتهما هذه من عائلة معروفة في عكا، واقتلعت نكبة 1948 الفلسطينية شطرا منها وهجرته إلى بيروت.
حكاية سينمائية
في مناسبة مرور 50 سنة على الحروب الأهلية اللبنانية والفلسطينية الإقليمية التي بدأت في العام 1975، نشر طراف هذه السيرة في كتاب ("دار رياض الريس"، بيروت، 2025) عنونه "لعنة باب عكا"، ووسمه باعتباره رواية. وهو ليس برواية. بل حكاية ألفها طراف (لبناني جنوبي مولود في العام 1969) بهدف تحويلها سيناريوا لفيلم سينمائي. وقال في لقائنا به ببيروت إنه ليس بكاتب أصلا. بل عمل مصورا يراسل وكالات صحافية في حروب كثيرة. وهذا قبل تفرغه لإخراج وإنتاج أفلام وثائقية عرضتها محطات تلفزيونية عربية وغربية. ومن ثم تخلى عن هذه المهنة، واشترى وكالة تسويق الدراجات النارية "هارلي ديفرسن" في لبنان. وهي لهواة الرحلات السياحية الترفيهية. لكنه لم يتخل عن احتمال تصوير ما كتبه فيلما سينمائيا، إذا توافرت له ظروف الإنتاج والتسويق.
أما خياره تقصي محطات ومسارات وفصول من المأساة الفلسطينية - اللبنانية، فنابع من عوامل عدة:
- تأثره بالظلم الكبير الذي وقع ويقع على الفلسطينيين.
- منبته العائلي في قرية حدودية بجنوب لبنان، تدعى بلاط قرب مرجعيون، وذاق أهلها مرارات الاعتداءات الإسرائيلية.
- معايشته بعض فصول الحروب اللبنانية.
- كون بعض أقاربه، الذين يكبرونه بجيل، محازبين ومقاتلين شيوعيين. وهو على معرفة حميمة بهم وبسيرهم، وتأثر بتوجهاتهم السياسية.
- وراثته عن جده لأمه منزلا قديما على أطراف قرية أرنون على رابية قريبة من قلعة الشقيف الصليبية الأثرية. وترميمه المنزل الذي قصفته إسرائيل في حربها الأخيرة على "حزب الله" ولبنان.
- علاقته الحميمة بأرنون وبالقلعة التي وقعت فيها مواجهات بين القوات الإسرائيلية التي اجتاحت لبنان صيف 1982، وبين مقاتلي "كتيبة فتح الطلابية" الذين كانوا يرابطون في القلعة في ذاك الصيف.
من مصادر عدة جمع طراف مادة كتابه عن نزوح عائلات فلسطينية إلى رأس بيروت العام 1948، وعن "كتيبة فتح الطلابية" التي كان يقود مقاتليها في قلعة الشقيف علي أبو طوق (1950 - 1987) صيف 1982، عندما تمكنت إسرائيل من ترحيل قوات منظمة التحرير الفلسطينية وقادتها من لبنان. وقتلت حركة "أمل" أبو طوق في مخيم شاتيلا، أثناء حصارها المخيمات الفلسطينية بلبنان وحربها المدمرة عليها (1985- 1988).