منذ الانفصال بين الهند وباكستان عام 1947، بقيت العلاقة بينهما مشدودة تتأرجح بين هدنة مؤقتة واشتباك دائم. وكانت قضية كشمير، منذ البداية، شرارة لا تنطفئ، تتسبب في حروب متكررة وأزمات ديبلوماسية حادة. لكن ما يضفي طابعا فريدا وخطيرا على التوتر القائم اليوم، هو اقتران هذا الصراع التاريخي بامتلاك الطرفين أسلحة نووية، ومعه بات السؤال المحوري: إلى أين يمكن أن تصل الأمور إذا خرجت عن السيطرة؟
قبل أكثر من ربع قرن، وتحديدا في مايو/أيار من عام 1998، وفي عمق صحراء ثار، الجافة الشديدة الحرارة بالقرب موقع تجارب بوخران بولاية راجستان، أعلنت الهند دخولها رسميا نادي الدول النووية، تحت الاسم الرمزي "عملية شاكتي" التي تعني "القوة".
فجرت الهند خمس قنابل نووية، في خطوة قلبت موازين الأمن في جنوب آسيا، وأثارت عاصفة من ردود الفعل الدولية.
لكن القصة لم تبدأ في 1998، إذ تعود جذور البرنامج النووي الهندي إلى عام 1945، عندما أسس الفيزيائي الشاب هومي بهابها معهد "تاتا للبحوث الأساسية"، بمساعدة من مجموعة "تاتا" الصناعية. بعد الانفصال، وضعت الحكومة أول لبنة تشريعية للبرنامج النووي عبر "قانون الطاقة الذرية" عام 1948، ثم أسست "هيئة الطاقة الذرية الهندية".
وفي عام 1974، أجرت الهند أول تجربة نووية تحت اسم "بوذا المبتسم". ورغم إعلانها كتجربة "سلمية"، إلا أنها أشعلت قلقا دوليا، وأدت إلى إنشاء مجموعة "مزودي المواد النووية" التي فرضت قيودا على التعاون النووي مع نيودلهي.
ضغوط دولية
خلال العقود التالية، عانى البرنامج النووي الهندي من الضغوط الدولية والعقوبات، خصوصا مع وفاة بهابها، وحالة عدم الاستقرار السياسي الداخلي. رغم ذلك، واصلت الهند بناء بنيتها التحتية النووية، وفي الثمانينات أطلقت برامج موازية لتطوير الصواريخ وتخصيب اليورانيوم، بفضل جهود علماء مثل عبد الكلام وتشيدامبارام.
في التسعينات، كانت الهند تمتلك المواد والمكونات الكافية لصناعة عدد من القنابل النووية، لكنها لم تُجرِ أي تجارب جديدة. في عام 1998، ومع عودة حزب "بهارتيا جاناتا" بقيادة أتال بيهاري فاجبايي إلى الحكم، تغير كل شيء، إذ كان فاجبايي صريحا في نيته تسليح الهند نوويا، معتبرا ذلك "حقا سياديا" و"ضرورة دفاعية".