كلما اقترب موعد إجراء الانتخابات في العراق (من المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر/تشرين الثاني) ندخل في دوامة من السجالات تروجها لنا الطبقة السياسية وتبدأ حاشيتها بالتطبيل لها في وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الفضاء الإعلامي. وهذه المرة يبدو أن بعض العناوين السياسية اختارت العودة إلى الطائفية. ورغم أنها لم تغادرها أبدا، فإنها تعمل على إصدار نسخ جديدة ومحدثة في خطاباتها السياسية التي تستحضر حق المكون الشيعي الأكبر، أو تهميش المكون السني.
بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أخذت حمى الطائفية بالتصاعد. وبدأت الترويج لانعكاس التغيير في سوريا على الأوضاع في العراق. وكانت خطابات التخويف تقوم على مقارنة مغلوطة ولكنها تتغذى على توظيف الخوف من خسارة "المكاسب السياسية" للمكون الطائفي الأكبر.
المغالطة هنا، لا تريد الاعتراف بأن سوريا كانت محكومة في عهد بشار الأسد بالحديد والنار من قبل نظام ديكتاتوري كان يحاول تحصين نفسه من خلال حاشية وأتباع يرتبطون معه بدوائر النفوذ والسلطة قبل الانتماء الطائفي. وهذا ما كان يحصل في العراق في عهد النظام السابق. ولكن، من كان يحمل السلاح للدفاع عن نظام حكم بشار الأسد لا يريد الاعتراف بهذا الواقع، ويريد الإصرار على أن تدخله في سوريا كان ضمن رفع شعار دفع الخطر عن "مكتسبات الطائفة وحماية مراقدها". ومن ثم، فإن العودة إلى دعاية المخاوف الطائفية هو للتغطية على فشل دعاية ومبررات تدخّل جماعات السلاح العراقية في دعم حكم بشار الأسد.
في المقابل، هناك خطابات لشخصيات سياسية سنية، بدأت تقدم دعاية ترويجية مجانية لأصحاب الخطاب الطائفي المتخوف من انعكاس التغيير في سوريا على العراق. وتروج لضرورة إعادة التوازن السياسي في التمثيل الطائفي، حتى لا يتم تكرار السيناريو السوري في العراق!
والمغالطة هنا، أن مشاركة القوى السياسية السنية في تجربة الحكم بعد 2003 واضحة وصريحة. فكل القوى شريكة في هشاشة النظام السياسي وغياب فاعلية مؤسساته، وتقاسم اقتصاد الدولة الريعي بينها. ولكن الفارق الوحيد أن بعض القوى السياسية الشيعية تفرض نفوذها السياسي بثلاثية السلاح والسياسة والفساد، وبعض القوى السياسية السنية بقيت على ثنائية السياسة والفساد.