تزخر الجمهورية العربية السورية بمصادر متعددة كامنة وإمكانات اقتصادية وازنة مثل الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات، والموقع الجغرافي والسياحة. وكانت سوريا تنتج القمح في الخمسينات، وتصدر منها كميات لا بأس بها من القمح القاسي والطري، وكذلك منتجات أخرى من الفواكه والزيتون والزيت والجلود والمفروشات المنزلية. وكانت هناك الحرف التي يعمل بها الصناع والحرفيون في قطاع النسيج والأقمشة، فضلا عن وجود شركات ومعامل من القطاع الخاص، ازدهرت في تلك الفترة.
لكن مع حلول فترة الستينات وتغير نظام الحكم، واتباع سياسة رأسمالية الدولة، بمعنى سيطرتها على قوى الإنتاج في المجتمع، استولت الدولة على كل شيء، وتسلمت الإدارة فيها قيادات تفتقر إلى العلم، واعتمدت الحزبية والانتماء كوسيلة للوصول إلى المناصب.
لكن، ما علاقة ذلك بموضوع النفط في سوريا؟
الإجابة هي أن الكل متصل بالكل، ولقضية النفط السوري شجون أيضا تعود إلى نهاية الخمسينات حين جاءت شركات صغيرة غير معروفة في عالم النفط ولا يعتد بها، لأن النفط كان حكرا على الشركات السبع العملاقة والمعروفة، وهي ثلاث شركات أميركية، وواحدة بريطانية-نروجية، وأخرى فرنسية. اكتشفت هذه الشركات النفط الغزير في العراق وإيران وفي المملكة العربية السعودية والكويت وليبيا والجزائر وفنزويلا وفي الإمارات والبحرين وقطر.
أما سوريا، فعلى ما يبدو، لم تدخل في اهتمام هذه الشركات لسبب بسيط أن "شركة النفط العراقية" (إيه. بي. سي.) نقبت في منطقة الفرات السورية ووجدت أن الموضوع لا يستحق المغامرة. لكن شركتين صغيرتين هما "كونكورديا" و"منهل" تم السماح لهما بالعمل بمحاذاة العراق، شمال شرق سوريا، في منطقة السويدية ورميلان وكراتشوك.