قمة "مجموعة السبع"... صدام حول بوتين وحرب إسرائيل وإيران

ترمب غادر قبل يوم من انتهائها

أ ف ب
أ ف ب
قادة "مجموعة السبع" في صورة جماعية في ملعب كاناناسكيس الريفي للغولف في كاناناسكيس، كندا

قمة "مجموعة السبع"... صدام حول بوتين وحرب إسرائيل وإيران

أوتاوا- هيمنت الحرب بين إسرائيل وإيران على قمة "مجموعة السبع" في كندا، حيث ظهرت صعوبة الوصول الى موقف موحد، جراء عدم موافقة الرئيس دونالد ترمب على مسودة بيان تدعو الى "خفض التصعيد"، لكنها تؤكد ان ايران "لن تملك سلاحا نوويا أبدا". كما ظهر خلاف ازاء حرب أوكرانيا ودور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المجموعة التي تضم الدول الصناعية الكبرى في العالم.

وواجهت "مجموعة السبع" صعوبة في إيجاد موقف موحد بشأن النزاع في أوكرانيا وبين إسرائيل وإيران، إذ عبر الرئيس دونالد ترمب صراحة عن دعمه لبوتين وفرض رسوما جمركية على كثير من الحلفاء الحاضرين.

التوترات الجيوسياسية

واجتمع زعماء دول مجموعة السبع، وهي بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الأوروبي، في منتجع كاناناسكيس في جبال روكي الكندية منذ الأحد وحتى الثلاثاء.

ويُعتبر أعضاء "مجموعة السبع" أكبر الاقتصادات المتقدمة في العالم. ويمثل رؤساء المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية، الاتحاد الأوروبي، في جلسات قمم المجموعة.

وقد نشأت المجموعة عام 1975، وأصبحت منذ ذلك التاريخ ملتقى رسميا بارزا لمناقشة وتنسيق الحلول المتعلقة بكبرى القضايا العالمية، وخصوصا في ميادين التجارة، والأمن، والاقتصاد، والتغير المناخي.

وفي الذكرى الخمسين لنشأة المجموعة، عقدت القمة لعام 2025 في كندا، في منتجع كاناناسكيس في جبال روكي، على بُعد حوالي 90 كيلومترا غرب مدينة كالغاري في مقاطعة ألبرتا، لمناقشة التحديات العالمية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية في العالم. وهذه هي المرة السابعة التي تستضيف فيها كندا قمة المجموعة. وحضر بعض فعاليات القمة بين 15 إلى 17 يونيو/حزيران، قادة من أوكرانيا، والمكسيك، والهند، وأستراليا، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية، والبرازيل، بالإضافة إلى ممثلين عن "الناتو" والأمم المتحدة والبنك الدولي.

وتحظى مشاركة الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم باهتمام خاص، إذ تمثل بلادها في أول اجتماع مباشر لقادة أميركا الشمالية منذ أن هددت حروب ترمب التجارية اتفاق التجارة الحرة (CUSMA) الذي سيُراجع العام المقبل.

وركزت القمة على التوترات الجيوسياسية، إذ خيمت عليها أجواء صراع تتسع رقعته في الشرق الأوسط، والحرب التجارية التي لم تُحسم بعد بين الرئيس ترمب وحلفائه وخصومه على حد سواء.

وقال السيناتور الكندي بيتر بوم، الدبلوماسي السابق الذي لعب دورا محوريا في مشاركة كندا في "مجموعة السبع" لعقود من الزمن، إنه جرى إبلاغه بأن القمة ستستمر مدة أطول من المعتاد لإعطاء الوقت لعقد اجتماعات ثنائية مع الرئيس الأميركي.

أزمة الشرق الأوسط

وهيمنت قضايا الشرق الأوسط، خاصة في ضوء الحرب بين إيران وإسرائيل، على النقاشات، حيث تسعى الدول الأعضاء إلى صياغة موقف موحد حيال هذه الأزمات، مع التركيز على ضمان الاستقرار الإقليمي. وسعى كبار مسؤولين الدول المشاركة إلى صدور بيان يدعو بوضوح إلى خفض مستوى التصعيد واتباع مسار دبلوماسي لتفادي انفلات الأوضاع في الشرق الأوسط.

غيتي/أ.ف.ب
قادة قمة "مجموعة السبع" أثناء محادثات اليوم الأول

وقال مسؤول أميركي، عشية القمة، إن ترمب لن يوقع على مسودة بيان يدعو إلى تهدئة الصراع الإسرائيلي -الإيراني، وهذا ما حصل. وأكد القادة في البيان: "نؤكد أن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها. أكدنا بوضوح أن إيران لن تملك سلاحاً نووياً أبداً". وأضافوا: "نشدد على أن يؤدي حل الأزمة الإيرانية إلى خفض التصعيد (...) في الشرق الأوسط، بما يشمل وقف إطلاق النار في غزة".

وغاد ترمب قبل يوم من الموعد المقرر لذلك بسبب الوضع في الشرق الأوسط. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن ترمب قدم عرضا لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. لكن ترمب كتب على منصة "تروث سوشال"، "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المحب للدعاية الشخصية، قال خطأ إنني غادرت قمة مجموعة السبع في كندا لأعود إلى واشنطن للعمل على وقف إطلاق نار بين إسرئيل وإيران. هذا خطأ. لا يملك أي فكرة عن سبب عودتي إلى واشنطن، لكن بالتأكيد لا علاقة له بوقف إطلاق نار. بل أكبر من ذلك بكثير. إيمانويل يخطئ الفهم دائما. أبقوا على السمع".

وكان ترمب قد حث الإيرانيين على "إخلاء طهران فورا". وجدد القول إنه كان ينبغي على إيران توقيع اتفاق نووي مع الولايات المتحدة.

في آخر مرة استضافت فيها كندا القمة، عام 2018، غادر ترمب القمة قبل أن يندد برئيس الوزراء الكندي آنذاك جاستن ترودو، واصفا إياه بأنه "غير أمين وضعيف للغاية"

كما بقي موضوع دعم أوكرانيا ضد روسيا محورا رئيسا، مع مناقشات حول تعزيز المساعدات العسكرية والمالية، بما في ذلك استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم كييف. 

وكان لافتا قول ترمب قبل بدء القمة، استبعاد روسيا من مجموعة الثماني قبل أكثر من عقد بأنه "خطأ". وشكل تصريح ترمب العلني بدعم بوتين تحديا مبكرا لمجموعة كانت متماسكة فيما مضى، لكنها تجد صعوبة من أجل توحيد صفوفها وسط ميل واشنطن إلى الانعزال.

وفي حديثه إلى جوار رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في اليوم الأول للقمة، قال ترمب إن طرد روسيا من "مجموعة الثماني" السابقة كان خطأ. وكان الأعضاء أخرجوا روسيا من المجموعة في 2014 بعد ضمها شبه جزيرة القرم.

وقال ترمب "كان ذلك خطأ كبيرا... لم نكن لنخوض تلك الحرب. نحن نعلم أن عدونا يجلس إلى الطاولة، وأنا لم أكن أعتبره عدوا في ذلك الوقت"

وتخلت كندا عن مسألة تبني بيان شامل لتجنب تكرار ما حدث في قمة عام 2018 في كيبيك، عندما أصدر ترامب تعليمات للوفد الأمريكي بسحب موافقته على البيان الختامي بعد المغادرة.

كذلك تناقش القمة التوترات مع الصين، خاصة فيما يتعلق "بالإكراه الاقتصادي"، والتوسع في بحر الصين الجنوبي، وتطوير الترسانة النووية. وقد تشهد القمة نقاشات حول استراتيجيات مواجهة النفوذ الصيني دون قطع العلاقات الاقتصادية.

ولطالما كانت كوريا الشمالية هي الموضوع المتكرر على طاولة "مجموعة السبع".

 

سلاسل إمداد المعادن النادرة

ناقشت القمة أيضا تعزيز سلاسل إمداد المعادن النادرة الحرجة لدعم الصناعات التكنولوجية والطاقة المتجددة. كما تتناول قضايا أمن الطاقة في ظل التقلبات العالمية، مع التركيز على التحول نحو الطاقة النظيفة.

وكان مقررا ان أن تركز القمة في بيانها على استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الكمومية لدفع النمو الاقتصادي. وقد تشهد نقاشات حول تنظيم الذكاء الاصطناعي وضمان استخدامه بمسؤولية. كذلك ركزت القمة ايضا على تعزيز الالتزام بأهداف التنمية المستدامة لعام 2030 والتصدي لتغير المناخ، بما في ذلك دعم تمويل المناخ بقيمة 100 مليار دولار سنويا للدول النامية.

 

دور كندا لتجنب الصدام مع ترمب

وسعت كندا التي استضافت القمة جاهدة لتجنب الصدام مع ترمب، وقال رئيس الوزراء الكندي مارك كاني إن أولوياته تتمثل في تعزيز السلام والأمن وبناء سلاسل توريد المعادن المهمة وخلق فرص عمل. كما تسعى كندا لتعزيز التعاون الدولي وتحديد أولويات مثل أمن الطاقة والذكاء الاصطناعي، مما قد يؤدي إلى نتائج ملموسة.

وجدير بالذكر أنه في آخر مرة استضافت فيها كندا القمة، عام 2018، غادر ترمب القمة قبل أن يندد برئيس الوزراء الكندي آنذاك جاستن ترودو، واصفا إياه بأنه "غير أمين وضعيف للغاية"، وأمر الوفد الأميركي بسحب موافقته على البيان الختامي. وحذّر المحللون من تكرار هذا السيناريو واصفين إياه بـ"الكابوس السياسي" لكل من كندا والتحالف الغربي.

قال دبلوماسيون إن كندا تخلت عن فكرة إصدار بيان مشترك شامل، وستصدر بيانات موجزة بدلا من ذلك، أملا في الحفاظ على التواصل مع الولايات المتحدة

كان رئيس الوزراء السابق جان كريتيان قال إنه ينبغي على كبار الشخصيات الحاضرين في قمة قادة "مجموعة السبع" في ألبرتا تجنب الانخراط في خطاب "جنوني" للرئيس ترمب.

وأضاف كريتيان، متحدثا يوم الخميس في مؤتمر في كالجاري، أن القادة لا يستطيعون التنبؤ بما قد يفعله ترمب. وأضاف أن الرئيس قد يكون متنمرا، ومن الأفضل لبقية قادة مجموعة السبع تجاهل أي انفعالات.

وقال رولاند باريس، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة أوتاوا، والذي كان مستشارا للسياسة الخارجية لرئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو: "سيكون هذا اجتماعا ناجحا إذا لم يُحدث دونالد ترمب ثورة تُعطل الاجتماع بأكمله. أي شيء يتجاوز ذلك يُعدّ مكافأة".

ومثلت القمة أول لقاء مباشر بين ترمب وكارني منذ اجتماعهما في البيت الأبيض في مايو/أيار الماضي.

وقال السيناتور بيتر بوم: "أعتقد أن الحفاظ على تماسك هذه المنظمة الدولية غير الرسمية سيكون علامة على النجاح". وأضاف: "إن التحدي الذي أعتقد أننا سنراه في كاناناسكيس هو ما إذا كان لا يزال لدينا تفكير متماثل في مجموعة السبع، وما إذا كان ذلك لا يزال قادرا على إظهار (الوحدة)، من حيث التعامل مع بعض التحديات العالمية الكبرى".

تظل القمة فرصة لتعزيز التعاون الدولي، لكن نجاحها يعتمد على قدرة الدول الأعضاء على التغلب على التحديات الداخلية والخارجية. وتظل "مجموعة السبع" منصة مؤثرة تمثل حوالي 45 في المئة من الناتج القومي العالمي، لكنها تواجه انتقادات بسبب محدودية تمثيلها (عدم وجود دول أفريقية أو من أميركا اللاتينية) وظهور منافسين مثل مجموعة "بريكس".

font change