تعرضت كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلعة إلى تفجير إرهابي، هو الأول من نوعه منذ عام 1860. وقد وجه الإعلام السوري أصابع الاتهام إلى تنظيم "داعش"، وأدت العملية الانتحارية إلى مقتل 13 مواطنا سورياً حتى الساعة، في أكبر تحدٍ للرئيس أحمد الشرع منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
لا يوجد إحصاء لعدد سكان سوريا منذ عام 2011، بعد تجهير الملايين ومقتل مئات الآلاف في المعارك والسجون، ناهيك عن المفقودين ومكتومي القيد والذين ولدوا في مخيمات اللجوء ولم يسجلوا بعد في السجلات السورية. ولكن عدد المسيحيين قد تراجع من 10 في المئة من إجمالي السكان قبل عام 2011 إلى 2 في المئة اليوم، وقد يؤدي هذا التفجير إلى تراجعهم أكثر فأكثر في الأشهر والسنوات المقبلة، مع أن السلطات السورية كانت حريصة جدا على حمايتهم خلال أعياد عيد الفصح الأخيرة، حيث لم يسجل أي اعتداء ضدهم لا في دمشق ولا في بقية المدن السورية.
فتنة عام 1860
حادثة اليوم تعيد إلى الأذهان ما عرف بفتنة عام 1860، يوم داهم الغوغاء الحي المسيحي داخل مدينة دمشق، ليحرقوه ويدمروه بالكامل. كان ذلك بعد اندلاع الفتنة الأصلية في جبل لبنان ذلك العام، بين المسيحيين الموارنة والدروز. بدأت هذه الأحداث الدامية بدمشق مع دخول فتيان المسلمين إلى منطقة باب توما في 7 يوليو/تموز 1860 ورسمهم الصلبان على الأراضي ودوسها بأقدامهم، ما أدى إلى اعتقالهم وإجبارهم على تكنيس الشوارع التي عبثوا بها. صاح أحد الأهالي: "يا مسلمين، يا أمة محمد، المسلمون يكنسون حارة النصارى". اشتد الصراخ والعويل وردّ الجمع بصوت واحد: "يا غيرة الدين" في هذه الأثناء كان الأشقياء و"الزعران" والمرتزقة يتدفقون على منطقة باب توما من كل حدبٍ وصوب، وقد وصل عددهم إلى عشرين ألفا، بالتزامن مع انسحاب القوات العثمانية النظامية من الحيّ المسيحي. في غضون أسبوع، قتل 5000 مسيحي في دمشق، ما بين وافد من لبنان أو ساكن أصلي. أحرقوا جميع الكنائس وتهجموا على الرهبان وقتلوا ثمانية منهم في الساعات الأولى، ثم تهجموا على القنصليات والبعثات التبشيرية البروتستانتية والكاثوليكية، ودير الرهبان الإسباني ودير العازارية الفرنسي والمدرسة الآسية ومقر "أخوات الرحمة" للراهبات، المؤسس قبل أشهر قليلة في دمشق بدعم ماليّ من الإمبراطور نابليون الثالث. إضافة إلى الكنيسة المريمية، هُدم مصلى حنانيا الشهير، ودُمرت كنيسة سلطانة العالم للأرمن الكاثوليك في باب توما، وكنيسة سيدة النياح للروم الكاثوليك في حارة الزيتون، وكنيسة القديس منصور للآباء العازاريين في باب توما، وكنيسة القديس بولس المجاورة لدير الرهبان الفرانسيسكان، وكاتدرائية القديس أنطونيوس المارونية في باب توما، وكنيسة القديس بولس للسريان الكاثوليك في باب شرقي، وكنيسة القديس سركيس للأرمن الأرثوذكس في باب شرقي أيضا. ووصلت يد الإجرام إلى ريف دمشق، حيث دُمرت ثلاثة بيوت مسيحية في وادي بردى، وقُتل خمسة مسيحيين في بلودان وحُرق 52 منزلا. تكرر المشهد ذاته في دمر والهامة وفي معرة صيدنايا وقرية معرونة التي ذُبح 15 من شبابها المسيحيين. وحدهم مسيحيو سرغايا نجوا من الموت بمساعدة أحد الأعيان المسلمين، كما لم يتعرض أحد، لا إلى المسيحيين ولا إلى الكنائس في حي الميدان، خارج سور دمشق.