منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعتمدت الغالبية العظمى من السكان في الحصول على وجبات طعام مجانية على "تكايا" ومطابخ مجتمعية، كانت تعد وجبات يومية متنوعة، خاصة بعدما اضطر السكان إلى النزوح القسري من مناطق سكنهم، وفقدوا منازلهم، وبعضهم كان يفتقد السيولة النقدية، خاصة من كان يعمل بنظام المياومة.
وأُجبر أكثر من مليوني غزي على معاناة الجوع، والإصابة بأمراض مزمنة، نتيجة ممارسات إسرائيلية غير مسبوقة بحقهم على مدى قرابة العامين. أحمد المدهون، ناشط مجتمعي، وخبير في صناعة حملات المناصرة الرقمية، اضطر إلى النزوح مع عائلته، منذ بداية الحرب من شمال القطاع إلى جنوبه، في الأسبوع الثاني للحرب، ومع نزوحه وتجمع النازحين في مراكز إيواء في المستشفيات والمدارس ومناطق عدّة، استغل تجربته بالعمل معهم، خلال الحروب السابقة، حيث عمل متطوعا مجتمعيا في مراكز النزوح خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، وكذلك في العدوان الإسرائيلي خلال عام 2021.
يقول المدهون لـ"المجلة" إنه "تعلم خلال حروب سابقة، كيفية العمل مع النازحين، من خلال مساعدتهم في بناء حملات رقمية، بهدف سفرهم للعلاج بالخارج، وتوفير وجبات طعام لهم، والعمل معهم على تنفيذ أنشطة رياضية ونفسية"، لكنه يصف تجربته بالعمل مع النازحين في الحرب الحالية بالمختلفة عن التجارب السابقة، "فمنذ بداية نزوح الآلاف من السكان في النصف الثاني من أكتوبر عام 2023، وتكدسهم في عدة مناطق من بينها مدينة خان يونس، التي استوعبت العدد الأكبر منهم، وجدنا احتياجا كبيرا لتوفير الطعام، الناس نزحت بدون أي مواد، لا أخذوا غازا أو طناجر أو أكلا أو شربا، وفيه ناس طلعت من غير فلوس، وملجأهم كان إما خيمة أو فصلا مدرسيا غير مجهز لاستمرار الحياة، خاصة إعداد الطعام اليومي لأفراد العائلة. في تلك المرحلة، عمل الكثير من النشطاء المجتمعيين على تجهيز وجبات طعام يومية في مطابخ ومطاعم، بعد الحصول على تبرعات من خلال حملات رقمية، هدفت لتوفير الأموال اللازمة لعملهم، حيث كانت السوق المحلية لا تزال تمتلك مخزونا من المواد الغذائية الأساسية، التي اعتمدوا عليها في إعداد وجبات الطعام، كذلك استمر الأمر معهم بعدما اضطروا إلى النزوح كما سكان القطاع للمرة الثانية بعد مرور عدّة أشهر على الحرب، حيث نزح السكان من خان يونس إلى رفح أقصى الجنوب".
يشير المدهون، إلى أنهم "اعتمدوا في وجباتهم على التنوع في الطعام، حيث شملت الوجبات على الأرز والمعكرونة والعدس، وأحيانا اللحوم والخضراوات والبيض، وذلك بهدف أن تكون الوجبات متنوعة ومتناسبة مع احتياجات السكان من الناحية الصحية والجسدية، وشهرا بعد شهر من العمل المستمر، تخلله إغلاق للمعابر، ومنع لدخول المواد الغذائية الأساسية، ما اضطرهم أحيانا إلى تخفيض كميات الوجبات اليومية أو عدم القدرة على التنوع، حتى بدأ الكثير من مؤسسات الإغاثة الدولية، العمل على توفير المواد الأساسية فقط، من خلال التنسيق مع الجيش الإسرائيلي لدخولها".