بعد إغلاق إسرائيل للمعابر مع قطاع غزة قرابة 90 يوما بشكل متواصل، سمحت الحكومة الإسرائيلية بدخول 957 شاحنة تابعة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ومحملة بالمساعدات الإنسانية من ضمنها الطحين ومواد غذائية ومعدات طبية وأدوية، وذلك على مدار الأسبوعين الأخيرين من شهر مايو/أيار الماضي، مقسمة على أيام الأسبوعين بشكل متتالٍ.
هذه البيانات الواردة عبر حساب المنسق الإسرائيلي على شبكة "فيسبوك"، والتي ادعى توريدها إلى المنظمات الدولية، لم تصل معظمها إلى وجهتها الصحيحة بسبب السرقات التي تعرضت لها الشاحنات في مناطق تقع غالبيتها ضمن السيطرة الإسرائيلية، من قبل عصابات محلية.
بدأ توريد الشاحنات التي تحمل الطحين ومستلزمات إنتاج الخبز، في 19 مايو/أيار الماضي، حيث وصلت غالبية الشاحنات إلى مخازن 5 مخابز في وسط وجنوب قطاع غزة فقط، وهي تتعاقد مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لإنتاج الخبز وتوزيعه على السكان من قبل فرق تابعة للبرنامج، إلا أن الطريقة التي اعتمدها البرنامج في عملية الإنتاج والتوزيع، وفق الشروط الإسرائيلية المفروضة على البرنامج مؤخرا، لم تنجح بسبب الجوع والحاجة الماسة التي وصل لها السكان بعد إغلاق المعابر ثلاثة أشهر متواصلة، ما اضطر أصحاب المخابز لإعلان توقفهم عن العمل بعد يومين فقط من تجربة الآلية الجديدة نتيجة تدافع السكان وعدم فرض السيطرة على آلية التوزيع، ما زاد من تفاقم الأزمة التي رسمتها وتابعت تنفيذها الحكومة الإسرائيلية على مدار الأشهر الماضية.
استمر إعلان الجيش الإسرائيلي عن دخول الشاحنات التي أصبحت عرضة للسرقات، وذلك بالتزامن مع إصدار الجيش أوامر إخلاء واسعة للسكان شملت أكثر من 70 في المئة من مساحة القطاع، وأصبح أكثر من مليوني فلسطيني مجبرين على النزوح والتمركز في مناطق ساحلية مكتظة غرب مدينة غزة ومخيم النصيرات ومدينة دير البلح ومدينة خانيونس، فيما أصبحت مناطق "مدينة رفح جنوبا، وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمالا، وشرق المحافظة الوسطى ومدينة خانيونس"، جميعها مناطق قتال خطيرة يُمنع على السكان الوجود داخلها.
ولتوضيح العلاقة بين عمليات السرقة والنهب للشاحنات وأوامر الإخلاء، أجبر الجيش الإسرائيلي سائقي الشاحنات على اتباع طرق محددة هو من يقررها، حسب ما أفاد ثلاثة من السائقين لـ"المجلة"، أولها كان الطريق الساحلي غرب مدينة رفح مرورا بالطريق الساحلي المكتظ بالنازحين غرب خانيونس، كذلك اتباع طريق صلاح الدين الرئيسي في المنطقة الجنوبية الشرقية لمدينة خانيونس والمرور من وسط المدينة المكتظ بالنازحين. وحدد الجيش طريقا ثالثا من محور نتساريم وسط القطاع، مرورا بشارع الرشيد- شارع البحر- والسير باتجاه الجنوب إلى مدخل مخيم النصيرات حيث تعج المنطقة بالنازحين. تلك الطرق الثلاثة، أجبرت الشاحنات على السير وسط المناطق المزدحمة بشكل بطيء ما سمح للعصابات وبعض الناس بالهجوم على الشاحنات وتفريغها بالكامل، بل وصل الأمر حد إعطاب الشاحنات من قبل العصابات.