تنشر "المجلة" على ست حلقات محاضر اجتماعات الرئيس السوري الاسبق حافظ الاسد والزعيم الدرزي وقائد الحركة الوطنية اللبنانية كمال جنبلاط قبيل وأثناء الحرب الأهلية اللبنانية والتي شهدت نهاية العامين الأولين منها دخول القوات السورية إلى لبنان واغتيال كمال جنبلاط على أيدي من يُعتقد أنهم عناصر من أجهزة المخابرات السورية سنة 1977. هنا الحلقة الرابعة.
المقدمة: وثائق سرية سورية عن الدخول إلى لبنان واغتيال كمال جنبلاط
الحلقة الأولى: الأسد "يستجوب" جنبلاط عن خصومه في لبنان... ويرفض عودة "البعثيين" إلى سوريا
الحلقة الثانية: ما بعد عين الرمانة... لبنان على شفا الحرب الأهلية
الحلقة الثالثة: من "السبت الأسود" إلى الدامور: حوار وسط المجازر
تكللت جهود وساطة الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بالنجاح في 22 يناير/كانون الثاني 1976. وأعلن الرئيس اللبناني سليمان فرنجية وقف إطلاق النار برعاية سورية.
جاء ذلك بعد يومين من زيارة زعيم "الحركة الوطنية اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" كمال جنبلاط الأخيرة إلى دمشق. ومن أولى النتائج الإيجابية كانت إعادة افتتاح مطار بيروت وسحب استقالة رئيس الحكومة رشيد كرامي.
كما نجحت الوساطة السورية أيضا في جمع الأطراف على برنامج إصلاحي يتضمن المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المقاعد النيابية والوظائف الحكومية، بالإضافة إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية. وزار فرنجية دمشق في فبراير/شباط 1976. وأعلن بعدها عن "الوثيقة الدستورية" التي نصّت على المناصفة ووجوب موافقة رئيس الوزراء على التشريعات. لكنها لم تتطرق إلى بقاء منصب قائد الجيش في الطائفة المارونية. كما نصت الوثيقة على عودة الفصائل الفلسطينية إلى حدود اتفاقية القاهرة 1969، قبل بدء الإصلاحات.
وفي 11 مارس/آذار 1976، قاد الضابط في الجيش اللبناني عزيز الأحدب انقلابا فاشلا على سليمان فرنجية سمي "الانقلاب التلفزيوني". ورغم تأييد جنبلاط له، فإن الانقلاب لم يكن له أي تأثير سوى في زيادة الاحتقان ضد فرنجية، ما دفع فصيل "جيش لبنان العربي" المنشق عن الجيش اللبناني (بقيادة أحمد الخطيب) إلى قصف القصر الرئاسي. وتصدّت له قوات "جيش التحرير الفلسطيني" الموالية لسوريا، وكان الأسد قد أرسل وحدات من هذا الجيش ومن منظمة "الصاعقة" الفلسطينية الموالية لدمشق، للفصل بين الميليشيات المتنازعة منذ نهاية عام 1975، قبل ستة أشهر من تدخل الجيش السوري في ليلة 31 مايو/أيار–1 يونيو/حزيران 1976.
حاولت سوريا إيجاد مخرج للأزمة وفق تصورها، فتم التوصل لاتفاق مع رئيس الجمهورية سليمان فرنجية على تعديل الدستور لانتخاب رئيس جديد قبل شهر سبتمبر/أيلول 1976. ورفض جنبلاط هذه الصيغة وأعلن في 22 مارس/آذار 1976 رفضه لمشروع التسوية، مطالبا سوريا برفع يدها عن لبنان لتتمكّن القوى الوطنية من إقامة حكم "تقدمي" مناديا بمعركة "شاملة لا رجعة عنها". تصاعدت المعارك ابتداء من 24 مارس/آذار، وقامت قوات "الحركة الوطنية" التي يتزعمها جنبلاط باجتياح الشطر المسيحي من جبل لبنان، بمساعدة من الفلسطينيين، وتوسعت سيطرتهم لتشمل معظم المناطق اللبنانية.