عند دخوله دمشق إثر تحريرها من الحكم العثماني عام 1918، أعلن الأمير فيصل بن الحسين أنه سيعين المسؤولين بناء على الكفاءة، وليس على الانتماء العائلي والقبلي، أو الحزبي أو الطائفي. جاء بفارس الخوري مثلا كأول وزير للمالية، وبيوسف الحكيم وزير النافعة، أو وزير الدولة كما يُعرف اليوم، وكلاهما من أعيان المسيحيين، وعيّن رستم حيدر، وهو شيعي من بعبلك، مستشارا له، وأوكل إلى رشيد طليع– من أبناء الطائفة الدرزية– مديرية الداخلية، وعيّن الأمير عادل أرسلان، وهو درزي أيضا، نائبا للحاكم العسكري.
منذ ذلك اليوم، ظهر الكثير من الشخصيات الدرزية على مسرح الأحداث في سوريا، منهم من كان في مقدمة النضال الوطني، مثل سلطان باشا الأطرش، ومنهم من شارك في الانقلاب العسكري، مثل فضل الله أبو منصور وأمين أبو عساف، اللذين قاما بإعدام الرئيس حسني الزعيم عام 1949، أو سليم حاطوم، الذي اعتقل الرئيس أمين الحافظ عام 1955.
أول وزير درزي عرفته سوريا كان عبد الغفار باشا الأطرش، الذي سمّي وزيرا للدفاع عام 1941، بينما وصل شوكت شقير، وبعده عبد الكريم زهر الدين إلى مناصب عسكرية رفيعة، الأول رئيسا للأركان في مرحلة الخمسينات، والثاني قائدا للجيش في مرحلة الانفصال (1961-1963). وفيما يلي، تستعرض "المجلة" لمحة مختصرة عن بعض هؤلاء الدروز، الذين ارتبط اسمهم بتاريخ سوريا المعاصر:
سلطان باشا الأطرش (1891-1982)، القائد العام للثورة السورية الكبرى والشخصية الدرزية الأبرز في تاريخ سوريا الحديث. ولد في قرية القريا وخدم في الجيش العثماني، كما شارك في الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين من الشريف حسين عام 1916، ودخل دمشق مع الأمير فيصل عند تحريرها عام 1918. بعد تقسيم سوريا إلى دويلات في مطلع عهد الانتداب الفرنسي، عُرضت عليه حاكمية جبل الدروز لكنه رفض ونادى بوحدة سوريا. جاءه الثائر أدهم خنجر إلى الجبل طالبا الأمان، بعد محاولة اغتيال فاشلة قام بها ضد المندوب السامي الفرنسي هنري غورو، فأمرت فرنسا باعتقاله وقتله، كما دمرت منزل الأطرش الذي لجأ إليه في أغسطس/آب 1922.