من خارج التوقعات تماما، وقّعت حكومة إقليم كردستان العراق أواخر الشهر المنصرم عقودا ضخمة مع عدة شركات أميركية خاصة بتطوير حقول النفط والغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية في الإقليم، تجاوزت قيمتها 110 مليارات دولار. الأمر دفع الحكومة الاتحادية للاعتراض، معتبرا الأمر مسا بسيادتها، حتى إنها قطعت رواتب موظفي إقليم كردستان بعد أيام قليلة من التوقيع، فيما أعلنت الولايات المتحدة دعمها الكامل والمفتوح لتلك العقود المُبرمة، الأمر الذي اعتبره مراقبون تحولا في العلاقة الثنائية بين بغداد وأربيل، ومناسبة لاكتشاف الدور والاستراتيجية الأميركية تجاههما، وهي التي كانت الأكثر تأثيرا طوال السنوات الماضية.
نهاية مرحلة
الخطوات الأخيرة جاءت بعد سنتين من قرار محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC) القاضي بإيقاف صادرات إقليم كردستان النفطية عبر تركيا، فارضة على تركيا غرامة بقيمة 1.5 مليار دولار لصالح العراق، لأنها تعاقدت مع حكومة إقليم كردستان دون موافقة الحكومة الاتحادية.
وقتئذ، فسرت الحكومة الاتحادية الأمر بأنه "انتصار" لرؤيتها وتفسيرها لمواد الدستور العراقي الخاصة بملف المستخرجات النفطية والغازية وتصديرها، والذي بقي محل تنازع قانوني وتشريعي بينها وبين حكومة إقليم كردستان لأكثر من عشر سنوات (2013-2023). فالحكومة الاتحادية كانت تؤكد على الدوام أنها وبموجب المادة 111 من الدستور الذي أُقر في عام 2005، والتي تنص على أن "النفط والغاز ملك لجميع شعب العراق في جميع المناطق والمحافظات"، مخولة بإدارة هذا الملف تماما، سواء بالتعاقد أو الاستخراج أو التصدير، وعبر المؤسسات الرسمية المركزية فحسب.