وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحرب في غزة مؤخرا بأنها "إبادة جماعية ممنهجة"، ما أثار دهشة البعض. وخلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الفيتنامي في القاهرة يوم 5 أغسطس/آب، أكد أنه لم يعد للحرب من غاية سوى قتل أهل غزة ومحو القضية الفلسطينية بالكامل.
ووجدت تصريحاته صدى في تصعيد لهجة وزارة الخارجية المصرية، ففي 9 أغسطس، استخدم وزير الخارجية بدر عبد العاطي التعبير ذاته، متعهدا بأن مصر ستعمل بكل السبل على منع تهجير سكان غزة.
وتعكس هذه الخطابات الحادة تحولا واضحا عن النبرة المعتدلة التي دأبت مصر على اعتمادها، بوصفها وسيطا رئيسا في مفاوضات وقف إطلاق النار غير المباشرة وتبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل، وهي التي حرصت دائما على انتقاء كلماتها بعناية والمحافظة على درجة من الحياد وتجنب استعداء أي طرف في النزاع. ورغم أن المسؤولين المصريين أعربوا مرارا عن معارضتهم للحرب وللأعمال الإسرائيلية في غزة، فإنها المرة الأولى التي تستخدم القاهرة فيها لغة بهذا القدر من الحزم لوصف الدمار وخسائر الأرواح هناك.
ومع ذلك، قد لا يبدو هذا التحول مفاجئا تماما بالنسبة لمتابعي تطور الموقف المصري عن كثب. ولكن توقيته يكتسب أهمية خاصة، فهو يأتي في أعقاب تطورات وضعت مصر في موقف معقد، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات المصرية-الإسرائيلية.
الإحباط
جاءت موجة الغضب الأخيرة في مصر عقب انهيار جهود الوساطة المصرية-القطرية المشتركة للتوصل إلى اتفاق مرحلي بين "حماس" وإسرائيل، كان يمكن أن يضمن الإفراج التدريجي عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل في غزة، بما فيها "حماس"، مقابل وقف لإطلاق النار قد يمهد الطريق لإنهاء الحرب بالكامل.