الحرب الروسية – الأوكرانية... هل ينجح ترمب في التوفيق بين الأضداد؟

يرفض بوتين منح أوروبا الوقت لإعادة التسليح

ناش
ناش

الحرب الروسية – الأوكرانية... هل ينجح ترمب في التوفيق بين الأضداد؟

على مدى أيام قليلة حافلة بالصور المثيرة، والاجتماعات عالية المستوى، توسطها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وسيطا قويا بين أعداء شرسين وصانعا للحدث، شهد العالم ما يمكن أن يمهد لنهاية الحرب الأشد خطرا والأكثر دموية في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

تَصدّر هذا المشهد المفتوح ترمب، بالإيقاع السريع لمفاجآته وتنوعها وعلنيتها، بدءا من دعوته للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للالتقاء به في الولايات المتحدة الأميركية في ألاسكا، ما بدا انتصارا معنويا لبوتين الذي طالما اعتبرته أميركا مجرم حرب، وتفرض على بلده عقوبات اقتصادية بسبب اعتدائها العسكري على أوكرانيا، مرورا بزيارة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي إلى واشنطن، بعد لقاء ألاسكا بثلاثة أيام، ثم اجتماع أوسع مع زعماء أقوى الدول الأوروبية، وليس انتهاء باجتماع مرتقب، يعمل ترمب على تحقيقه، يجمع بوتين وزيلينسكي بحضوره. على مدى الأسابيع القليلة المقبلة، سيشهد العالم المزيد من هذا الإيقاع، صعودا ونزولا، لجهة الإعلانات والصور والاجتماعات، قبل أن تستقر الأشياء، إما بسلام صعب التحقيق لكن لا يزال ممكنا بسبب قوة الوساطة الأميركية، وإما باستمرار هذه الحرب على المنوال المعتاد: هجمات متبادلة، تتخللها فترات هدوء نسبي على جبهة قتال طويلة، تمتد لأكثر من ألف كيلومتر.

بالنسبة لأوكرانيا سيكون صعبا عليها القبول بالشرط الروسي، المتعلق بتخليها رسميا عن نحو 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها روسيا في 2014

السلام الصعب وميزان القوى المتأرجح

بعيدا عن الإعلانات والصور والاجتماعات التي تزدحم بها الشاشات، وتثير شهية التوقع والتحليل، ثمة وقائع استراتيجية، عسكرية واقتصادية وسياسية، تبدو راسخة، سيقرر تفاعلها في آخر المطاف مآلات هذا النزاع أكثر من مهارة الوسيط الأميركي. إحدى هذه الوقائع هي التحدي الأصعب الذي يواجهه ترمب نفسه في خضم كل هذا المشهد المتداخل والمتعدد الأبعاد، وخلاصته هي أنه الفاعل الوحيد الراغب جديا في إنهاء الحرب الأوكرانية-الروسية، لأسبابه الخاصة، أكثر من رغبة الأطراف المتحاربة نفسها. فرض ترمب "أجندة السلام" على متحاربَين يشعران أن الحرب التي يخوضانها لا تزال حتى الآن بعيدة عن لحظة الحسم، وأنهما لم يجربا بعد كل ما يمكنهما لإيقاع الهزيمة بالطرف الآخر، وبالتالي فإن قبولهما بالسلام الآن، يعني تقديمهما تنازلات مريرة، يجعل استمرار الحرب أفضل من القبول بهذه التنازلات. لكن هذين الطرفين يدركان جيدا أن نفوذ أميركا القوي يجبرهما على التفاوض من أجل هذا السلام، ففي آخر المطاف يبدو لهما، وعلى نحو صحيح، أن خوض هذا التفاوض، أفضل لهما من خسارة أميركا، عبر الظهور علنا بأن أيا منهما هو الطرف الرافض للسلام.

أ ف ب
رجل يركب دراجته الهوائية أمام مبنى مدمر في دروزكيفكا، منطقة دونيتسك، في 15 أغسطس 2025

بالنسبة لأوكرانيا التي حققت تقدما جديا، لجهة إمكانية الحصول على ضمانات أمنية، كشرط لإمضاء أي اتفاق سلام، بدلا من الضمانات الاقتصادية الغامضة المعالم، التي تَمسّك بها ترمب في البداية، ويبدو أنه الآن في طور التخلي عنها، فإنه سيكون صعبا عليها القبول بالشرط الروسي، المتعلق بتخليها رسميا عن نحو 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية (بحدود 115 ألف كيلومتر مربع) الواقعة تحت السيطرة الروسية الآن، ومن ضمنها شبه جزيرة القرم، التي استولت عليها روسيا في 2014. ستصر روسيا بالتحديد على سيطرتها على المنطقة، التي فيها خط الدفاع الأوكراني الأشد حصانة، أو ما يسمى "حزام القلعة" (fortress belt). يمتد هذا الخط على نحو متقطع على مسافة تصل إلى 50 كيلومترا باتجاه شمالي جنوبي عبر أربعة مدن وقرى صغيرة، في مقاطعة دونيتسك التي يسيطر الروس على 75 في المئة منها، وهذا الحزام عبارة عن تحصينات عسكرية كثيفة ومتطورة، تتضمن خنادق كونكريتية ومصائد دبابات، وحقول ألغام، ومدعومة بمنظومة رقابة إلكترونية وقوة مدفعية دقيقة. حاولت القوات الروسية كثيرا اختراق هذا الخط، الذي بدأ الأوكرانيون ببنائه منذ عام 2014 واستثمروا فيه كثيرا على مدى الأعوام، إلى أن أصبح خط الدفاع الحالي المنيع، الذي تقف القوات الروسية عاجزة حتى الآن، عن اختراقه أو الالتفاف عليه، برغم محاولاتها الكثيرة بهذا الصدد. في حال سقوط هذا الخط أو ضمه لروسيا في إطار صفقة سلمية، فسيجعل هذا الكثير من الأراضي الأوكرانية في شرق البلاد، مفتوحة أمام أي تقدم عسكري روسي مستقبلي.

أوروبا الغربية تعتبر انتصار روسيا في الحرب فاتحة لتقويض دائم لأمنها الذي استقر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية

ثم هناك العقبات القانونية والسياسية، التي تعترض تقديم التنازلات الأوكرانية اللازمة، لإقناع الروس بالقبول بالسلام، حتى بالرغم من ضغوط إدارة ترمب على الأوكرانيين، بضرورة تقديم هذه التنازلات. ففضلا عن أن الدستور الأوكراني، لا يسمح للرئيس بالتخلي عن أي أرض أوكرانية، من دون استفتاء شعبي، ستكون مطالبة زيلينسكي بهذا الاستفتاء، أقرب للانتحار السياسي بعد أن أصبح زعيما وطنيا، عابرا للحدود يحظى باحترام عالمي، بسبب دفاعه الشديد عن بلده ضد الغزو الروسي، لا توجد شهية أوكرانية بالتراجع، بل العكس هو الصحيح، ثمة إصرار أوكراني مفهوم، سياسيا وشعبيا، بالتمسك بكامل الأرض الأوكرانية، وضرورة استعادة حتى الأراضي التي احتلتها روسيا في 2014، ومن ضمنها شبه جزيرة القرم. يقوي هذا الإصرار الوطني الأوكراني دعمٌ أوروبي صلب، لحد الآن، مؤداه أن لا تخرج روسيا منتصرة من هذه الحرب، حتى وإن اضطرت أوروبا لتطوير قدراتها العسكرية، لحماية نفسها وردع روسيا بعيدا عن المساهمة الأميركية (وأوروبا عمليا بدأت هذا التطوير على نحو متسارع). بالنسبة لأوروبا، سيفتح أي انتصار روسي حاسم، في أوكرانيا شهية بوتين على المزيد من قضم الأراضي في أوكرانيا أولا وأوروبا تاليا. يبلغ هذا القلق أشده في دول البلطيق وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق، ولا يخفي بوتين أن استعادتها كأرض، وليس كأيديولوجيا، يقع ضمن الحق الطبيعي لروسيا الذي يمارسه هو. يُقلق كل هذا أوروبا الغربية التي تعتبر انتصار روسيا في هذه الحرب فاتحة لتقويض دائم لأمنها الذي استقر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

أ ف ب
تُظهر هذه الصورة الفضائية، التي التقطتها ونشرتها شركة ماكسار تكنولوجيز في 17 يوليو 2023، جزءًا من الأضرار التي لحقت بجسر كيرتش الذي يربط البر الرئيسي الروسي بشبه جزيرة القرم، بعد انفجار أعلنت القوات الأوكرانية مسؤوليتها عنه

نقاط القوة الروسية

يشعر الروس أيضا أنهم يحققون تقدما مستمرا، وإن كان بطيئا ومكلفا، في قضم الأرض الأوكرانية مستعينين بكثافتهم النارية الهائلة (تنتج المصانع الروسية سنويا خمسة أضعاف ما تنتجه المصانع الأوروبية مجتمعة من قذائف المدفعية) وتفوقهم الكبير في عدد الدبابات، بعد أن تحولت روسيا سريعا، في العام الثاني لغزوها لأوكرانيا، إلى نموذج اقتصاد الحرب، الذي يغذي آلتها الحربية الضخمة. بعكس اقتصاد السلم الذي يقوم على إنتاج البضائع العادية، يركز اقتصاد الحرب على إنتاج المواد العسكرية، من أسلحة وعتاد، وما تتطلبه الحرب لإدامتها على المدى الطويل. يمول تصدير النفط الروسي بأسعار مخفضة، خارج منظومة العقوبات الغربية، خصوصا للهند والصين، اقتصاد الحرب الروسي، فيما تأخر الأوروبيون في التحول إلى اقتصاد الحرب، إذ اتخذوا القرارات اللازمة بهذا الصدد، في خلال الأشهر الأخيرة، منذ شهر مارس/آذار الفائت، بعد تولي ترمب الرئاسة الأميركية، وتأكد تراجعه عن الدعم المتصاعد، الذي كانت تقدمه إدارة بايدن لأوكرانيا. كان هذا الاستعجال الأوروبي في اللحاق بالأشياء واضحا، في موافقة الاتحاد الأوروبي على خطة تسليح ضخمة لمدة خمس سنوات على إنفاق 800 مليار دولار، في إطار ما سمي "مبادرة إعادة تسليح أوروبا 2030". رغم تفوق إنتاجهم العسكري، على مثيله الروسي نوعيا، لجهة الدقة والمتانة التكنولوجية. يحتاج الأوربيون بضع سنوات لتجاوز الإنتاج العسكري الروسي الضخم من ناحية الكم، على نحو يصبح رادعا لروسيا، التي تنتج الآن من الأسلحة والعتاد في ثلاثة أشهر، ما تنتجه كل دول "الناتو" الأوروبية في سنة كاملة. في هذه الأثناء تحاول أوروبا، ردم هذه الفجوة الكبيرة في التسليح، عبر شرائها الأسلحة والعتاد من أميركا لصالح أوكرانيا، لكن هذه العملية تستغرق بعض الوقت، فيما الجبهة الروسية-الأوكرانية مشتعلة.

يفضل بوتين الذهاب إلى صفقة سلام تنهي الحرب عبر الأدوات السياسية لصالحه، وهو في موقف قوة في الميدان، بدلا من منح خصومه وقتا مفتوحا، لتسليح أنفسهم على نحو أفضل

بسبب ذلك يرفض بوتين منح أوروبا الوقت لإعادة التسليح ودعم أوكرانيا، ومن هنا رفضه وقف إطلاق النار أو هدنة مؤقتة، حتى وإن كانت لفترة قصيرة، لشهر مثلا، إذ يدرك جيدا أن شهرا واحدا من هدنة محتملة اقترحها ترمب، ووافق عليها الأوكرانيون والأوربيون، ستجدد أشهرا أخرى مفتوحة، ما يعطي أوروبا المزيد من الوقت، لتسريع تحولها إلى اقتصاد الحرب، فيما لا تستطيع روسيا استخدام تفوقها الحالي، لذلك يفضل بوتين الذهاب إلى صفقة سلام تنهي الحرب عبر الأدوات السياسية لصالحه، وهو في موقف قوة في الميدان، بدلا من منح خصومه وقتا مفتوحا، لتسليح أنفسهم على نحو أفضل.

غيتي
جنود كانوا من بين عدة مئات من الجنود الذين اتخذوا مواقع حول قاعدة عسكرية أوكرانية يسيرون على محيط القاعدة في شبه جزيرة القرم في 2 مارس 2014 في بيريفالني، أوكرانيا

مع ذلك تواجه روسيا إرادة قتالية أوكرانية عالية، مدعومة بالتفاف شعبي رصين حولها، فضلا عن تطور أوكراني كبير في صناعة الطائرات المسيرة، لم تستطع روسيا لحد الآن مواكبته، وهي الطائرات المسيرة التي توقع خسائر فادحة بالقوات الروسية وتعيق تقدمها. كما تزيد أوكرانيا من إنتاجها العسكري المحلي فعند بدء الحرب في 2022، كانت أوكرانيا تنتج 10 في المئة من حاجاتها العسكرية، فيما ستصل هذه النسبة إلى 50 في المئة بنهاية هذا العام. لذلك يستهدف الروس على نحو منتظم وقاس، البنية التحتية الأوكرانية، خصوصا الطاقة، لكسر رغبة القتال الأوكرانية وإنهاك السكان، في إطار استعداد روسي لحرب استنزاف طويلة. يحتاج الأوكرانيون المزيد من الوقت والسلاح، والضغط الاقتصادي الغربي على روسيا، كي تنتهي هذه الحرب لصالحهم، أي من دون تحقيق روسيا لأهدافها من شنها، لكن من دون مشاركة أميركية بارزة في جانبي السلاح والاقتصاد، سيكون على أوكرانيا القبول بتحمل تضحيات مستمرة، جراء الضربات الروسية العنيدة ما يجعل إجبار روسيا على تقديم تنازلات أمرا صعبا جدا.

تلعب الرغبات الشخصية للرئيس ترمب أيضا دورها في سعيه لإنهاء الحرب الأوكرانية-الروسية بصفقة سلام دائم، إذ يحرص على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام

الحسابات الأميركية

ترتبط الحسابات الأميركية إلى حد كبير بشخصية الرئيس ترمب نفسه، خصوصا رغبته القوية بأن يصبح وسيطا فعالا قادرا على صنع سلام صعب بين طرفين، بينهما الكثير من الكراهية والارتياب والدم، ولا يشعر أي واحد منهما أنه على درجة من الضعف، تجبره على تقديم تنازلات كبيرة. كي يحوز على بعض الثقة الروسية الضرورية لنجاح وساطته، أبعد ترمب أميركا عن دعم أوكرانيا في بداية ولايته الثانية، واتخذ مواقف أقرب لروسيا منها لأوكرانيا، مثل اتهام الأخيرة، بأنها السبب ببدء الحرب، وأنها تعيق إنهاءها، وعليها أن تقبل أنها الطرف الأضعف، الذي عليه أن يقدم التنازلات للطرف الأقوى: روسيا، وصولا إلى قطعه المؤقت لتزويد أوكرانيا بالمعلومات الاستخبارية الضرورية، ومدها بالسلاح الذي أقرته إدارة بايدن، قبل أن يستأنف الاثنان تاليا.

ساهم التدخل الأوروبي والضغط الداخلي الأميركي من وراء الكواليس، بتخفيف اندفاعة ترمب نحو روسيا، حتى مع بقاء لغته الودودة عموما نحو بوتين، واستعداده للتواصل المباشر وغير المباشر معه (المكالمات الهاتفية التي جمعت الطرفين، وإرسال مبعوثه ستيف ويتكوف إلى روسيا، وأخيرا اجتماع ألاسكا). يمثل كل هذا مكاسب ثمينة لروسيا، إذ أنهى نهج ترمب هذا جانبا أساسيا من عزلتها السياسية، ما ساعد على جلبها لطاولة التفاوض، فأميركا ترمب، بعكس أميركا بايدن، ليست عدوة لروسيا، وإن لم تكن حليفتها في الوقت نفسه، لكنها أيضا لم تعد الحليفة الوثيقة السابقة لأوكرانيا. مع ذلك، فإن جلب الطرفين لطاولة التفاوض رغم صعوبته، سيبدو إنجازا عابرا، في حال لم تقد هذه الطاولة إلى سلام حقيقي، على نحو سريع نسبيا. ليس أمام ترمب الكثير من الوقت، فضغوط الكونغرس عليه كبيرة لإمرار حزمة عقوبات جديدة وقوية ضد روسيا، وهو طلب من أعضائه تأجيل إمضاء هذه الحزمة بانتظار محاولة أخيرة وقوية منه لإنهاء الحرب.

تلعب الرغبات الشخصية للرئيس أيضا دورها في سعيه لإنهاء الحرب الأوكرانية-الروسية بصفقة سلام دائم، إذ يحرص على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام، كما في الرغبة العلنية بهذا الصدد، التي جاءت على لسان الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، وكلمات ترمب نفسه في الحيز العام. علاوة على ذلك، سعى ترمب جديا لتحقيق هدفه هذا، إذ تحدث هاتفيا مع جينز ستولينبرغ، وزير مالية النرويج، البلد الذي يمنح الجائزة، لمناقشة التعريفات الجمركية، وأثار في أثناء المكالمة موضوع ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، حسب مصادر نرويجية بهذا الصدد. ليس واضحا لحد الآن مقدار أهمية هذا العامل، في سعي ترمب لإنهاء هذه الحرب، لكن يبدو الرجل من تصريحات عديدة له، أنه يعي صعوبة المسعى، الذي يمضي فيه لإنهاء هذه الحرب، وأنه مستعد للتخلي عنه إذا ظهرت استحالته.. في أحد تصريحاته الأخيرة ردا على سؤال لصحافي أشار إلى حاجته إلى بضعة أسابيع لحسم موقفه بهذا الصدد.. في أثناء هذه الأسابيع، التي يمكن أن تتحول إلى أشهر في عالم الرئيس ترمب، ستستمر دراما الأحداث رفيعة المستوى، بكل الصور والمتع والخيبات والتوقعات التي ترافقها.

font change