نهلة الفهد لـ"المجلة": احتراف المرأة الإخراج ليس استثناء بل إضافة نوعية

شغفي أن أقدم أعمالا تلامس الناس وتثير تفكيرهم

المخرجة نهلة الفهد

نهلة الفهد لـ"المجلة": احتراف المرأة الإخراج ليس استثناء بل إضافة نوعية

التنوع هو أكثر ما يميز تجربة المخرجة الإماراتية نهلة الفهد، كونها وقفت وراء الكاميرا كمخرجة للأفلام السينمائية الوثائقية والدراما التلفزيونية و"الفيديو كليب" والأوبريتات الوطنية والإعلانات التجارية.

الفهد عضو في المجلس الاستشاري لصناعة المحتوى في "مجلس دبي للإعلام"، وفي رصيدها عدد من المسلسلات منها "حرب القلوب" و"ساعة الصفر" وأكثر من ثمانين "فيديو كليب" لعدد كبير من الفنانين الخليجيين والعرب مثل محمد عبده ولطيفة. وفي مجال الأفلام الوثائقية قدمت عددا من الأفلام منها "حجاب" الذي عرض في عدد من المهرجانات حول العالم.

اختارها الجمهور أفضل مخرجة إماراتية ضمن استفتاء "الفجيرة للإعلام"، كما حصلت على عدد من الجوائز. عن التنوع والشغف السينمائي تحدثت الفهد الى "المجلة" في الحوار التالي.

عملت على الإخراج في مجال السينما والدراما والأفلام الوثائقية، فما الرابط بينها، وما الأثر الذي قد يتركه كل مجال على الآخر؟

الرابط بين الدراما التلفزيونية والسينما الروائية والوثائقية هو فن الحكاية، لكن لكل مجال خصوصيته. فالدراما التلفزيونية تعكس الواقع وتبرز العلاقات الإنسانية وعمق الشخصيات، والسينما الروائية تمنح مساحة للإبداع البصري والخيال، أما الوثائقي فيعتمد على البحث والتدقيق وينقل الحقائق بصدق وواقعية. هذه التجارب يكمل بعضها بعضا، وتمنحني أدوات ورؤية أوسع تغني عملي وتجعله أكثر تأثيرا.

العمق الإنساني

تحرصين على تطوير تجربتك الإخراجية باستمرار، فما الذي يقف وراء استمراريتك؟

هذا عائد إلى شغفي الكبير بالإخراج وإيماني العميق برسالة الفن وقدرته على التأثير. أنا حريصة دائما على التطوير المستمر، سواء من خلال الاطلاع على أحدث التقنيات أو متابعة تجارب المدارس المختلفة في العالم. كما أن الالتزام والجدية في كل عمل، إلى جانب الدعم الذي وجدته من بلدي الإمارات وبيئتها المشجعة للإبداع، كلها كانت عوامل أساسية ساعدتني في أن أواصل مسيرتي وأثبت حضوري في الإمارات والعالم أجمع.

كيف تترجمين فنيا، سعيك إلى إبراز القضايا الاجتماعية التي تمس عددا من الجوانب الإنسانية مثل الهوية والمرأة والعدالة الاجتماعية؟

أترجمه من خلال اختيار موضوعات تحمل عمقا إنسانيا وتعكس واقع المجتمع بصدق، أحرص على أن تقدم هذه القضايا بلغة بصرية مؤثرة تلامس المشاهد وتثير تفكيره، سواء عبر شخصيات الدراما أو من خلال الطرح التوثيقي. الهوية، والمرأة، والعدالة الاجتماعية هي محاور أساسية في أعمالي، وأسعى دائما إلى تناولها بروح فنية تحافظ على الصدقية وتدعو إلى الحوار والتأمل.

هل واجهتك تحديات عبر مسيرتك التي تمتد لأكثر من عشرين سنة، فقط لأنك اسم نسائي في عالم الإخراج؟

بالتأكيد، واجهت تحديات كوني امرأة في مجال يطغى عليه الحضور الذكوري، خصوصا في بداياتي. لكني اخترت أن أتعامل مع هذه التحديات كحافز، لا كعائق. آمنت بأن النجاح لا يقاس بجنس المخرج، بل بقيمة عمله وقدرته على التأثير.

أحرص على الدمج بين قوة الكلمة وحساسية الصورة، فالكلمة تمنح المعنى والبعد الفكري، بينما الصورة تضيف التأثير العاطفي والبصري

 لذلك ركزت على الاجتهاد، والإبداع، وإثبات نفسي من خلال أعمالي. واليوم أؤمن بأن احتراف المرأة الإخراج ليس استثناء بل إضافة نوعية، وأتمنى أن تكون تجربتي مصدر إلهام لكل امرأة تسعى لتحقيق حلمها بثقة وإصرار.

المخرجة الإماراتية نهلة الفهد

مشاهد في الذاكرة

ذكرت أنك تعملين على تعزيز قدرتك على سرد القصص بطرق مبتكرة ومؤثرة، فكيف يتم ذلك، وما تأثير القصة أو الكلمة على المشهد المصور؟

سرد القصص بطرق مبتكرة ومؤثرة، يبدأ من اختيار الفكرة التي تحمل رسالة إنسانية، ثم صوغها بلغة بصرية جديدة تجعل المشاهد يعيش التجربة ولا يكتفي بمشاهدتها. أحرص دائما على الدمج بين قوة الكلمة وحساسية الصورة، فالكلمة تمنح المعنى والبعد الفكري، بينما الصورة تضيف التأثير العاطفي والبصري. وعندما يلتقي الاثنان بشكل متوازن، يولد مشهد قادر على البقاء في ذاكرة المتلقي وتحريك مشاعره وإثارة تفكيره.

نهلة الفهد خلال إخراج أحد أعمالها

قدمت العديد من الأفلام الوثائقية مثل "الحجاب" وغيره، فما خصوصية تجربتك مع الأفلام الوثائقية، وما الرسائل التي تريدين إيصالها الى المشاهد؟

أعشق الأفلام الوثائقية، ولذلك أحرص على أن تكون جزءا أساسيا من مسيرتي الفنية. فهي تحمل خصوصية كبيرة لأنها تعتمد على البحث والدقة في تناول القضايا، وفي الوقت نفسه تمنحني فرصة لنقل حقائق وقصص واقعية بصدق وعمق. ما أحرص عليه دائما، هو أن تصل رسائل هذه الأفلام إلى المشاهد بشفافية، سواء كانت مرتبطة بالهوية أو قضايا اجتماعية أو إنسانية، بحيث تفتح مجالا للتأمل وتدعو الى الحوار وتترك أثرا يمتد بعد انتهاء الفيلم.

المخرجة نهلة الفهد

تجربتك مع الإخراج الدرامي متنوعة المواضيع، متى توافقين على إخراج مسلسل ما، وهل تشعرين نفسك حرة التصرف في دراما تتداخل فيها عوامل عدة من بينها الإنتاج؟

أوافق على إخراج أي عمل درامي عندما أجد أن النص يحمل رسالة مهمة ويعكس قضايا قريبة من الناس، ويمنحني مساحة لتقديم رؤية إخراجية مميزة. الدراما مجال واسع، لكنه يتأثر بعوامل كثيرة مثل الإنتاج والاعتبارات السوقية، ومع ذلك أحرص دائما على الحفاظ على خطي الفني ورؤيتي الإبداعية. قد تكون هناك بعض التحديات، لكنني أرى أن المخرج الحقيقي يستطيع أن يجد توازنا بين متطلبات الإنتاج والحفاظ على بصمته الخاصة.

موازنة فنية

كيف استخدمت الكوميديا في مسلسل "باب السين" الذي عرض في رمضان الماضي على الشاشات المحلية والخليجية؟

مسلسل "باب السين" كان تجربة مميزة بالنسبة إلي لأنه جمع بين الطابع الكوميدي والبعد الاجتماعي العميق. الفكرة قائمة على عائلة كل أفرادها تبدأ أسماؤهم بحرف السين، وهو ما منح العمل روحا خاصة وأجواء مرحة، لكنه في الوقت نفسه عالج قضايا إنسانية مرتبطة بالعلاقات الأسرية وكيف يمكن الاختلافات أن تتحول إلى قوة تجمع بين أفراد العائلة.

نجاح الكليب يكمن في الموازنة بين إبراز هوية الفنان، وإضافة لمسة إخراجية خاصة

 ما حرصت عليه في الإخراج هو أن أوازن بين الكوميديا والرسالة الاجتماعية، وأن أقدم الشخصيات بصورة قريبة من الناس تعكس واقعهم وتدخل قلوبهم ببساطة.

أخرجت فيديو كليب لعدد من مشاهير الفنانين أمثال محمد عبده وعبد المجيد عبد الله وراشد الماجد ولطيفة، فهل تعملين على إظهار خصوصية تجربة الفنان، مع إظهار بصمتك الخاصة؟

بالتأكيد، عندما أخرج عملا غنائيا لفنان كبير، أضع في الاعتبار خصوصية كل فنان وطابعه الفني والجماهيري، وأحرص على أن ينعكس ذلك في الصورة والإخراج. في الوقت نفسه، لا بد أن تكون أن لكل مخرج بصمته، ولهذا أسعى دائما إلى أن يكون حضوري الإبداعي واضحا من خلال الرؤية البصرية وطريقة السرد والتفاصيل الفنية. فنجاح الكليب يكمن في الموازنة بين إبراز هوية الفنان، وإضافة لمسة إخراجية خاصة تجعل العمل مميزا ومختلفا.

نهلة الفهد في موقع التصوير

ما الذي تعملين عليه في هذه الفترة؟

أحضر حاليا لمسلسل رمضاني جديد أعمل عليه بكل شغف ليكون مختلفا ومؤثرا، بالإضافة إلى عمل موسمي من 10 حلقات لإحدى المنصات من النوع التشويقي، وأتوقع أن يلقى صدى واسعا لدى الجمهور. كما أنني أضع اللمسات النهائية على فيلمي الوثائقي الطويل، وهو مشروع قريب إلى قلبي لأنه يجمع بين البحث العميق والطرح الإنساني. بشكل عام، شغفي الدائم هو أن أقدم أعمالا تلامس الناس، تثير تفكيرهم، وتترك أثرا حقيقيا في قلوبهم وذاكرتهم.

font change

مقالات ذات صلة