دخل لبنان دائرة المراوحة من جديد والتي لن يخرجه منها إلا حدث دراماتيكي آخر شبيه بالعملية الإسرائيلية الموسعة ضد "حزب الله" منذ عام بالتمام، ولكنها عملية مستبعدة نسبيا أمام تقدم احتمال تجدد الهجوم الإسرائيلي-الأميركي ضد إيران، والذي ستتوقف عليه الإجابة عن سؤال ما إذا كان النظام الإقليمي الجديد يحتمل إيران الراهنة، أم إن أحد شروطه هو قيام إيران جديدة، وكل ذلك يحدد مصير "حزب الله" وليس مواقف أمينه العام ورئيس كتلته النيابية وهي جزء من المراوحة اللبنانية.
تلك المراوحة التي كان أحدث مؤشراتها كلام المبعوث الأميركي توماس باراك عن أن الحكومة اللبنانية لا تفعل إلا الكلام، وكأن الإدارة الأميركية وفريقها للشرق الأوسط ولبنان لا يعلمون حقيقة الأوضاع في لبنان وأن الجيش غير قادر على جمع سلاح "حزب الله" أو نزعه، وأنه لا يمكن توفير أي غطاء سياسي من أي جهة كان لمثل هذا الإجراء مهما ارتفع سقف التصريحات وعلت الأصوات وبثت الدعاية الداعمة للسلطة الجديدة في لبنان، والتي لا تعمل كعقل واحد وكجسم واحد، مثل سائر السلطات التي تعاقبت على حكم لبنان ولم تحكمه بالفعل، وأقله منذ عام 1969 تاريخ توقيع اتفاقية القاهرة التي أتاحت حرية الحركة للمنظمات الفلسطينية على الأراضي اللبنانية بغطاء مصري أمنه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قبل وقت قصير من وفاته.