سنة بلا نصرالله... الرجل الذي صدّق أسطورته

إساءة تقدير حقائق الواقع

إدواردو رامون
إدواردو رامون

سنة بلا نصرالله... الرجل الذي صدّق أسطورته

في حضوره وفي غيابه، ترافق اسم حسن نصرالله مع الانتظار والجمود والمراحل الانتقالية في لبنان، مقابل الحركية العالية والبناء داخل جماعته المسلحة وطائفته. كان عامل تعطيل في الدولة والمجتمع اللبنانيين ليتسنى له فرض التغيير المطلوب في قلب الطائفة الشيعية.

وعلى خلاف مؤسس الحراك الشيعي اللبناني الحديث، السيد موسى الصدر، لم يكن نصرالله معنيا جدا بموقع الشيعة "في" الدولة بل كان هاجسه السيطرة عليها من خارجها. إنه تطبيق متأخر لمقولة ماو تسي تونغ عن المتن والهامش وتطويق الأرياف للمدن وحصارها ثم إسقاطها وما تمثل من سلطة برجوازية، أمام زحف الفلاحين، فيما كان اهتمامه ينصب على كيفية جعل المكون الشيعي أساسيا في تركيبة الدولة من الإدارة إلى التعليم إلى الأجهزة الأمنية. وعلى نقيض العمل على فرض إرادة الحزب الشيعي على بقية لبنان اعتمادا على القوة المسلحة، سعى الصدر، بإنشائه "حركة المحرومين–أفواج المقاومة اللبنانية" (أمل) إلى هدفين، الأول هو جذب الدولة إلى المعاناة الشيعية التي كانت تتمثل بين أواخر ستينات القرن الماضي وسبعيناته، بالحرمان من الخدمات العامة والتعرض المستمر للاعتداءات الإسرائيلية التي كانت تأتي غالبا ردا على عمليات مقاتلي "منظمة التحرير الفلسطينية" المتمركزين في جنوب لبنان. أما الهدف الثاني فكان، وقف التمدد اليساري (الشيوعي خصوصا) في الأوساط الشيعية في مرحلة كان فيها الإقطاع التقليدي قد فقد مبررات وجوده ولم يعد قادرا على مجاراة السلطة التي يسيرها من بيروت تحالف الموارنة والسنّة، وباتت أجزاء كبيرة من شيعة الجنوب والبقاع ونخبهم المثقفة وجيلهم الشاب، منتمية أو مؤيدة لأحزاب اليسار.

التجربة التي خاضها "الثنائي الشيعي" ("أمل" و"حزب الله") في المؤسسات العامة منذ نهاية الحرب الأهلية والتي تأخر "الحزب" عن الانخراط فيها، أسفرت عن نتائج كارثية على مستوى الفساد الرهيب والتعيينات المفروضة بقوة الولاء الحزبي وحشد المؤيدين في الإدارات التي صارت البطالة المقنعة سمتها الرئيسة. لم تكن فاعلية المؤسسات هي ما شغل بال "الحزب" والحركة، بل الحفاظ على حصة شيعية من الموالين "للثنائي" في المفاصل الرئيسة لأجهزة الدولة وإداراتها. ولم يبتدع "الثنائي" جديدا في المجال هذا، بل سار على نهج اعتمدته كل الطوائف اللبنانية وتكرس بعد "اتفاق الطائف" (1989) بحصر التعيينات في جميع وظائف الدولة، المهم والأقل أهمية وصولا إلى الرتب الدنيا، بيد زعيم الطائفة الذي يضمن من خلال الموظفين الذين يعينهم مصالحه في الحفاظ على مؤيدين له جاهزين لانتخابه كلما دعا الداعي وحراس لحصصه من تقاسم الصفقات في العقود والمشاريع والمقاولات التي تنفذها الدولة. وهذه ممارسة عامة تتجاوز لبنان وتتخذ صفة التعميم في بلدن عربية كثيرة حيث الولاء قبل الكفاءة.

لحسن نصرالله دور رئيس في حمل "حزبه" على الانخراط في الدولة ومؤسساتها إذ كان مناصرا لمشاركة "حزب الله" في الانتخابات البرلمانية بعد أشهر قليلة من توليه الأمانة العامة لـ"الحزب"

ولحسن نصرالله دور رئيس في  حمل "حزبه" على الانخراط في الدولة ومؤسساتها إذ كان مناصرا لمشاركة "حزب الله" في الانتخابات البرلمانية في أغسطس/آب 1992 بعد أشهر قليلة من توليه الأمانة العامة لـ"الحزب" على أثر اغتيال إسرائيل لسلفه عباس الموسوي في فبراير/شباط من العام ذاته. كتلة نواب "حزب الله" التي دخلت الساحة البرلمانية في ذلك العام، كانت علامة مهمة على الأسلوب الذي ستدار فيه الأمور في الأعوام المقبلة داخل مثلث تتألف أضلاعه من الدولة اللبنانية والوصاية السورية كليّة الحضور في التفاصيل اللبنانية و"حزب الله" كجهة ظلت محتفظة بسلاحها بذريعة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي من جهة وكفئة تعلن أن لا مطامع لديها في غنائم الحكم وامتيازاته، وهو ما سيتغير لاحقا بعد غزوة بيروت في مايو/أيار 2008.

(أ.ف.ب)
أمين عام "حزب الله" السابق حسن نصرالله يتحدث في بيروت بعد أن أسر "حزب الله" جنديين إسرائيليين في 12 يوليو 2006

مشروع نصرالله اللبناني- إذا جاز القول- أي ذاك المتعلق بدور "الحزب" في المجتمع والدولة والعلاقة مع باقي الطوائف والقوى السياسية المحلية، لا يتطلب استعجالا وخطوات سريعة. فبناء قوة الجماعة ومنعتها يجري على مراحل ممتدة زمنيا على النقيض من تشييد مؤسسات الدولة وتنفيذ مشاريعها التنموية. هذا جانب قد يفسر حضور نصرالله كشريك أولا، ثم صاحب القول الفصل، في كل عمليات التعطيل والتأجيل والتمديد، منذ توليه أمانة "حزبه" العامة حيث فرض إيقاعا بطيئا على سير المؤسسات الدستورية ليتزامن مع إيقاع تحضير البنى العسكرية والمدنية في بيئة "الحزب". هكذا فعل، مع حلفائه في التيار العوني حينا، ومن دونهم مكتفيا بحليفه رئيس البرلمان وحركة "أمل" نبيه بري حينا آخر. فعطّل انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء عهد إميل لحود الممدد، ثم دفع أعضاء "حزبه" والموالين له إلى احتلال الوسط التجاري لبيروت بين 2006 و2008 احتجاجا على فساد حكومة فؤاد السنيورة وتواطئها ضد المقاومة، قبل أن يجتاح العاصمة في السابع من مايو 2008، ويُرغِم ما كان يُعرف بـ"قوى 14 آذار" على التسليم له بحصة مقررة في كل تشكلية حكومية منذ ذلك التاريخ.

اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005 ثم حرب يوليو/تموز 2006 شكّلا نقطتي تحول حاسمتين في اصطفاف "الحزب" طرفا رئيسا في النزاع الأهلي

وبناء عليه جرى انتخاب ميشال سليمان. وتكرر الأمر ذاته بعد خروج سليمان من القصر الجمهوري حيث منع نصرالله انتخاب رئيس للبنان حتى اضطر خصميه سمير جعجع وسعد الحريري إلى عقد تسويتين مع مرشح "حزب الله" ميشال عون. وفي ما يشبه التكرار الممل لاسطوانة مشروخة، منع زعيم "أمة حزب الله" على ما كان نصرالله يصف أنصاره، اختيار رئيس جديد بعد انتهاء حكم ميشال عون الكارثي في أكتوبر/تشرين الأول 2022 وظل "الفيتو" المرفوع من نصرالله على انتخاب رئيس جديد غير مرشحه سليمان فرنجية إلى يوم اغتيال نصرالله في غارة إسرائيلية مدمرة على مقره في ضاحية بيروت الجنوبية.  هذه الممارسة امتدت أيضا إلى تعطيل تأليف الحكومات وتعيين مدراء عامين في مناصب حساسة على نحو جعل من مزيج تعطيل المؤسسات العامة والنزول إلى الشارع أو التلويح بهما، عنصرا لا غنى عنه بين أدوات العمل عند "حزب الله".

وعلى الرغم من تعففه عن السياسة الداخلية في تسعينات القرن الماضي وصولا إلى رفضه المشاركة في التحركات العمالية في 1995 و1996، إلا أنه لم يعارض طلب حافظ الأسد تمديد ولاية إلياس الهراوي ثلاثة أعوام على نحو مخالف للدستور في 1995. ثم وقف بقوة مع تمديد ولاية إميل لحود لثلاث سنوات في 2004 التي جرت وفق إملاء بشار الأسد وأدت إلى انقسام عميق في المجتمع اللبناني حيث كان المسيحيون يعملون على استعادة المواقع التي خسروها بعد نهاية الحرب الأهلية وبداية مرحلة "الإحباط المسيحي" والتي كانت إشارة انطلاقتها بيان المطارنة الموارنة والكاثوليك في سبتمبر/أيلول 2000 الذي دعا القوات السورية إلى الانسحاب من لبنان بعد انتفاء مبرر وجودها فيه غداة خروج الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب في مايو من العام ذاته.

أ.ف.ب
نعشا نصرالله وخليفته هاشم صفي الدين يمران بين الحشود، بيروت في 23 فبراير

اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005 ثم حرب يوليو/تموز 2006 شكّلا نقطتي تحول حاسمتين في اصطفاف "الحزب" طرفا رئيسا في النزاع الأهلي في أعقاب اغتيال الحريري الذي اتهمت المحكمة الدولية الخاصة عددا من عناصر "حزب الله" بالتخطيط له وتنفيذه ثم إدانتهم بعد أعوام طويلة، وفي فرض وجهة مكلفة على السياسة الخارجية اللبنانية من خلال الالتحاق بـ"محور المقاومة" الذي أنشأته إيران وتولى نصرالله قيادة ما يتجاوز الجناح اللبناني فيه حيث اسهم إسهاما كبيرا في تأهيل وتسليح حركة "حماس" في الأراضي المحتلة وخصوصا في غزة، وفي إدارة عمليات وتدريب الميليشيات الحوثية وفي تقديم الشورى والتدريب للميليشيات الولائية العراقية. وقد يبدو صحيحا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد إصداره أمر اغتيال نصرالله أنه أيقن بعد قراءته تقريرا استخباريا إسرائيليا من 80 صفحة أن نصرالله هو "محور المحور".

أصبح الطريق مفتوحا أمام بناء أسطورة سيجري في إطارها الاعتناء الشديد والواعي بكل ما يقوله وما يقوم به صاحبها لمنحه سمات تتجاوز تلك التي يتشارك بها البشر الفانون

بالعودة إلى الداخل اللبناني، وبعد حصوله على الغطاء المسيحي الثمين الذي قدمه له "التيار الوطني الحر" (التيار العوني) في فبراير/شباط 2006 من خلال ما عُرف بـ"تفاهم مار مخايل" (نسبة إلى الكنيسة التي وقع فيها التفاهم)، بدأ نصرالله يسفر عن مشروعه للحلول مكان النظام السوري في إدارة الشأن اللبناني بعد اضطرار بشار الأسد إلى سحب قواته من لبنان بعد تهديدات أميركية وغربية جراء ربطه باغتيال الحريري.

"النصر الإلهي" الذي أعلن نصرالله تحقيقه في حرب يوليو/تموز 2006، كان نصرا متعدد الأوجه والاستخدامات. من جهة، أظهره قائدا عسكريا موهوبا قادرا على انتزاع أسيرين من الجيش الإسرائيلي ومنع استردادهما وتحويل الانتقام الإسرائيلي إلى حرب لم تستطع فيها حكومة إيهود أولمرت إنجاز الأهداف التي وضعتها في مطلع الحرب وأهمها القضاء على "الحزب". أكسب الإخفاق الإسرائيلي في توجيه ضربة قاضية إلى قدرات "الحزب" العسكرية، نصرالله صفة مطلوبة بشدة على الساحة اللبنانية وفي سياق المنافسات الطائفية وهي "كاريزما" القائد بالاستناد إلى "تحريره" الجنوب في 2000 و"انتصاره" على إسرائيل في 2006.

أ.ف.ب
صورة لحسن نصرالله بين أنقاض أحد المباني المدمرة في بلدة السكسكية في جنوب لبنان، في 26 سبتمبر 2024

لقد أصبح الطريق مفتوحا أمام بناء أسطورة سيجري في إطارها الاعتناء الشديد والواعي بكل ما يقوله وما يقوم به صاحبها لمنحه سمات تتجاوز تلك التي يتشارك بها البشر الفانون وتضعه في رتبة رفيعة يستطيع فيها التكلم من علٍ مع نظرائه من زعماء الطوائف اللبنانيين الذين إذا قورنت سيرته الشخصية بسيرهم، وفصاحته قرب تلعثمهم واطلاعه أمام جهلهم، وصعوده من فئة اجتماعية متواضعة مقابل تحدرهم من أسر إقطاعية أو من محدثي نعمة وقدرته على تحريك الآلاف من المقاتلين المسلحين ومن المدنيين ساعة يشاء في مواجهة بحثهم المضني عن جمهور ومؤيدين، لظهر الآخرين فقراء وعراة وحمقى. 

هذا ناهيك عن تدشين صفته كأب روحي لكل الشيعة في لبنان وخارجه، هو الزعيم المرتدي عمامة "السيد" السوداء والملتف بعباءة رجال الدين والآتي إلى القيادة من أحياء حزام البؤس في ضواحي بيروت قبيل الحرب الأهلية على نحو يتماهى به مع مئات الآلاف من الشبان الشيعة ذوي العلاقة المتقطعة بقراهم الأصلية والذين تربوا في العاصمة وضواحيها وعانى مثلهم من التردد في الانتماء السياسي بين "أمل" وبين التيار الخميني الصاعد بعد الثورة الإيرانية في 1979.

الهوية الدينية المنتزعة من حداثة المدينة و"موبقاتها" وفي الوقت ذاته قليلة الصلة بالتراث الشيعي الراسخ في جبل عامل والبقاع حيث جرى استبداله بالنهج الخميني وبولاية الفقيه أو استبدال "التشيع العلوي بالتشيع الصفوي" إذا أردنا استخدام عنوان أحد كتب علي شريعتي الأكثر شهرة [وبغض النظر عن تصنيف "حزب الله" لتشيُّعه [والتمسك بموقف نقدي شديد من الدولة اللبنانية ومؤسساتها واعتبارها كيانا موازيا لا قِبَل لها باحتواء "حزب الله" بل يجب عليها الخضوع لضروراته وتلبيه أوامره ونواهيه ذلك أن ما يحمله من مشاريع ورؤى يتجاوز صغائر الكيان اللبناني حتى لو اعترف نصرالله بنهائية الكيان.

أسطورة نصرالله وربطها بالمعطى الغيبي والقيامي انتهت إلى إساءة تقدير حقائق الواقع وإلى إهمال أن إسرائيل أعادت بناء قوتها بعد حرب 2006 على نحو لم يلحظه لا نصرالله ولا "حزبه"

يستدعي ذلك معالجة موضوع العداء لاسرائيل في سيرة نصرالله. والحال ان العداء هذا متفرع من موقف الامام الخميني المؤسس لحال الصراع بين الجمهورية الاسلامية في ايران غداة عشية تأسيسها وبين اسرائيل. صحيح ان نصرالله خصص قسما كبيرا من حياته في قتال اسرائيل وسقط في المعركة هذه ابنه ثم تعرض هو الى الاغتيال، الا ان موقفه من الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي نشأ على الرؤية الاسلامية الكلية التي تجعل الأمر مسألة دينية تستحيل فيها الحلول الوسط والتسويات، ما لم تصدر فيها فتوى من المرجع الديني. وفي هذا ابتعاد لمسافة شاسعة عن السياسة وعن ادراك الفارق الهائل بين الامكانات المتاحة لقوة مثل "حزب الله" والمكانة المتواضعة التي يحتلها في العالم، وبين الالتفاف الغربي المتين حول اسرائيل والمسارعة الى نصرتها وتقديم كل انواع العون والمدد لها. وما زالت نتيجة الخلل في تصورات نصرالله ماثلة امام الجميع.

ولا ينبغي أن يفلت مكون ضروري في فهم شخصية حسن نصرالله وأسلوب قيادته لحزبه. ذاك أن التشيع الاثنى عشري حيث انتظار ظهور الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري يحتل موقعا رئيسا في البنية العقدية، وقد وسم الانتظار هذا كل تاريخ التشيع بميسمه وأسئلته والجدالات التي دارت بين فقهاء المذهب على مدى أكثر من ألف عام. شخصية القائد السياسي/العسكري/الروحي التي اتخذها نصرالله، ما كان لها أن تظهر في جماعة غير الجماعة الشيعية. وعليه، لم يكن نادرا أن يلمح مؤيدوه أو المغالون منهم إلى أن نصرالله يحمل بعض صفات الإمام المنتظر أو أنه في تعديل أكثر تواضعا، من الشخصيات التي ستمهد السبيل أمام ظهور المهدي.

ترك حجم التوقعات والانتظارات التي على نصرالله أن يلبيها، أثرا شديدا عليه وعلى بيئته التي وصلت إلى مراحل إيمان يقيني بقدرات الرجل الخارقة في القيادة ومواجهة الأزمات والخروج في كل مرة منتصرا من الأهوال. حتى إن توريطه "حزبه" ولبنان في الحرب الأهلية السورية، وضع في سياق مهمة دينية لحماية المراقد والمواقع الشيعية في ذلك البلد، على نحو تراجع معه عنصر الدفاع عن نظام استبدادي دموي مثل نظام آل الأسد، لمصلحة صورة مستمدة من تاريخ الصراع السني–الشيعي ومن حرب الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، ما ألحق ضررا بالغا بالعلاقات الطائفية والسياسية في كل من لبنان وسوريا.

رويترز
شخص يحمل صورة لزعيم "حزب الله" الراحل حسن نصر الله، بجوار صورة نائب قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني العميد عباس نيلفوروشان، الذي قُتل مع نصرالله، خلال جنازة نيلفوروشان في كربلاء بالعراق، 14 أكتوبر

أسطورة نصرالله وربطها بالمعطى الغيبي والقيامي انتهت إلى إساءة تقدير حقائق الواقع وإلى إهمال أن إسرائيل أعادت بناء قوتها بعد حرب 2006 على نحو لم يلحظه لا نصرالله ولا "حزبه" الذي وصل إلى حالة هذيانية من الانفصال عن الحقائق أو عدم القدرة على تفسيرها تفسيرا سليما. و"حكمة" نصرالله التي روج لها "الحزب" وأجهزته الدعائة تحولت إلى عصبة غطت عينيه وأعمته عما يجري في المنطقة والعالم من حوله.

ثم جاءت "حرب الإسناد" التي جمع فيها نصرالله كل حساباته الخاطئة التي وصلت إلى قمتها مساء يوم 27 سبتمبر/أيلول 2024 عندما أغارت الطائرات الإسرائيلية على مقره المحصن فأطاحت بـ"محور المحور". 

font change