أول برلمان سوري بعد الأسد... بين "التفاؤل الحذر" والغضب

شكلت مجلسها النيابي الأول عام 1919 وكان حينها إحدى التجارب الفريدة في المنطقة

أ ب
أ ب
مبنى مجلس الشعب السوري في دمشق، 4 مارس 2005

أول برلمان سوري بعد الأسد... بين "التفاؤل الحذر" والغضب

تختار الهيئة الناخبة في سوريا أعضاء البرلمان السوري يوم الأحد القادم 5 أكتوبر/تشرين الأول، وذلك عبر انتخابات في 52 دائرة انتخابية من أصل 60 دائرة، وذلك بعد تعليق 8 دوائر انتخابية في كل من حلب (دائرة عين عرب)، الحسكة (3 دوائر)، الرقة (دائرة واحدة)، والسويداء (3 دوائر) إلى حين وصول توافقات بين الدولة السورية والقوى الموجودة في تلك المناطق.

وقد وصل عدد الأعضاء المتوقع انتخابهم إلى 125 عضوا من أصل 140 كان منوطا باللجنة العليا للانتخابات الإشراف على اختيارهم، في حين يتولى رئيس الجمهورية أحمد الشرع اختيار 70 عضوا يرمم من خلالها خلل التوازنات الحاصلة مثل نسبة تمثيل المرأة، والأعيان، وذوي الكفاءات، وذوي الهمم، ومصابي الحرب. وبحسب معلومات "المجلة" فإن الرئيس سيُصدر قائمته في غضون عشرة أيام من صدور نتائج الانتخابات المزمع إجراؤها يوم الأحد.

"المجلة"

اللجنة العليا ولتنفيذ مهمتها قامت بتشكيل لجان فرعية، وبدورها تقوم هذه اللجان باختيار هيئة ناخبة في كل محافظة، والهيئة الناخبة هي التي ستقوم بانتخاب أعضاء البرلمان من داخلها يوم الأحد، اللجنة العليا قامت ولضمان سلامة الإجراءات بدءا من اختيار اللجان الفرعية وانتهاءً بإجراء الانتخابات، بالتنسيق مع وزارة العدل السورية، باختيار لجان مختصة بالطعون ستعمل على ضمان سلامة الاختيار والانتخاب. لجنة الطعون التي تعتمد في قراراتها على الطعون التي تُقدم من السوريين هي لجنة مستقلة وقراراتها نافذه على اللجنة العليا، ولا يحق للجنة الطعن في قرار لجنة الطعون في حال قررت الأخيرة إخراج أحد أعضاء اللجنة الناخبة نتيجة مخالفته للشروط الموضوعة من قبل اللجنة العليا. ولجنة الطعون أيضا اعتمدت في قراراتها على استمزاج الرأي العام أحيانا، ففي بعض الأحيان- وذلك حصل أكثر من مرّة بحسب معلومات "المجلة"- تم استبعاد شخصيات دون أن تُقدم طعون رسمية بحقهم، سيّما بعد انتشار كثير من الدلائل حول تورطهم بدعم النظام لكن الناس في تلك المناطق لم تُقدم طعونا بحقهم خوفا من عمليات انتقام بحقهم.

لا يحق لأعضاء اللجان الفرعية الترشح للبرلمان، حيث سيكون أعضاء هذه اللجان ممثلين رسميين للجنة العليا في الدوائر الانتخابية

نسبة تمثيل كل محافظة في البرلمان هي نفسها مأخوذة من نسبة تعدادها السكاني في سوريا وفق إحصاء عام 2011، بمعنى أنه في حال كان سكان محافظة ما يشكلون 5 في المئة من التعداد السكاني في سوريا، يكون نصيبهم 5 في المئة من الثلثين المسؤولة عنهم اللجنة العليا، وهو ما يوافق 7 أعضاء برلمانيين، وتمّ اعتماد إحصاء عام 2011 كمرجع في حساب النسب لصعوبة اعتماد إحصاء أجري بعد ذلك العام بسبب التغير الذي شهدته الجغرافيا السورية من نزوح وتهجير قسري وخروج نسب كبيرة من السوريين ولجوئهم في أطراف الأرض الأربعة. كما أنه من المستحيل إجراء إحصاء دقيق في الوقت الحالي نتيجة استمرار تداعيات الظروف المذكورة سابقا والتي طرأت على المحافظات بعد عام 2011.

أ ف ب
الرئيس السوري أحمد الشرع يستمع إلى الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر صحفي مشترك بعد اجتماع في قصر الإليزيه في باريس، 7 مايو 2025

ويرى القائمون على العملية في اللجنة العليا للانتخابات أنه على الرغم من عدم وجود انتخابات عامة، فإن المواطنين السوريين كان لهم صوت فاعل في العملية منذ بدايتها حتى يوم الانتخابات، فاللجان الفرعية عند الإعلان عنها فُتح باب الطعون بحقها أمام السوريين، واللجان التي تم اعتمادها لاحقا اختارت الهيئة الناخبة التي كان باب الطعن بحقها مفتوحا أمام السوريين. وبحسب أكثر من عضو في اللجنة العليا فإن هذه الآلية كانت كفيلة على الأقل بإشراك السوريين في مرحلتين أساسيتين لاختيار أعضاء البرلمان السوري.

خطوات اللجنة العليا للانتخابات شابها كثير من الانتقادات والغضب في الشارع العام خصوصا وأنه عند صدور القائمة النهائية للهيئة الناخبة بعد انتهاء فترة الطعون كانت خالية من شخصيات لم تُقدم طعون بحقهم، وخروجهم من القائمة سبب كثيرا من الإحراج لهم كون المعلوم للناس حينها أن القائمة الأخيرة هي التي تم اعتمادها بعد إخراج المخالفين أو الذين قُدمت طعون بحقهم، ولم تستطع جهود الهيئة العليا للانتخابات تهدئة غضب الشارع من خلال الأكيد على أن أسباب إخراج أشخاص من القائمة الأولى لم يكن بسبب الطعون أو تاريخ الأشخاص.

خلل في التوازن... اللجان الفرعية في مرمى النار

لكل دائرة انتخابية لجنة فرعية مكونة من3 أشخاص بالحد الأدنى، وفي حال كانت الدائرة فيها تعداد سكاني كبير يتم رفع أعداد اللجان الفرعية وفق واقع زيادة عضو لكل 200 ألف شخص. وقد تم اعتماد الرقم 3 كحدّ أدنى، وأن يكونوا من مشارب مختلفة، لضمان عدم وجود انحياز في الاختيار أو التقييم، خاصة في المحافظات التي تحتوي على تنوع ديني وعرقي. ولا يحق لأعضاء اللجان الفرعية الترشح للبرلمان، حيث سيكون أعضاء هذه اللجان ممثلين رسميين للجنة العليا في الدوائر الانتخابية. اللجنة العليا أيضا وضعت آلية تنسيق تعتمد على إعطاء استقلالية للجان الفرعية، فكل لجنة فرعية على تنسيق وعلاقة مباشرة مع اللجنة العليا، دون الرجوع إلى بقية اللجان الفرعية الأخرى الموجودة في المحافظة، فصل عمل تلك اللجان عن بعضها يأتي للحد من إمكانية الضغط على أي لجنة من قبل لجنة أخرى في المحافظة نفسها تفوقها عددا.

الهيئة العليا للانتخابات صدّرت القوائم التي وضعتها اللجان الفرعية دون التأثير فيها، وأُعلنت إلى السوريين لتقديم الطعون بحق الشخصيات التي كانت داعمة للأسد، أو المتصلة بالفساد

اللجان الفرعية هي التي وضعت قوائم الهيئة الناخبة في الدوائر الانتخابية، ولا توجد آلية محددة وواضحة للاختيار غير مطابقة المرشح للهيئة الناخبة الشروط التي وُضعت من قبل الهيئة العليا للانتخابات، وعلى الرغم من أن هذه الصلاحية العالية هي جيّدة من الناحية التقنية وضمان الشفافية، فإنها في الوقت نفسه تُشكل نقطة ضعف في أحد جوانبها، فكل شخص لديه صلاحية اختيار أناس يمثلون المشرب الذي ينتمي إليه، سيّما في المناطق ذات التركيبة السكانية القليلة، وهو ما قد يقود إلى تحالفات لاحقة ضمن الهيئة الناخبة لاختيار مرشح بينهم ودعمه ليُصار إلى اختياره عضوا في البرلمان السوري الأول بعد حقبة الأسد.

الهيئة العليا للانتخابات صدّرت القوائم التي وضعتها اللجان الفرعية دون التأثير فيها، وأُعلنت إلى السوريين لتقديم الطعون بحق الشخصيات التي كانت داعمة للأسد، أو المتصلة بالفساد، أو تلك التي يثبت تورطها بجرائم وانتهاكات بحق السوريين، فضلا عن جوانب أخرى متصلة بالعمر والتحصيل الدراسي ومطابقة شروط انتمائه للمنطقة المرشح باسمها. الخلل حصل عند صدور القائمة النهائية، والتي شهدت شطب أسماء لم يكن لهم سجل إجرامي أو مخالف للشروط الموضوعة، وأضيفت أسماء من قائمة الترميم التي تم وضعها هي الأخرى لترميم الخلل المتوقع حصوله في حال حصول نقص في الهيئات الناخبة بعد فترة الطعون.

الهيئة العليا للانتخابات بررت ما حصل بأنه غير مرتبط بمخالفة المشطوبة أسماؤهم للشروط، وإنما كان بسبب محاولة إعادة التوازن إلى الهيئة الناخبة، نتيجة وجود نقص في العدد في مناطق معينة وزيادة في مناطق أخرى. ونتيجة الغضب الذي حصل في أكثر من منطقة، قامت اللجان الفرعية بشطب أسماء معينة وإعادة بعض الأسماء التي تم شطبها سابقا. وقد أثارت محاولة امتصاص الغضب كثيرا من الأسئلة حول الآلية التي تم اعتمادها في عمليات التعديل، وعدم تأثير هذه الآلية على شفافية عمل اللجنة العليا للانتخابات واللجان الفرعية. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "المجلة" فإن أعضاء من اللجان الفرعية أنفسهم تفاجأوا بشطب أسماء من القائمة النهائية دون وجود تبرير أو طعن مثبت بحقهم، وقدّموا عريضة قانونية للجنة العليا للانتخابات بما حصل، لتتدخل الأخيرة في محاولة حل الخلاف الذي هو في الأصل داخلي في اللجان الفرعية.

الانتخابات ستكون بإشراف اللجان الفرعية، كما سيكون هناك مراقبون من نقابة المحامين، وستكون المراكز مفتوحة لوسائل الإعلام

خلل التوازنات الذي حصل مردّه في بعض الأحيان إلى وجود زيادة في الأشخاص لبعض الوحدات والمراكز الانتخابية، وهذا بطبيعة الحال هو نتيجة ضعف في التقدير لدى اللجان الفرعية، فمثلا في حال وجود وحدة انتخابية من المخصص أن يخرج منها أربعة أشخاص، وُضع فيها ستة أشخاص، هنا ينبغي شطب اثنين من القائمة في حال لم تكن هناك طعون مثبته بحق الأعضاء المرشحين، هنا تتم عملية مفاضلة من قبل اللجان الفرعية واللجنة العليا، حيث يبذلون جهدا في إبقاء السيدات في القائمة، أو المعتقلين السابقين، ذوي الهمم، أو أن يكون شخص كُفء وعين في الوقت نفسه، ثم بعد ذلك يتم شطب الأشخاص المتبقين للإبقاء على التوازن. ويرى أعضاء في اللجنة العليا للانتخابات أن هذه الآلية هي الأقرب إلى المثالية في التعامل مع هكذا حالات، على الرغم من أنها لن تخلو من فواعل غضب محلي مُحق، خصوصا من قبل الأشخاص الذين تم إخراجهم من القوائم.

أ ف ب
يرفرف علم سوري كبير فوق حديقة تشرين في دمشق في 4 يونيو 2025

وبحسب معلومات "المجلة"، فإنه في حالات نادرة، قُدمت طعون بحق شخصيات مشهورة بمعارضتها للنظام أو شخصيات ليست مخالفة للشروط، إلا أن لجان الطعون قبلت الأدلة التي قُدمت لهم كونها مقبولة رغم أنها لا تعكس حقيقة انتماء الشخص. اللجنة العليا للانتخابات لا تملك القدرة على التأثير في قرار لجنة الطعون، ولذلك نُصح هؤلاء من الناحية القانونية بالمسير في أحد الطريقين، الأول رفع شكوى بحق قضاة لجنة الطعون أمام مجلس القضاء الأعلى، أو أمام مجلس التفتيش القضائي لأن هاتين الجهتين هما المخولتان بالنظر في آلية عمل القاضي.

يوم الانتخابات و "ثلث الرئيس"

الانتخابات يوم الأحد 5 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، ستكون بإشراف اللجان الفرعية، كما سيكون هناك مراقبون من نقابة المحامين، وستكون المراكز مفتوحة لوسائل الإعلام، كما سيكون المرشحون لعضوية البرلمان الذين يُصوت لصالحهم موجودين في القاعات لمتابعة عملية الانتخاب وفرز الأصوات، وأعضاء الهيئة الناخبة يمكنها الحضور، إضافة إلى السماح بوجود بعض المنظمات المدنية والقانونية خلال يوم الانتخابات. وكما حال جميع عمليات الانتخابات، سيكون التصويت سريا والفرز علنيا.

انتخابات البرلمان السوري الأولى بعد عقود من سيطرة الأسد الأب والابن على القرار السوري، هي انتخابات ليست كما تمناها السوريون

ويحق لكل عضو في الهيئة الناخبة اختيار أكثر من شخص، بشرط أن يكون الحد الأقصى هو عدد أعضاء الدائرة المرشحين أو أقل، كما يحق له الامتناع عن التصويت. وبذلك فإن حدّ الناخب الأدنى هو عدم التصويت، والحد الأعلى عدد المقاعد المخصصة للدائرة التي ينتخب فيها.

بعد انتهاء الانتخابات التي ستجريها الهيئة الناخبة، وصدور القائمة النهائية للفائزين، يبدأ حينها دور رئيس الجمهورية في تعيين الثلث الأخير من مجلس الشعب (70 عضوا)، ومن المتوقع أن يكون الثلث الذي يُعينه الرئيس بمثابة ترميم للمجلس، فمثلا في حال أفرزت الانتخابات نسبة نساء أقل من المتوقع، يكون لثلث الرئيس دور في ترميم هذا النقص، وذلك يندرج على الكفاءات، والأعيان، وأصحاب الهمم، ومصابي الحرب.

وسينتظر الرئيس صدور نتائج الانتخابات الخاصة بالهيئة الناخبة، ثم يبدأ بمرحلة تحديد الثلث الأخير من أعضاء مجلس الشعب. ولا يمكن للرئيس عزل أي عضو من القائمة التي حددها بعد اعتمادها، إذ إن عملية عزل عضو البرلمان تقع على عاتق البرلمان نفسه وبتصويت ثلثي الأعضاء على عزله.

بعد اعتماد ثلث الرئيس، ينعقد البرلمان بكليّته ويبدأ مهامه وسط توقعات بأن تكون جلسته الأولى منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ويمتلك عضو البرلمان حصانة تسمح له بهامش الانتقاد وتقييم أداء الحكومة، وتتوقع اللجنة العليا أن البرلمان القادم سيقوم بثورة تشريعية، كون كل مؤسسات النظام تحتاج أنظمتها إلى تعديل أو تجديد، ومن المهام الجوهرية له أيضا إقرار الموازنة، والاستماع للوزراء، ونقل هموم المواطنين.

مقاعد معلّقة... وتحديات في الطريق

انتخابات البرلمان السوري الأولى بعد عقود من سيطرة الأسد الأب والابن على القرار السوري، هي انتخابات ليست كما تمناها السوريون، سواء من ناحية بيئة وآليات الانتخابات، أو من ناحية مشاركة الأرض السورية موحدة في هذه الانتخابات وانعقاد الجلسة الأولى للبرلمان بممثلين عن كافة المناطق السورية.

الحكومة السورية أمام تحديات عديدة، أبرزها كيفية التفاهم مع شرق الفرات من جهة، والسويداء من جهة أخرى

وكان مقترح اللجنة العليا للانتخابات يستثني محافظات الرقة والحسكة والسويداء بسبب التوترات الحاصلة وعدم قبول الأطراف سواء الحكومة أو القوى الموجودة في تلك المنطقة إجراء انتخابات فيها، وتمت إضافة دوائر من الرقة والحسكة لاحقا بسبب الغضب الشعبي، لكن رغم إعادة النظر في المقترح وإدراج كل من تل أبيض ومعدان عن الرقة، ورأس العين عن الحسكة، وإبقاء السويداء خارج السباق، لم تتحقق تطلعات السوريين الذين كانوا يُعولون على الحكومة والقوى الموجودة في تلك المحافظات على تجاوز الخلافات وتوحيد الجغرافيا السورية. كانت الآمال أن تكون الدوائر الانتخابية الـ(60) حاضرة، إلا أن ثمانية منها بقيت معلقة ومحفوظة المقاعد إلى حين توصل الحكومة السورية والقوى في شرق الفرات والسويداء إلى توافقات فيما بينها.

يتوقع الساسة في دمشق، واللجنة العليا أن تكون عملية اختيار وانتخاب أعضاء البرلمان خطوة بارزة الأهمية في سياق رأب الصدع الاجتماعي، وذلك في حال استطاعت اللجنة من جهة، والحكومة من جهة أخرى العمل على أن تكون العملية سلسة وشفافة وتُظهر خطوة عملية لدمشق نحو ضمان مشاركة السوريين جميعا في صناعة القرار السوري ضمن البرلمان، ويقول أحد أعضاء اللجنة لـ"المجلة" إنه "رغم الظرف الاستثنائي وغير المثالي في مرحلة انتقالية، ومع انعدام القدرة للذهاب إلى الانتخابات المباشرة، ووسط وضع سوري صعب جدا، استطعنا وضع آلية تراعي الحد الأعلى للمشاركة والمراقبة الشعبية للهيئات التي ستنتخب المجلس القادم".

تبقى الحكومة السورية أمام تحديات عديدة، أبرزها كيفية التفاهم مع شرق الفرات من جهة، والسويداء من جهة أخرى، في المرحلة القادمة لاستكمال مقاعد البرلمان السوري من جهة، ومواجهة الضغوطات التي ستتعرض لها من ناحية تأكيد شرعية المجلس أمام السوريين، خصوصا وأن كثيرا من الأصوات تتساءل اليوم عما بعد تشكيل المجلس دون مناطق "قسد" والسويداء، هل هي بداية التقسيم أم إنها مؤشر فشل لاحق للجهود الرامية لتشكيل برلمان سوري يبدأ عمله التشريعي والوظيفي ويكون أحد أعمدة صناعة القرارات في سوريا.

سوريا التي شكلت أول برلمان لها في عام 1919، تتوجه نحو خطوات ونتائج تشكيل البرلمان السوري، وسط توقعات سورية يسودها التفاؤل الحذر والغضب

ومن التحديات أيضا قدرة الحكومة على ضمان شفافية الانتخابات وعدم وقوعها في فخ التهافت السلطوي من قبل أطراف لابتلاع أطراف أخرى في مناطق التنوع العرقي والديني، أو الدفع ببعض الشخصيات إلى الواجهة بين سطور تشكيل اللجان الفرعية والهيئات الناخبة، ليُشكل وجودهم عاملا رئيسا في تغيير مسار عمل اللجنة ومخرجاتها. وهو ما قد يشكل تهديدا جديدا للمرحلة الانتقالية في سوريا، ووليمة كبيرة للأطراف الخارجية والداخلية الساعية لإفشال المرحلة الانتقالية وجهود الاستقرار في سوريا.

سوريا التي شكلت أول برلمان لها في عام 1919 والذي كان حينها إحدى التجارب الفريدة في الشرق الأوسط، تتوجه نحو خطوات ونتائج تشكيل البرلمان السوري، وسط توقعات سورية يسودها التفاؤل الحذر والغضب، خصوصا وأن غالبية السوريين أمضوا سنوات طويلة من عمرهم يشهدون على برلمان صوري لا قيمة له من الناحية التشريعية منذ قدوم حافظ الأسد إلى السلطة، ولا يذكرون إلا أن البرلمان عبارة عن أيادٍ تُصفق ولا توجّه أو تُقيّم عمل السلطات، ولا تلعب دورا في التشريع المدروس الذي يخلق بيئة صحيّة لنهوض الدولة والشعب على حدّ سواء.

font change

مقالات ذات صلة