في غرفة طفولته الصغيرة تشكل خيال المخرج المصري تامر محسن وأحس بالسعادة الأولى وكبر عالمه جوار والدته وهي تقرأ له قصص مجلتي "ميكي" و"سمير"، إلى أن شب ووقف على خشبة المسرح ممثلا، ثم خلف الستار مخرجا ومؤلفا وحقق نجاحا بمسرحية "الماريونيت". مرت الأيام وهو يحلم بالسينما لكنه "تورط" في إخراج أعمال درامية أحبها الجمهور، وآخرها "قلبي ومفتاحه". حول مسيرته ومشاريعه المستقبلية أجرت "المجلة" معه هذا الحوار.
كيف تصف طفولتك، وهل كان لها أثر في وعيك الفني لاحقا؟
كلما عدت بالذاكرة إلى لحظات الطفولة، أندهش وأشعر بسعادة غامرة. أحاول استرجاع اللحظات الأولى التي انشغلت فيها بالرسم والعرائس معا، وأعتقد أن الرسم كان أولا. والدتي ساعدتني جدا لأنه كان هوايتها، فهي فنانة لم تتحقق. كانت مشغولة بكل ما هو فني، تحب الرسم وترغب في أن يحبه ابنها ويجيده، وكان شقيقاها زجالين جيدين أيضا، لكنهما عملا أيضا في مهن أخرى.
كانت مجلتاي المفضلتان "ميكي" و"سمير"، أظن أن "سمير" أكثر مصرية، لكنني أحببت "ميكي"، لأن القصص فيها مدهشة، والحدوتة تحكى ببراعة وجاذبية. كانت أمي تقرأ لي بالفصحى وتشرح لي بالعامية، كنت أسألها عن كل رسمة، وعيناي تسبقان الكلام، كنت أحاول أن أتوقع القصة، وأكتشف: هل المكتوب يشبه ما توقعته وتخيلته أم لا؟
بعد ذلك بدأت بصنع العرائس، عشقت أوبريت "الليلة الكبيرة"، لصلاح جاهين وسيد مكاوي. كنت أتساءل، من يحرك العرائس؟ من يشد الحبل بالخيوط؟ أرى انفعالات العرائس والشخصيات وهي تغني "يا ولاد الحلال"، لكن داخلي رغبة في معرفة من يحركها ليشعرنا بتعبيراتها. كل ذلك كان يتشكل من طريق الأستاذ ناجي شاكر، فنان العرائس، وتشرفت بأنه شاهد أول عرض مسرحي أخرجته، كنت محظوظا.
بعدها دخلت السينما للمرة الأولى في حياتي. جلست في أول صف، وفي لحظة من اللحظات شعرت بالسعادة. كان الحضور كثيفا لمشاهدة "الأزمنة الحديثة" لتشارلي شابلن، ورأيت تفاعل الجمهور مع الشاشة، وكان الأمر سحريا. تولدت في داخلي رغبة في دخول هذا العالم السحري.
كيف انتقلت من المسرح إلى السينما؟
كنت أدرس العمارة في كلية الفنون الجميلة، وفي الوقت نفسه عملت في أتيليه المسرح، ممثلا وكاتبا، وأخرجت مسرحيتي الأولى "الماريونيت" التي حصلت على المركز الأول في مهرجان المسرح الحر الرابع. ولنجاحها الكبير لم أخرج مسرحيات أخرى. كنت مشغوفا بالسينما وأعمل بالمسرح، وقتها كنت أفكر بخيال السينما، وكان أستاذي المخرج حسن عبده أول شخص دعمني. عملت معه ممثلا في كلية للفنون الجميلة، كان مثقفا وقليل الكلام، وكان صديقه مهندس الديكور حامد حمدان.