بعد الخسارة المريرة التي تكبدتها المهندسة المعمارية الفلسطينية يارا شريف، المقيمة في لندن، أطلقت مع شركائها في "فريق تجديد فلسطين"، مبادرة "معماريون من أجل غزة"، في بينالي البندقية للهندسة المعمارية (الذي يستمر حتى نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل)، ليتحدى عملهم الفني "أغراض للإصلاح" الدمار بالأمل، ويقترح إعادة تفكير جذرية في معنى الوطن والمنزل في المشهد القاسي في غزة.
في الأسبوع الأول من الهجوم الإسرائيلي على غزة، تعرض 22 شخصا من عائلة يارا شريف للقتل. وفي الأسابيع والأشهر التالية، ومع استمرار حملة الإبادة الإسرائيلية فقدت يارا 32 شخصا آخرين، دفنوا تحت الأنقاض. في حلول مايو/أيار، كان ما لا يقل عن 53,573 غزيا لقوا حتفهم، بينهم أكثر من 28,000 امرأة وفتاة، وفقا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة. تقول شريف، وهي مهندسة معمارية وأكاديمية مقيمة في لندن: "كان الأمر مدمرا. قتل العديد من أفراد أسرتي وأقاربي. اجتاحني اليأس. وشعرت بالعجز والشلل".
مبادرات تعاونية
ثم جاءت مبادرة "معماريون من أجل غزة" التي اقترح إطلاقها الفنان ناصر جولزاري، وهو مؤسس ومشارك في "فريق تجديد فلسطين" (PART) مع كل من يارا شريف وموراي فريزر، نائب عميد البحث في "كلية بارتليت". وفي نوفمبر/تشرين الثاني، ظهرت إلى النور مبادرة دعم إعادة إعمار غزة وتطويرها المستقبلي. وفي ديسمبر/كانون الأول، وقع مئات المهندسين المعماريين والمخططين والمصممين والناشطين من أجل البيئة من جميع أنحاء العالم بيانا يحث على العمل الجماعي لتحقيق هذا الهدف. وفي العام التالي، وضعت سلسلة من المبادرات المعمارية التعاونية، من بينها بذرة ما سيصبح لاحقا "المختبر المتنقل"، وهو عنصر أساس في العمل الفني، "أغراض للإصلاح"، المشارك في بينالي البندقية للعمارة هذا العام.
يشغل "أغراض للإصلاح" حيزا صغيرا، إلا أنه يعد جزءا بالغ الأهمية من معرض "جيولوجيا الإصلاح البريطاني" في الجناح البريطاني، وهو نتاج تعاون بين المملكة المتحدة وكينيا يهدف إلى كشف الإرث المتشابك للعمارة والاستعمار وإعادة صوغه. وباستخدام الوادي المتصدع الكبير (المعروف أيضا باسم الأخدود الأفريقي العظيم) كحجر أساس مفاهيمي، يقترح المعرض حلولا واقعية للأضرار البيئية والهيكلية التي سببها الاستعمار. بتكليف من المجلس الثقافي البريطاني، جاء هذا العمل ثمرة تعاون بين كاباجي كارانجا وستيلا موتيجي من استوديو الهندسة المعمارية Cave_bureau في نيروبي، والقيم والكاتب أوين هوبكنز المقيم في المملكة المتحدة، والأكاديمية كاثرين يوسف.