أطلقت الحكومة المصرية أخيرا حوارا مجتمعيا لصوغ برنامج اقتصادي وطني يستشرف ما بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2026، وسط ضغوط ديون تتجاوز 161 مليار دولار، وعجز موازنة بلغ 1.29 تريليون جنيه (26 مليار دولار)، وانتظار شعبي لنتائج ملموسة. وبينما تؤكد الحكومة تجاوز الأزمة، يرى خبراء أن الإصلاحات محفوفة بالأخطار والأثقال المالية والاجتماعية، ولا سيما بعد قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2025 بنسبة 13 في المئة، وهي شملت كل أنواع الوقود في ثاني زيادة تشهدها البلاد هذه السنة.
تسعى الحكومة المصرية إلى إحداث انعطاف حقيقي في مسارها الاقتصادي، بعد سنوات من السياسات التي تركزت على إدارة الأزمات وسد الفجوات التمويلية القريبة الأجل. وتطمح الحكومة، عبر برنامج وطني جديد يمتد حتى عام 2030، لخوض مرحلة تُسمّى "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادي"، كخطة بديلة بعيدا من الوصفات الجاهزة أو الإملاءات من مؤسسات التمويل الدولية، وفي مقدمها صندوق النقد الدولي الذي ينتهي برنامج التعاون القائم معه في أكتوبر/تشرين الأول 2026.
هذا البرنامج يُطرَح في إطار "حوار مجتمعي" يحمل العنوان العريض "ما بعد صندوق النقد"، في محاولة لاستقطاب آراء الخبراء والفاعلين الاقتصاديين، وإضفاء بعد تشاركي على رسم السياسات المقبلة. هذه الخطوة تأتي بينما تحاول الحكومة إقناع الداخل والخارج بقدرتها على تحقيق إصلاحات حقيقية، مستندة إلى بعض المؤشرات الإيجابية مثل زيادة التدفقات من السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، وتوقيع اتفاقات استثمارية مهمة مثل "مراسي ريد سي" على ساحل البحر الأحمر ومشروع "رأس الحكمة" الذي أثار اهتماما واسعا في الأسواق.