يشهد العراق صراعا متصاعدا بين الولايات المتحدة وإيران، إذ تعتبر واشنطن أنها فقدت نفوذها بعد تأسيسها النظام السياسي الحالي بديلا عن نظام صدام حسين، بينما تمكنت طهران من إحكام سيطرتها عليه تدريجيا، وتطلب واشنطن من القوى السياسية العراقية العمل على التحرر من التأثير الإيراني في اختيار رئيس الوزراء المقبل، وإبعاد الفصائل المسلحة عن القرار السياسي.
مؤخرا، برز تأثير واشنطن واضحا في الساحة العراقية بعد الفيتو الذي فرضته على تعديل قانون "هيئة الحشد الشعبي"، إذ أعلن رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، أن القوى السياسية العراقية استجابت للضغط الأميركي بعدم تمرير تعديل قانون "الحشد الشعبي"، مشيرا إلى أن الضغط تمثل بفرض عقوبات سياسية ورفع الدعم عن النظام السياسي، والحماية عن أموال النفط، وكذلك استهداف قوات "الحشد الشعبي"، والسماح لإسرائيل بتنفيذ ضربات مباشرة داخل الأراضي العراقية.
لكن قيادات سياسية عراقية، مطلعة على المباحثات مع الجانب الأميركي، أكدت لـ"المجلة"، أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة، هي ضرب الدولة العميقة التي تعتمد عليها إيران داخل النظام السياسي، عبر فرض عقوبات على مسؤولين عراقيين بدرجة وزير ومدراء عامين في عدة وزارات، وإبعاد تأثيرهم عن القرار الحكومي العراقي، مشيرا إلى أن المسؤول المفروض عليه عقوبات تجب إزاحته من المنصب في المرحلة المقبلة.
بدأت العقوبات الأميركية على المؤسسات العراقية تشتد منذ عام 2023، إذ فُرضت على أكثر من 100 شركة وفرد، بحجة مساعدة إيران في تجاوز العقوبات المفروضة عليها، وكان آخرها شركة المهندس التابعة لـ"الحشد الشعبي"، بالإضافة إلى فالح الفياض رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، وخميس الخنجر رئيس "تحالف السيادة"، وقيس الخزعلي رئيس حركة "صادقون"، الذراع السياسية لـ"عصائب أهل الحق".
وترى واشنطن، بحسب المصادر، أن هذه الإجراءات تمهد لإعادة النفوذ الإيراني إلى ما قبل عام 2012، عبر خلق قوى سياسية جديدة منفتحة على الغرب تستطيع الحد من النفوذ الإيراني، وتُحجم دور الفصائل، ويعتمد ذلك على نتائج الانتخابات النيابية المقبلة.
زاد التأثير الإيراني في العراق بعد عام 2014، عندما اجتاح تنظيم "داعش" ثُلث مساحة العراق، واستعانت الحكومة العراقية بمستشارين من "الحرس الثوري" و"حزب الله" اللبناني لتدريب القوات العراقية، وفُتحت مخازن الأسلحة الإيرانية أمام الفصائل العراقية التي دفعت أثمانها الحكومة العراقية لاحقا، وأنشأت كيانا خاصا سمته "الحشد الشعبي" ضم المتطوعين المدنيين والفصائل، من أجل مواجهة تنظيم "داعش" الذي سيطر على مساحة ثلث العراق ووصل إلى المناطق الحدودية للعاصمة بغداد.
 
				             
                    

 
                 
                 
                 
                 
             
                 
             
                 
             
                 
             
                 
             
                 
            