لم يتبق إلا أيام معدودات على موعد سادس تجربة انتخابية في العراق بعد تغيير نظام الحكم عام 2003. وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 يدحض كل التلميحات والتصريحات، وربما الرغبات في تأجيل الانتخابات. وهو مؤشر مهم على أن الالتزام بموعد الانتخابات، بصرف النظر عن نتائجها ومخرجاتها، هو المكسب الوحيد في هذا النظام الذي يؤكد أن التقادم بممارسة العملية الانتخابية هو الخيار المتفق عليه بين فاعلين سياسيين، لم يتفقوا إلا على تقاسم مغانم السلطة والنفوذ. ورغم ذلك يعتقدون أن الانتخابات هي المصدر الوحيد لتجميل شرعية وجودهم في السلطة.
وتختلف هذه الانتخابات عن خمس دورات سبقتها، في غياب التيار الصدري الذي كان حاضرا وفاعلا في كل مواسم الانتخابات السابقة، لكنه اختار طريق مقاطعة الانتخابات المقبلة. ورغم إدراك الصدريين أن مقاطعتهم لن تؤثر على المشروعية القانونية للانتخابات، ما دام لا يوجد نص دستوري أو قانوني يحدد نسبة المشاركة فيها. فإنهم يحاولون التأثير على خفض نسبة المشاركة والتي قد تنخفض إلى أكثر من 15 في المائة عن الانتخابات السابقة. وأيضا يريد الصدريون زعزعة شرعيتها السياسية للمنافسين السياسيين الشيعية من خلال التأكيد على أن القوى السياسية لا تعبر عن تمثيل حقيقي لجمهور مناطق الوسط والجنوب في العراق.
كذلك، ما يميز هذه الانتخابات، وجود جيل سياسي صاعد جديد بدأ يأخذ مساحته في الحضور السياسي. ولعل ائتلاف الإعمار والتنمية الذي يترأسه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني هو أبرز متغيرات انتخابات 2025.
ورغم أنه يضم الكثير من الشخصيات السياسية التقليدية، فإنه يبقى المنافس للقوى الأوليغارشية الشيعية التقليدية. ومن بين القوى السياسية السنية يسعى الحلبوسي إلى ترسيخ "زعامته للمكون السني" في هذه الانتخابات، وهو يراهن عليها كثيرا، حتى يتمكن من العودة إلى رئاسة مجلس النواب ومواجهة خصومه ومنافسيه في الساحة السياسية السنية، متسلحا بأكثر عدد من المقاعد في المناطق التي يتنافس عليها الفاعلون السياسيون السنة.


