تؤشر الانتخابات الأخيرة في أوروبا والاستحقاقات المماثلة في ما يسمى دول "الشمال العالمي" إلى أن ميزان القوى السياسي غالبا ما يميل إلى اليمين بما في ذلك أجنحته المتطرفة مع وجود بعض الاستثناءات عن القاعدة (مثل حالة زهران ممداني في نيويورك).
وفي القارة القديمة منذ منعطف الانتخابات الأوروبية في صيف 2024 نلاحظ تراجع القاعدة الاجتماعية للأحزاب الوسطية يمينا ويسارا لصالح القوى الأكثر تشددا أو لقوى شعبوية من دون خط سياسي واضح. واللافت أيضا أن فقدان الثقة في الأحزاب الحاكمة التقليدية المتزامن مع رفض واضح للتعددية الثقافية والدينية وآثار الركود الاقتصادي، تشكل عوامل محفزة لصعود اليمين المتطرف.
تاريخ التحولات في أوروبا
يستمر صعود قوى اليمين المتطرف في أوروبا سواء باتجاهاته الجديدة الشعبوية والبعيدة عن الأيديولوجيا أو بالتيارات القائمة على الهوية والعنصرية. وتأكد هذا الصعود أخيرا مع نتائج انتخابات جرت حديثا في تشيكيا وهولندا، وسبق ذلك التحذير الصارخ من خلال فوز "التجمع الوطني" بالمركز الأول في الانتخابات التشريعية في فرنسا صيف 2024، وحصول "حزب البديل من أجل ألمانيا" على المركز الثاني في الانتخابات الفيدرالية في ألمانيا خلال هذا العام. إضافة إلى ذلك، يقود اليمين المتطرف أو يشارك في عدة حكومات داخل الاتحاد الأوروبي. فهو يرأس الحكومتين الإيطالية والمجرية، ويشارك في حكومات ائتلافية في فنلندا وسلوفاكيا. كما يقدم هذا التيار الدعم، دون مشاركة رسمية، للحكومة السويدية.
وهذا الزخم جعل احتمال وصول اليمين المتطرف إلى أعلى مستويات الحكم في أوروبا احتمالا معقولا، ولم تعد مشاركة اليمين المتطرف في السلطة محرّمة، لكن تقتضي الإشارة إلى أن الأحزاب الشعبوية في أوروبا ليست ظاهرة مستجدة، بل كانت منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين جزءا أساسيا من المشهد السياسي. مع العلم أنه في جميع أنحاء أوروبا، وحتى في الولايات المتحدة، لا تزال الحركة الشعبوية تنمو وقد اشتد عضدها في أعقاب الأزمة المالية عام 2008 وأخذت تُرسّخ مكانتها كظاهرة سياسية.



