بانيا ناتسوإيشي لـ "المجلة": الهايكو جوهر الشعر في العالم

"العالمية" و"الشهرة" وهمان أميركيان

بانيا ناتسوإيشي

بانيا ناتسوإيشي لـ "المجلة": الهايكو جوهر الشعر في العالم

يعد بانيا ناتسوإيشي أحد أهم شعراء اليابان المعاصرين. ولد عام 1955 في مدينة أيوي بمحافظة هيوغو اليابانية وأطلق عليه والداه اسم ماسايوكي إنوي. حين بلغ الرابعة عشرة من عمره، نشرت أولى قصائده الهايكو في إحدى المجلات الشهرية بعد أن اختارها له الشاعر توتا كانيكو الملقب بشاعر الهايكو الأعظم. في عام 1975، تعرف في طوكيو على اثنين من أبرز شعراء الهايكو الطليعيين، هما توتا كانيكو وشيغينوبو تاكايناغي. واصل دراسته العليا في الأدب والثقافة الفرنسية بجامعة طوكيو، وحصل عام 1981 على درجة الماجستير في الأدب المقارن.

عين عام 1922 أستاذا في جامعة ميجي، حيث يدرس حتى اليوم. في العام نفسه، فاز بجائزة جمعية الهايكو الحديثة في دورتها الثامنة والثلاثين. وبين عامي 1996 ,1998 كان باحثا زائرا في جامعة باريس السابعة، حيث واصل انفتاحه على التجارب العالمية.

في عام 1998 أسس مع الشاعرة سايومي كاماكورا المجلة الدولية للهايكو ”غينيو“ (الشاعر الجوال) وتولى رئاسة تحريرها. وشارك عام 1999 في تنظيم الندوة الدولية الأولى للهايكو المعاصر في طوكيو، ليؤسس بعد ذلك عام 2000 مع جيم كاسيان وديـميتار أناكييف الرابطة العالمية للهايكو. يشغل أيضا منصب مدير في رابطة الهايكو الحديثة باليابان، ويقيم في مدينة فوجيمي قرب طوكيو.

نشر ناتسوإيشي ثماني مجموعات هايكو، من بينها: يوميات الصيد اليومي (1983)، إيقاع في الفراغ (1986)، أوبرا في الجسد البشري (1990)، حج على الأرض (1998)، والبابا الطائر في السماء (2010). كما حرر كتبا منها: دليل الهايكو في القرن الحادي والعشرين (1997)، شعراء الهايكو الجوالون متعددو اللغات (2000)، والتيار الشفاف (2000). ونشر العديد من الكتب النقدية عن الهايكو، مثل: قاموس الكلمات المفتاحية للهايكو المعاصر (1990)، دليل الهايكو المعاصر (1996)، وصديقتنا، قصيدة الهايكو (1997).

ترجم معظم أعماله الشعرية إلى اللغة الإنكليزية ولغات أخرى. هنا حوار مع الشاعر.

هل يمكن أن تقدم نفسك للقراء العرب؟

أنا شاعر وفيلسوف وفنان هايكو، أركز على الهايكو بوصفه جوهر التعبير اللغوي الأصيل والمبتكر في العالم.

قصيدة الهايكو تمنحني فرحا، لأنها تكشف لي إدراكا مريرا عن عجز الوجود البشري والطبيعة

ما الذي يجعل الإنسان شاعرا؟ وكيف ينطبق هذا على شعر الهايكو في ضوء انتشاره المتزايد وشهرته العالمية؟

إن الشاعر الحقيقي هو الذي يستطيع أن ينفصل عن الجميع وعن كل شيء، وعلى الرغم من ذلك يبتكر روابط بين هذه الأشياء كلها بلغة تكوينية وإيحائية. لا أعرف حقا ما الذي تعنيه كلمتا "العالمية" و"الشهرة". إنهما مصطلحان غامضان، وهما من الأوهام المفضلة لدى الأميركيين.

تتناول قصائدك الواقع السياسي العالمي، كما حين تقول: "الصحف تمتص كمية كبيرة من الدماء"، هل يعد هذا جديدا على الهايكو؟

أولا، في العالم الناطق بالإنكليزية يبسط شعر الهايكو الياباني، أو يساء فهمه غالبا. قصيدة الهايكو المذكورة تعبر عن خطر الدعاية الكامن في قلب الصحافة. من النادر أن نجد قصيدة هايكو تنتقد الثقافة الإنسانية.

ما الذي يجذبك للعودة إلى هذا الشكل الشعري؟

كتابة قصيدة الهايكو تمنحني فرحا، لأنها تكشف لي إدراكا مريرا عن عجز الوجود البشري والطبيعة، ومع ذلك أواصل العيش وأكتسب حدسا جديدا.

Hiroyuki Izutsu
شاعر الهايكو بانيا ناتسوإيشي

ما رؤيتك الكامنة خلف تأسيس "الجمعية العالمية للهايكو" عام 2000، وكيف ترى دورها اليوم؟

تأسست الجمعية العالمية للهايكو في سلوفينيا في سبتمبر/ أيلول 2000، ثم أعيد تأسيسها في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه. كان الدافع الكامن وراء تأسيسها هو الترويج لشعر الهايكو بوصفه جوهر الشعر في جميع اللغات لكن كسل الذين يستسهلون كتابة الهايكو عرقل هذه الرؤية.

أطلقت مع الشاعرة سايومي كاماكورا عام 1998 مجلة غينيو (التروبادور). ما الذي ألهم تأسيسها؟

كان هدفنا مواصلة إبداع قصيدة الهايكو باللغة اليابانية بوصفها شعرا يابانيا حديثا وإدخال قصائد الهايكو الممتازة المكتوبة باللغات الأخرى غير اليابانية إلى اليابان.

Hiroyuki Izutsu
من أعمال بانيا ناتسوإيشي

أنت أيضا معروف كرسام للهايجا. كيف يرتبط إبداعك الفني بأعمالك الشعرية؟

في البداية، كانت الصورة والكتابة شكلا واحدا من أشكال التعبير. وفي فن الهايجا يتداخل هذان العنصران، حيث تقدم الرسوم بوصفها إشارات أو تلميحات تساعد على تفسير قصيدة الهايكو المكتوبة بالفرشاة.

قيل إن "البابا الطائر" في ديوانك "البابا الطائر في السماء" يذكر بباشو وغيره من المعلمين. هل تراه حوارا مع التراث، أم خطوة نحو أفق جديد؟

كان تأثير باشو محدودا، ما فعلته هو أنني سعيت إلى تجاوز كاتسوشيكا هوكوساي الذي صور جبل فوجي من زوايا مختلفة.

قارن أحد النقاد بين صوتك الشعري وصوت والت ويتمان الذي "يعبر عن ذوات متعددة"، هل ترى نفسك في حوار مع شعراء عالميين، أم أن هذا مجرد نتاج للعولمة؟

لا أفهم ويتمان بما يكفي. أؤمن أن الشعر الحقيقي متعدد الطبقات وغير متوقع. أما العولمة فهي وهم ولد في الولايات المتحدة في المراحل المتأخرة من الرأسمالية.

من من الشعراء العرب معروف في اليابان، وماذا يقدمون مما يبدو جديدا أو غير مألوف للقارئ الياباني؟

للأسف، الشعراء العرب غير معروفين جيدا في اليابان، وهناك ترجمات محدودة لأعمالهم.

الشعراء العرب غير معروفين جيدا في اليابان، وهناك ترجمات محدودة لأعمالهم

كيف أثر الشعر الأجنبي في الحساسية الشعرية اليابانية؟

أولا، هناك تأثير الشعر الصيني القديم. فاستخدام الحروف الصينية، ونوعي الخط المشتقين منها، لعب دورا كبيرا في تأسيس الشعر الياباني، بل وحتى الثقافة اليابانية بشكل عام. على صعيد الحس الشعري، أصبحت اليابان أكثر رهافة من الصين. ومنذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، انتشرت محاكاة الشعر الغربي في اليابان، لكن الشعر الياباني عانى من ضعف في الإيقاع الموسيقي والأسلوب الشعري وخاصة على صعيد البناء الفني للقصيدة.

ما الدور الذي تلعبه الترجمة في الفهم العابر للثقافات لشعر الهايكو والشعر العالمي؟

الترجمة هي الأهم في الشعر، لكنها ضرورية في جميع المجالات. ذلك أن الترجمة تنطوي على فهم، وسوء فهم، وانزلاقات، ومعجزات أيضا.

هل تعتقد أن قصيدة الهايكو تتطور لتصبح شكلا شعريا عالميا، أم هي يابانية الجوهر؟

الهايكو جوهر الشعر في جميع أنحاء العالم.

font change

مقالات ذات صلة