يشهد المشهد السياسي والبرلماني في المغرب حاليا فترة استثنائية من التوتر والتصعيد، بلغت ذروتها في مشادات لفظية عنيفة تحت القبة التشريعية. حيث تجاوزت هذه الأحداث حدود السجال السياسي التقليدي، لتكشف عن صراع مرير متعدد الأبعاد تتداخل فيه الآيديولوجيا والمصالح الاقتصادية ومحاولات الإقصاء السياسي.
لم تكن المشادة الأخيرة بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي، ونواب "حزب العدالة والتنمية"، مجرد حادثة فردية، بل كشف عن تدهور في الخطاب البرلماني وتغليب النزعة الشخصية والحزبية الحادة على المصلحة العامة.
ويعكس هذا الأداء ابتعادا واضحا عن الوظائف الدستورية الأساسية للبرلمان، أي التشريع ومناقشة البرامج الحكومية، إذ تحول المشهد إلى ساحة لتصفية الحسابات والاتهامات الشخصية، ووصل التوتر إلى ذروته عندما استخدمت كلمات نابية، وكاد أن يتطور الموقف إلى تشابك بالأيدي.
هذه الواقعة، التي نقلها البث التلفزيوني الرسمي مباشرة، أثارت موجة استنكار واسعة، مؤكدة أن ما حدث يمثل "اعتداء لفظيا على سلطة منتخبة وإهانة لكرامة المجلس وهيبته".
وأجمع مراقبون أن حدة الخطاب لم تكن وليدة اللحظة، بل هي رد فعل على الضغط المتزايد من قبل نواب المعارضة الذين يتهمون الحكومة بإهدار المال العام، فضلا عن إثارة استجوابات بشأن مزاعم فساد في القطاع العقاري.
