مع انقضاء عام 2025، يبرز المشهد الاقتصادي للمنطقة العربية صورة متناقضة تعكس التنوع الكبير في الظروف السياسية والجيوسياسية والموارد الطبيعية. فبينما شهدت بعض الدول نموا ملحوظا مدعوما بإصلاحات هيكلية واستراتيجيات تنويع الاقتصاد، واجهت أخرى تحديات عميقة أدت إلى تدهور أوضاعها المالية والاجتماعية. وتشير التقارير الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إلى توقع نمو إقليمي متوسط يبلغ 3.2 في المئة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2025، مع تفاوت كبير بين الدول. ويتضح هذا التفاوت في الأداء الاقتصادي بدءا من الدول التي حققت إنجازات بارزة، مرورا بالدول التي حافظت على استقرار نسبي، وصولا إلى الدول التي تواجه أزمات شديدة، مما يسلط الضوء على الدروس المستفادة والآفاق المستقبلية للمنطقة.
دول الخليج: تنويع متسارع
بدأ عام 2025 بتفاؤل حذر في الدول الخليجية، التي استفادت من ارتفاع أسعار الطاقة في السنوات المنصرمة لتعزيز برامجها التنموية والخروج السريع من تباطؤ 2024. وحقق النمو دعما من القطاع النفطي، مع تقدم أسرع في القطاعات غير النفطية، مدعوما بإصلاحات مالية وتشريعية جريئة، وبرامج تنويع متسارعة واستثمارات مكثفة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والسياحة والصناعات المستقبلية.
حققت السعودية، على سبيل المثل، تقدما ملموسا في رؤيتها 2030، حيث أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن 85 في المئة من المبادرات قد اكتملت أو على وشك الاكتمال. صندوق الاستثمارات العامة تلامس أصوله المدارة التريليون الدولار، في محفظة استثمارية متنوعة تشمل استثمارات محلية وإقليمية ودولية عبر قطاعات متعددة. تجاوز النمو غير النفطي في السعودية التوقعات، مع إيرادات سياحية بلغت 154 مليار ريال (نحو 41 مليار دولار) عام 2024، وهو ما يفوق إجمالي إيرادات السياحة في دول مثل مصر وتونس والأردن مجتمعة.



