الأرقام إلى ارتفاع
منذ 2002، تروج منظمة العمل الدولية لـ"يوم مكافحة عمل الأطفال"، بهدف تركيز الاهتمام على حجم انتشار هذه الظاهرة وتعزيز الجهود اللازمة للقضاء عليها. كذلك يدعو الهدفان السابع والثامن من أهداف التنمية المستدامة التي أقرها قادة العالم عام 2015 إلى "اتخاذ تدابير فورية وفاعلة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والإتجار بالبشر لضمان حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال واستئصاله، بما في ذلك تجنيدهم، والقضاء على عمل الأطفال بأشكاله كلها بحلول عام 2025".
وتشير الإحصاءات إلى عودة ظاهرة عمالة الأطفال الى الارتفاع بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة في الدول العربية وشمال افريقيا عموما، بسبب موجات عدة من الحروب والنزاعات المسلحة واللجوء والنزوح الجماعي، وهو ما أثر على أكثر من نصف هذه الدول التي تشمل العراق والأردن ولبنان وليبيا والصومال والسودان وسوريا وتونس والضفة الغربية وقطاع غزة واليمن. يضاف إلى ذلك المشاكل الاجتماعية والتفكك الأسري وهشاشة الاقتصاد ونقص فرص التعليم.
ويوضح تقرير لمنظمة العمل الدولية أن آثار الصدمات الاقتصادية الأخيرة والاضطرابات السياسية أدت إلى تفاقم مستويات عمل الأطفال عما كانت عليه في السابق، كما تسببت في قلب مسار التقدم الذي كانت البلدان العربية قد أحرزته في مكافحة عمل الأطفال من خلال سياسات وإجراءات عملية كانت قد وضعتها.
وأضاف: "كما هي الحال في كل أنحاء العالم، كانت النساء والأطفال أشد المتضررين من النزاع في المنطقة. ونتيجة لذلك، برزت مشكلة عمل الأطفال لتكون أهم المسائل المتعلقة بحماية الطفل في المنطقة، والتي تتطلب اهتمامنا واتخاذ إجراءات عاجلة".
أطفال عراقيون يعملون في ورشة ميكانيك وسط بغداد في 2006
استعباد الأطفال بالملايين
وأفاد التقرير بوجود نحو 160 مليون طفل عامل في العالم، يعمل كثير منهم بدوام كامل وفي ظروف بائسة في معظم الاحيان. هذا ويعمل أكثر من نصفهم في بيئات خطيرة أو يعاني من الاستعباد وغيره من أشكال العمل الجبري والأنشطة غير المشروعة بما في ذلك تهريب المخدرات والدعارة، وكذلك التورط في النزاعات المسلحة.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يوجد حاليا قرابة 9,2 ملايين طفل عامل (8,4 في المئة من العدد الإجمالي في العالم)، تحاصرهم ظروف الفقر وانتشار البطالة وتدني جودة التعليم، مما يؤدي إلى تسربهم المبكر من المدرسة. ومعظم هؤلاء الأطفال يعمل في الزراعة، ونحو 57 في المئة منهم في أعمال خطيرة.
وقد شهد العقد الماضي تقدماً كبيراً في مكافحة عمل الأطفال في المنطقة العربية، إذ صدّقت الدول العربية كلها تقريباً على أهم اتفاقات منظمة العمل الدولية الخاصة بعمل الأطفال، وأبدت التزاماً بمواجهة هذه الآفة، وطبق كثير منها تدابير لحماية الأطفال كرفع الحد الأدنى لسن العمل.
كما وضعت دول عربية كثيرة تشريعات وقوانين وقرارات متعددة تستهدف القضاء على عمالة الأطفال. كذلك أقرت كثيرا من الخطط لتقليص نطاق هذه الظاهرة وصولاً إلى التخلص منها تماماً بحلول سنة 2025.
ويشير تقرير صدر عن جامعة الدول العربية إلى أن الأطفال في الدول العربية التي تشهد أعلى معدلات الفقر يعملون لساعات طويلة، في حين تنخفض النسبة في الدول العربية ذات الاقتصادات المزدهرة، ويرجح معدو التقرير أن الحروب والنزاعات ساهمت في انتشار ظاهرة التسرب من التعليم للانخراط في سوق العمل.