شبح هيروشيما يُخيم فوق الحرب الروسية-الأوكرانية

لمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا إلى أنه قد يلجأ إلى استخدام الأسلحة النووية.

AFP
AFP
صورة التقطها الجيش الأميركي في 6 أغسطس 1945، لسحابة دخان جراء إلقاء القنبلة الذرية فوق مدينة هيروشيما

شبح هيروشيما يُخيم فوق الحرب الروسية-الأوكرانية

يصادف السادس من أغسطس/آب هذا العام الذكرى الثامنة والسبعين لاستخدام السلاح النووي لأول مرة.

في ذلك اليوم الصيفي، ألقيت قنبلة ليتل بوي (الولد الصغير)، وهو الاسم الذي أعطته الولايات المتحدة للقنبلة الذرية التي ألقتها في ذلك اليوم المشؤوم، فسوت مدينةَ هيروشيما اليابانية بالأرض. وكأن قنبلة واحدة لا تكفي، فبعد ثلاثة أيام، أُلقيت قنبلة أخرى، وهي قنبلة "فات مان" (الرجل السمين)، على ناغازاكي، مسببة التأثير المدمر نفسهِ.

قضى ما بين 70 إلى 80 ألف شخص على الفور، ليرتفع العدد، في الأشهر والسنوات التي تلت ذلك، إلى 226 ألف ضحية، بسبب تعرض الضحايا لآثار الإشعاع.

دفعت تداعيات التفجيرين اليابان مباشرة إلى رفع نداءات من أجل السلام، وإنهاء الحرب العالمية الثانية أخيرا. وعلى المدى الطويل، دفعت الانفجارات العالم إلى عصر نووي جديد مرعب، حيث يمكن أن يُقتل عشرات الآلاف في غضون لحظات، وبمجرد ضغطة زر.

لحسن الحظ، لم تتكرر مشاهد هيروشيما وناغازاكي المرعبة، منذ عام 1945، ولكن العالم مر خلال الحرب الباردة بكثير من المواقف الحرجة، عندما راكم كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي مخزونات ضخمة من الأسلحة النووية، فنجد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وحرب أكتوبر/تشرين الأول (يوم الغفران) عام 1973، وكذلك مناورات "آبل آرتشر" عام 1983، وقد حملت جميعها تهديدا بحدوث مواجهة نووية مباشرة. ثم جاء انهيار الاتحاد السوفياتي يحمل معه بعض التفاؤل، خاصة في أوساط الغرب، بأن شبح الحرب النووية قد زال. ولكن بينما بدأت جنوب أفريقيا وجمهوريات سابقة من الاتحاد السوفياتي مثل أوكرانيا تتخلى عن ترساناتها النووية، فإن دولا نووية جديدة، بدأت في المقابل دول أخرى تنضم إلى الدول النووية، فطورت باكستان قدرة نووية عام 1998، ثم تلتها كوريا الشمالية عام 2006، في حين يعتقد على نطاق واسع أن جهود إيران لتطوير الطاقة الذرية تَحْمِلُ طموحات لتسلحها بالقوة النووية.

دفعت تداعيات التفجيرين اليابان مباشرة إلى رفع نداءات من أجل السلام، وإنهاء الحرب العالمية الثانية

ثم ظهرت تطورات أكثر إثارة للقلق منذ اندلاع الحرب الأوكرانية-الروسية، فقد لمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا إلى أنه قد يلجأ إلى استخدام الأسلحة النووية، بينما أصبح عدد من المسؤولين الروس أكثر وضوحا في تصريحاتهم. بينهم، على سبيل المثال، الرئيس الروسي السابق ونائب الأمين العام لمجلس الأمن الروسي حاليا، الذي صرح في مارس/آذار 2023، قائلا: "إن كل يوم يزودون فيه أوكرانيا بأسلحة أجنبية يقرب النهاية النووية للعالم". وتزيد مثل هذه الخطابات، في ظل وجود روسيا كأكبر ترسانة للأسلحة النووية في العالم، من احتمالية أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى وقوع هيروشيما جديدة.

عالم نووي

لا عجب أن يغدو تاريخ الأسلحة النووية بعد هيروشيما وناغازاكي سببا للخوف والتفاؤل في آن معا. ولذلك نرى القوى العظمى وقد تهافتت على تطوير المزيدِ والمزيد من أسلحة الدمار الشامل، من جانب، بينما تقوم عدة دول متوسطة وناشئة بمحاكاة القوى العظمى وإنتاج ترساناتها الخاصة من هذه الأسلحة.

ومن جانب آخر، بذل المجتمع الدولي، ومن ثم القوى العظمى نفسها، جهودا متضافرة لتنظيم وتقييد انتشار الأسلحة النووية، وهو الأمر الذي أدى إلى نزع السلاح على نحو ملحوظ، على الرغم من بقاء أعداد كبيرة منه.

AFP
الدمار في هيروشيما عام 1948، بعد ثلاث سنوات من إلقاء القنبلة الذرية

كانت واشنطن وموسكو أكثر المتسابقين تنافسا في سباقِ تسلح نووي مع احتدام الحرب الباردة، بدءا من عام 1949 عندما أجرى الاتحاد السوفياتي اختباراته النووية، ما أثار وقتها قلق الولايات المتحدة. كما أن استحواذهما على قواعد عسكرية في جميع أنحاء العالم وتطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات وغواصات نووية قد منحهما القدرة على شن هجمات نووية في أي مكان داخل أراضي بعضهما البعض. وبنيت المزيد والمزيد من الرؤوس الحربية من قبل هاتين الدولتين لتطويق بعضهما البعض. وبلغ الأمر ذروته في منتصف الستينات، إذ وصل عدد الرؤوس الحربية في الولاياتِ المتحدةِ إلى أكثر من 30 ألف رأس حربي، في حين كان لدى الاتحاد السوفياتي نحو 5000 فقط. ثم لحق اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بالركب عندما خفضت الولايات المتحدة ترسانتها على نحو طفيف، وقد حقق الاتحاد السوفياتي نجاحا في اللحاق بها والتفوق عليها، متباهيا بامتلاكه 40 ألف رأس حربي مقابل  24ألف رأس حربي لواشنطن في أواخر الثمانينات.

ظهرت تطورات أكثر إثارة للقلق منذ اندلاع الحرب الأوكرانية- الروسية، فقد لمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا إلى أنه قد يلجأ إلى استخدام الأسلحة النووية

وفي ذلك الوقت، كانت كل من بريطانيا وفرنسا والصين تطور قدراتها النووية الخاصة، حيث ظهرت قدراتها النووية تباعا في الأعوام 1952 و1960 و1964 على التوالي، على الرغم من أنه لم يقم أي منهم ببناء أكثر من بضع مئات من الرؤوس الحربية. وفي الستينات، شهدت إسرائيل تطوير تقنية الطاقة النووية، على الرغم من عدم اعترافها علنا بامتلاكها للأسلحة الذرية. إذ يعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تعاونت مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لمساعدته في بناء ستة أسلحة نووية في الثمانينات. وفي عام 1974، أجرت الهند اختباراتها النووية الأولى، في حين تبعتها باكستان المنافسة الكبرى لها في عام 1998. وأصبحت كوريا الشمالية أحدث دولة في النادي النووي عام 2006.

وعلى الرغم من القلق الذي يساور الكثيرين بشأن انتشار الأسلحة النووية، إلا أن انتشارها على أغلب الظن كان ليصبح أوسع نطاقا مما لو كانت معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية غير موجودة، وهي المعاهدة التي دخلت حيز التنفيذ عام 1970. ووافقت المعاهدة على عدم وجود دول نووية أخرى بخلاف الدول الخمس التي تمتلك أسلحة نووية في وقت إنشاء المعاهدة، أي عام 1967، وسيسمح لها بتطويرها اعتبارا من عام 2016، فقامت 191 دولة بالتسجيل. واختارت أربع دول أعضاء في الأمم المتحدة عدم الانضمام، وهي إسرائيل، والهند، وباكستان، بالإضافة إلى دولة جنوب السودان الجديدة. كما وقعت كوريا الشمالية في البداية على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ولكنها انسحبت منها عام 2003.

وفضلا عن موافقة معظم الدول على الحد من انتشار الأسلحة النووية، وافقت القوى العظمى كذلك منذ منتصف الحرب الباردة على تجميد ترساناتها النووية، ومن ثم وافقت على تقليصها لاحقا. وجاءت معاهدتا "سالت-1"، و"سالت-II" في سبعينات القرن الماضي لتشهدا تحديد الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي بتحديد عدد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي يمتلكها كل طرف. وشهدت أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات مع تراجع الاتحاد السوفياتي توقيعَ المزيد من المعاهدات التي حدت من أعداد الصواريخ بعيدة المدى. وبعد عدة اتفاقيات فضفاضة أخرى، شهد عام 2010 معاهدة "ستارت الجديدة"، والتي خفضت الأسلحة النووية التي نشرتها روسيا والولايات المتحدة بمقدار النصف تقريبا.

إن هذه الاتفاقيات، إلى جانب قرار جنوب أفريقيا بنزع السلاح في التسعينات، وإزالة آلاف الصواريخ السوفياتية من جمهوريات أوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان المستقلة حاليا، تعني إجمالا أن العالم بات يمتلك حاليا أقل عدد من الأسلحة النووية منذ أواخر الخمسينات.

كانت واشنطن وموسكو أكثر المتسابقين تنافسا في سباقِ تسلح نووي مع احتدام الحرب الباردة، بدءا من عام 1949 عندما أجرى الاتحاد السوفياتي اختباراته النووية

واليوم، تشير تقديرات من اتحاد العلماء الأميركيين إلى أن روسيا تمتلك حاليا 5899 رأسا حربيا، في حين تمتلك الولايات المتحدة 5244، والصين 410، وفرنسا 290، والمملكة المتحدة 225، وباكستان 170، والهند 164، وإسرائيل 90، وكوريا الشمالية 30. وبحساب بسيط، نجد أن الولايات المتحدة وروسيا تمتلكان معا أكثر من  90في المئة من أسلحة الدمار الشامل في العالم.

وعلى الرغم من أن عدد الرؤوس الحربية الآن أقل بكثير من المستويات المتطرفة التي وصلتها الحرب الباردة، إلا أن كل قوة نووية ما تزال تمتلك أكثر بكثير من قوة النيران الكافية للقضاء على أعدائها عدة مرات. وبالتالي، فإن رغبة بوتين والمسؤولين الروس الآخرين في إدخال أسلحة نووية في صلب النقاش حول حرب أوكرانيا قد أثارت قلق الحكومات الأجنبية، خاصة في الغرب، وذلك لأسباب مفهومة؛ ففي سبتمبر/أيلول 2022، وبعد سبعة أشهر من غزو أوكرانيا، ومع إجبار روسيا على التراجع والشروع في التعبئة العامة، صرح بوتين أن روسيا لديها "الكثير من الأسلحة للرد" على ما سماه التهديدات الغربية على الأراضي الروسية. كما أكد للقادة الغربيين أن "هذه ليست خدعة".

على الرغم من القلق الذي يساور الكثيرين بشأن انتشار الأسلحة النووية، إلا أن انتشارها على أغلب الظن كان ليصبح أوسع نطاقا مما لو كانت معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية غير موجودة

ومنذ ذلك الحين، لم يتراجع بوتين أو يلين موقفه؛ ففي فبراير/شباط 2023، أعلن أن روسيا ستوقف مشاركتها في معاهدة "ستارت الجديدة"، وهي آخر معاهدة كبيرة وقعتها روسيا مع الولايات المتحدة لمراقبة الأسلحة النووية.

وفي يونيو/حزيران، أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أن الأسلحة النووية التكتيكية الروسية تم نشرها في بلاده، وهو أمر يعيد تسليح بيلاروسيا لأول مرة منذ بداية التسعينات. وزعم أن هذه الأسلحة، التي يقال إنها أكثر قوة بثلاث مرات من قنبلة هيروشيما، قد صُممت للاستخدام في ساحة المعركة، وهو تهديد واضح لأوكرانيا.

AFP
رئيس الوزراء فوميو كيشيدا والرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني وأولاف شولتز في صورة جماعية بعد وضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري لضحايا القنبلة الذرية في حديقة السلام بمدينة هيروشيما

وقد تم توجيه العدوان إلى ما هو أبعد من كييف؛ ففي مارس/آذار، عندما قدمت المملكة المتحدة إلى كييف قذائف اليورانيوم المنضب المضادة للدبابات، صرح بوتين: "سيضطر الروس إلى الرد بالمثل، نظرا لأن الغرب بدأ بالفعل في استخدام أسلحة تحتوي على مكون نووي". وعلى الرغم من عدم توضيح هذا الأمر على نحو أكثر جلاء، فإن الكثيرين فسروا ذلك كإشارة إلى أنه قد يفكر في إطلاق أسلحة نووية على بريطانيا. وبالتالي، فإن تصريحات بوتين تؤكد أن روسيا ما زالت تمتلك قوة نارية كافية للرد على أي تهديدات قادمة من الغرب، وأنها مستعدة لاستخدامها إذا لزم الأمر. وهذا يزيد من التوترات بين روسيا والدول الغربية، ويثير المخاوف من اندلاع حرب نووية. ومن المهم التذكير بأن استخدام الأسلحة النووية قد يؤدي إلى تدمير العالم بأسره، وأن الحوار والتفاوض هما الطريق الوحيد لحل النزاعات الدولية بشكل سلمي.

خدعة بوتين؟

ما مدى خطورة هذه التهديدات؟ يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن متردد في تقديم إجابة حاسمة على هذا السؤال، حيث صرح في يونيو/حزيران 2023 بأن التهديد "حقيقي"، ثم صرح بعد شهر بأنه لا يوجد "احتمال حقيقي لاستخدام بوتين للأسلحة النووية".

ومثل هذا الغموض ليس مفاجئا، ولعله يعكس انقساما مماثلا بين الخبراء والمحللين، الذين يجادل بعضهم، من المتخصصين في روسيا والأسلحة النووية، بأن بوتين، رغم كل خطاباته، مخادع على الأرجح. ويقول فاليري أكيمينكو من "مركز أبحاث دراسات الصراع": "ستستخدم روسيا الأسلحة النووية الروسية في حالات استثنائية فقط".

وهناك أيضا استطلاع رأي لمختلف الخبراء ظهر في "مركز أبحاث تشاتام هاوس"، وخلص إلى أن روسيا ترى في المقام الأول أسلحتها النووية كرادع دفاعي سياسي وليست باعتبارها خيار حرب هجومية في ساحة المعركة.  ويستشهد هذا الاستطلاع بالمحللة أولغا أوليكر التي تقول إن روسيا تستغل وضعها كقوة نووية لإجبار الغرب على التراجع؛ فعلى الرغم من تصريحات بوتين، كما تقول، لا يوجد دليل يذكر على أن روسيا قد خفضت عتبة الاستخدام النووي منذ بدء الحرب الأوكرانية.

بالطبع، لا يريد أكيمينكو أن ينفي الخطر، بل هو يشير إلى التغير في العقيدة العسكرية الروسية أواخر التسعينات من "عدم البدء بالاستخدام" إلى "البدء المؤكد بالاستخدام إذا كان بقاء روسيا على المحك". فإذا كان بوتين يعتقد حقا أن بقاء روسيا مهدد، فقد يفكر، من الناحية النظرية، في الانتشار النووي حتى قبل مهاجمته من قبل سلاح نووي معاد.

من جانب آخر، يشعر بعض المحللين بقلق أكبر من أن يكون بوتين جادا بشأن تهديداته. بين هؤلاء لورين سوكين من كلية لندن للاقتصاد، التي تعتقد أن "معرفتنا بشخصية بوتين تقتضي أن يأخذ الغرب التهديدات على محمل الجد". والحق أن بوتين، مثله في ذلك مثل زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، زعيم ذو طابع شخصي للغاية محاط برجال يؤيدونه في كل ما يقول، دون ضوابط على سلطته. وكلا الزعيمين يشتركان في "قلق عميق بشأن تراثهما ويدفعهما طموح سياسي غير قانوني وغير واقعي في الشؤون الخارجية".

ووفقا لسوكين، فإن جنون الارتياب العميق لدى بوتين يجعله خطيرا، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر، سواء كانت تنطوي على أعمال نووية أم لا. يتماشى هذا مع ملاحظة أكيمينكو حول إمكانية الضغط على الزر النووي إذا كان "بقاء روسيا على المك". والحال أنه إذا كان بوتين يشعر بجنون العظمة والقلق حقا كما تشير سوكين، فقد يفسر أي تغيير في أوكرانيا على أنه تهديد لوجود روسيا ذاته، حتى لو لم يكن الأمر كذلك.

تشير تقديرات من اتحاد العلماء الأميركيين إلى أن روسيا تمتلك حاليا 5899 رأسا حربيا، في حين تمتلك الولايات المتحدة 5244، والصين 410، وفرنسا 290، والمملكة المتحدة 225، وباكستان 170، والهند 164، وإسرائيل 90، وكوريا الشمالية 30. 

يتوقف الكثير على شخصية فلاديمير بوتين. ربما يستخدم التهديد النووي كوسيلة لتعزيز نفوذه، دون أي نية حقيقية لشن هجوم نووي في أوكرانيا أو في أي مكان آخر. ومع ذلك، هناك أيضا احتمال بأن يدرك حقا الدعم الغربي لكييف باعتباره تهديدا وجوديا لروسيا وقد يكون على استعداد لاستخدام الأسلحة النووية بشكل استباقي. يعكس هذا الموقف خلال معظم فترات الحرب الباردة عندما لعبت شخصية القادة السوفيات والأميركيين دورا محوريا في صنع القرار النووي.

وقد يعتمد مجرى الأحداث بشكل كبير على شخصية فلاديمير بوتين، الذي من الممكن أن يستخدم تهديد السلاح النووي كأداة استراتيجية لتعزيز قوته ونفوذه فحسب، دون أي نية حقيقية لشن هجوم نووي في أوكرانيا أو في أي مكان آخر. ولكن من يدري؟ ربما، من ناحية أخرى، يتصور بوتين بصدق أن دعم الغرب لكييف يشكل تهديدا حقيقيا وجوهريا لروسيا وقد يكون على استعداد لاستخدام الأسلحة النووية على نحو استباقي.

ظلال هيروشيما

ورغم أن هذا الاحتمال مخيف، إلا أنه يستعيد طابع التوازن في عصر الحرب الباردة، حيث كان اتخاذ قرارات شن هجمات نووية يعتمد بشكل كبير على شخصية قادة الاتحاد السوفياتي (والرؤساء الأميركيين).

ولو كان في مكان خروتشوف أو كنيدي شخصيات أكثر تشددا منهما، لكانت يد أحدهما امتدت فضغطت على الزر خلال أزمة الصواريخ الكوبية.

مع إجبار روسيا على التراجع والشروع في التعبئة العامة، صرح بوتين بأن روسيا لديها "الكثير من الأسلحة للرد" على ما سماه التهديدات الغربية على الأراضي الروسية. كما أكد للقادة الغربيين أن "هذه ليست خدعة"

توقع مثل هذا السيناريو الرهيب دفع بالكثير إلى الدعوة لمزيد من الجهد لنزع السلاح النووي على مر السنين. في حين تم إحراز تقدم كبير في السنوات الأخيرة من الحرب الباردة ومرحلة التسعينات، كان هناك تراجع عن ذلك في الآونة الأخيرة.

وعلى الرغم من أن اجتماع مجموعة السبع 2023 انعقد بشكل رمزي في هيروشيما، وحث رئيس الوزراء الياباني القادة على إعادة الالتزام بنزع السلاح النووي في ضوء تهديدات بوتين، فإن التركيز في القمة كان أكبر على مواجهة الصين ودعم أوكرانيا ضد روسيا، مما كان على مناقشات نزع السلاح النووي.

font change

مقالات ذات صلة