4 أفلام جديدة تواجه الحظر لأسباب سياسية أو أخلاقية

مهرجانات السينما ساحات سجال

Majalla
Majalla

4 أفلام جديدة تواجه الحظر لأسباب سياسية أو أخلاقية

هوليوود: في أسبوع واحد، مطلع هذا الشهر، صدرت قرارات تشذيب ومنع أفلام من المفترض عرضها في ثلاثة مهرجانات دولية هي لوكارنو وتورونتو وفينيسيا. في الحصيلة هي أربعة أفلام، واحدٌ منها سحبه منتجوه، وانتقدت الجماعات التصحيحية عرض فيلمين، ومُنع مخرج أحد هذه الأفلام الأربعة من السفر لتسلم جائزة كبرى فاز بها.

هذه الأفلام هي: الفيلم الهندي "بنجاب 95" والإيراني "منطقة حرجة" والفرنسي- السويسري "القصر" والفرنسي "انقلاب حظ".

بالنسبة إلى "بنجاب 95" لهوني تريهان، كان مقرّرا عرضه في الأيام الأولى من مهرجان تورونتو الذي ينطلق في 8 سبتمبر/أيلول المقبل، لكن الشركة المنتجة (RSVP) قرّرت سحبه فجأة حسبما أعلن المهرجان نفسه. وفي اتصال مع الفريق الإعلامي للمهرجان قال إن الجهة المنتجة لم توضح الأسباب الداعية لسحب الفيلم.

وحسب تقارير نشرتها مجلتا "سكرين" البريطانية و"فارايتي" الأميركية، فإن الخوف من أن يؤجّج الفيلم مشاعر الطائفة السيخية يقف وراء قرار سحب الفيلم من تورونتو التي تعيش فيها، مثل لندن، جالية كبيرة من أبناء تلك الطائفة. هذا فضلا عن مشاكل الفيلم مع الجهات الرقابية في الهند.

لكن إذا كان هذا هو السبب فعلا، فالأجدى النظر إلى وضع عرض هذا الفيلم الذي يتحدّث عن قمع تظاهرات السيخ وخطف بعض قادتهم والمذابح التي شهدتها سنوات ما قبل 1984 داخل الهند نفسها. ففي العام 2022 قدّمت نسخة الفيلم المنجزة إلى مكتب الرقابة الهنديالمعروف بـCentral Board of Film Certification طلبا للتصريح بالعرض. وبعدما شاهدت الرقابة الفيلم مرّتين، أوصت، بحسب مصادر هندية، بحذف 21 مشهدا منه وتغيير عنوانه من Ghallughara إلى "بنجاب 95".

 يُشاع في الإعلام الهندي أن "بنجاب 95" يثير مخاوف من اندلاع نعرات جديدة بين المسلمين والسيخ تبعا لعقود من الصراع حول هوية تلك المقاطعة


لم تقتنع الشركة المنتجة بهذا القرار وتوجّهت إلى المحكمة معترضة عليه. لذلك من الممكن أن يعود سحب الفيلم من العروض العالمية (وهو لم يعرض بعد في الهند) إلى أنه إذا ما عُرض بالمحذوف منه فلا يعود هناك سبب لدى المحكمة لتجيز عرضه كاملا.

التحفّظ الذي أبدته الرقابة الهندية بالنسبة إلى العنوان، هو أنه ينتمي إلى ما حدث للطائفة من "مذابح" في الأعوام 1746 و1762 و1984، مما يزكّي النعرة الطائفية في البلاد. كذلك الحال بالنسبة إلى المشاهد المحذوفة في حكاية تتمحور حول أحداث العام 1984 عندما انطلقت شرارة جديدة من الاحتجاجات ضدّ قرارات رئيسة الوزراء أنديرا غاندي التي وُصفت بالتعسفية طلبت فيها من الشرطة قمع التظاهرات بكل قوّة. في العام نفسه قام حارسا أمن من السيخ مكلّفان حماية غاندي باغتيالها تأييدا للطائفة التي ينتميان إليها.

الحال أنه لا يمكن تقييم فيلم لم يشاهده أحد سوى أصحابه والمعنيين الرسميين، إنما يُشاع عنه في الإعلام الهندي أنه يثير مخاوف من اندلاع نعرات جديدة بين المسلمين والسيخ تبعا لعقود من الصراع حول هوية تلك المقاطعة الشمالية من الهند وعلى خلفية اختفاء الداعية السيخي جسوانت سينغ خالرا الذي اختطف ولم يعثر عليه إلى اليوم.

لا بد من القول إن هذا الموضوع ليس جديدا على السينما الهندية إذ تداولته بضع مرّات، آخرها عبر فيلم "دارام يود مورشا" من إخراج نارش س. جارج، قدّم الأحداث نفسها في إطار شبه تسجيلي، وسعي السيخ إلى الانفصال بولاية البنجاب على أساس كونهم الأكثرية فيها.

وهذا الأخير لم يشهد عروضا خارج الهند سنة 2016.

 

عالم سفليّ

أما الفيلم الإيراني "منطقة حرجة" فمسألة مختلفة تماما. المنع في هذه الحالة شمل المخرج علي أحمدزاده الذي توجّه إلى المطار حاملا الدعوة التي تلقاها من مهرجان لوكارنو لحضور عرض فيلمه، لكنه اكتشف أنه ممنوع من السفر.وهذا قبل إعلان لجنة التحكيم في المهرجان السويسري المهم منح "منطقة حرجة" جائزة المهرجان الذهبية والكشف أن المخرج لم يستطع الحضور لتسلم جائزته لأسباب أمنية.

هذا ليس جديدا بل حدث سابقا مع مخرجين إيرانيين آخرين (بينهم محمد رسولوف وجعفر بناهي) حقّقوا أفلاما وبعثوا بها إلى المهرجانات (أحيانا من دون موافقة الرقابة) ثم منعوا من اللحاق بأفلامهم.

بالنسبة إلى فيلم أحمدزاده، لا تختلف أسباب عدم رضا مسؤولي الرقابة عن تلك التي سبقته، وفحواها أن الفيلم لا يعرض الواقع بل يشوّهه. أحيانا يكون السبب المعلن أن المخرج ممنوع في الأساس من مزاولة العمل كما كانت حال جعفر بناهي الذي لم يمنعه قرار المحكمة عدم مزاولة أي نشاط، من توفير بضعة أفلام لمهرجانات فينيسيا وكان وبرلين، من بينها "هذا ليس فيلما" و"تاكسي".

فيلم أحمدزاده دراما اجتماعية حول أمير، الذي يعيش وحيدا مع كلبه الذي يعتبره رفيق حياته. يقود سيارته ليلا في الأزقة والحارات التي لا يجرؤ أحد على دخولها. هو تاجر مخدّرات يعرف كل الأماكن التي تحتاج إليه. لكن الفيلم لا يقدّمه شخصا شريرا، على العكس يصفه كأنه مخلّص يساعد الناس على الهرب من الأوضاع التي يعانون منها. فيلم عن المخدرات والكحول كونهما موازيين للوحدة والألم الاجتماعي في طهران اليوم. لا عجب أن تكون السلطات وضعت المخرج على قائمة الممنوعين من مغادرة البلاد، في ضوء الكمّ من الأسى الذي يتضمّنه الفيلم.

 

على الرغم من ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن بعض اللقطات المتسرّبة من الفيلم تشي بإيحاءات مثلية قد تكون لعبت دورا في القرار الذي صدر بمنع الفيلم المعني من العرض خارج البلاد.

هل كان قرار منح الفيلم الجائزة الكبرى سياسيا، نكاية بالجمهورية الإسلامية؟ أم أنه سياسي من باب التوجّهات العالمية المشجّعة للمثلية؟ سؤالان وجيهان لكن لا جواب عنهما إلا بمشاهدة الأفلام التي اشتركت في مسابقة هذا المهرجان العتيد والمقارنة بين "منطقة حرجة" وتلك الأفلام الأخرى.

 

حب ممنوع

في إطار مهرجان فينيسيا الإيطالي، تجرى الاستعدادات للاحتفال بمرور 80 سنة على انطلاق المهرجان الذي أسسه موسوليني ومنع عنه أفلام الحلفاء خلال الحرب، مخصصا عروضه وجوائزه لأفلام المحور الألماني- الإيطالي.

الحرب العالمية الثانية انتهت وكذلك المنهج الذي اعتمد طويلا. اليوم مهرجان فينيسيا يعدّ من أهم مهرجانات العالم وبل يعتبره البعض الهدف الحقيقي لكل من ينشد عروضا فنية غير خاضعة للبهرجة التي يوفّرها مهرجان كان.

الوضع الذي واجهه فينيسيا هذا العام هو احتجاج جهات "الصوابية السياسية" ومن بينها حركة "مي تو" (أنا أيضا) ومن ضمنها جمعيات ترى أن عرض أفلام لمخرجين أو سينمائيين جرى اتهامهم بقضايا جنسية أمر لا يجوز ومن الواجب وضع حدّ له.

في الواقع، لدى المهرجان الإيطالي هذا العام فيلمان ينطبق عليهما هذا الوضع. فيلم وودي آلن "انقلاب حظ" وفيلم رومان بولانسكي "القصر".

لا تختلف أسباب عدم رضا مسؤولي الرقابة الإيرانية عن فيلم أحمدزاده والأفلام التي سبقته، وفحواها أن الفيلم لا يعرض الواقع بل يشوّهه

بالنسبة إلى وودي آلن (87 سنة، نحو 58 فيلما) لا يبتعد "انقلاب حظ" كثيرا عن فحوى أفلامه السابقة. هو، أيضا، عن الثنائي العاشق الذي لا يزال في حالة حب، إلى أن تلتقي فاني (لو دي لاج) ألان (نيل شنايدر) الذي كان صديقا لها أيام الدراسة. تقع في حبّه شيئا فشيئا وتبدأ التفكير في محاولة التخلص من شريكها جان (ملڤيل بوبو). ربما التغيير الأكبر بالنسبة إلى حكايات آلن حول مسألة عدم الاستقرار العاطفي، هو أن الفيلم مسجّل على أنه تشويقي، مما قد يعني أنه ربما يحتوي على الشروع في جريمة قتل.

الاحتجاج الذي تسلمه مدير المهرجان ألبرتو باربيرا حال إعلان ضم هذا الفيلم إلى قائمة عروض المهرجان الذي سيبدأ في الثلاثين من الشهر الحالي ويستمر حتى العاشر من الشهر المقبل، هو أن المخرج متهم بجنايات أخلاقية عدّة بدأت بدعوى رفعتها شريكته السابقة، الممثلة ميا فارو، متهمة إياه بالتحرش الجنسي بابنتها.

إلى جانب دفاع آلن عن نفسه حيال كل قضية، لم تجد المحكمة ما يثبث الجنح التي اتهم بها المخرج. وهذا ما استند إليه المدير العام للمهرجان في ردّه على النقد الموجّه إليه بقبول عرض فيلم آلن. قال في حديث هاتفي خاص: "وودي آلن حوكم وبرّئ من التهم التي وجّهت إليه وبالتالي ليس هناك أي مانع يقتضي عدم عرض فيلم لمخرج كبير مثل وودي آلن".

 

أسطوانة مشروخة

ردّ مماثل وجهه ألبرتو باربيرا أخيرا إلى الجوقة نفسها من المحتجين. هذه المرّة حيال قبول المهرجان عرض فيلم جديد للمخرج البولندي-الفرنسي رومان بولانسكي (89 سنة، نحو 42 فيلما) هو "القصر" لم يتسرّب إلا القليل جدا عنه، باستثناء أنه كوميديا سوداء حول نزلاء فندق سويسري خلال حفلة نهاية العام، أي أنه ينتمي إلى الأفلام التي تقع في مكان واحد خلال ليلة أو يوم معين. المرجح هو وجود جريمة قتل مع توزيع الاتهامات على عدد لا بأس به من الحضور على طريقة روايات أغاثا كريستي.

لا يُخفى هنا أن الاحتجاج الذي ووجه به مهرجان فينيسيا يعود إلى الجناية التي ارتكبها بولانسكي في الولايات المتحدة عندما عاشر فتاة دون سن الرشد وهرب من المحكمة التي كانت ستودعه السجن. جناية لا يمكن نكرانها وخطيئة تداولتها وسائل الإعلام المختلفة لعقود وتتكرّر إزاء كل نشاط جديد للمخرج.

  مهرجان فينيسيا تحت نيران الانتقادات مجددا لعرضه فيلما لوودي آلن وآخر لرومان بولانسكي، وكلاهما متهم باعتداءات جنسية


عن سؤال وجهه أحد النقاد إلى مدير مهرجان فينيسيا حول عرض فيلم لمذنب ثبتت التهمة عليه، أجاب: "كما تعلم مضت عقود على تلك الجناية مارس خلالها المخرج حياته الفنية بكل ثبات وبعيدا عن ارتكاب أي جناية مماثلة. العجيب أن الفتاة المعتدى عليها أعلنت أكثر من مرّة أنها أسقطت دعواها وغفرت للمخرج خطأه، على الرغم من ذلك يصطاد البعض الفرص لاحتلال عناوين المواقع والصحف عبر تكرار الأسطوانة نفسها".

وأضاف: "لا تنسَ أننا عرضنا لبولانسكي قبل أربع سنوات فيلمه السابق "ضابط وجاسوس" وواجهنا النقد نفسه ولم نتراجع حينها ولن أتراجع اليوم كذلك".

على المحكّ هنا عدم التفريق بين الفنان وحياته الشخصية. بين ما يرتكبه من أخطاء وما ينتجه من موهبة. وكلما كبر شأن المخرج، كبر شأن التهم وتداولها في كل فرصة سانحة.

الأبعد من ذلك، أن المناداة بسحب فيلم لآلن أو لبولانسكي أو لأي سينمائي آخر، هي أداة منع صادرة عن المؤسسات والجمعيات نفسها التي قد تحتجّ على منع فيلم من العرض في دولة تجد ذلك الفيلم مسيئا لها أو لقيم شعبها.

font change

مقالات ذات صلة