الطائفية تستعر في لغة اللبنانيين... بوادر حرب أهلية جديدة؟

مشهد اليوم يختلف عن عشية 1975

AFP
AFP
الاحتفال بالذكرى الثالثة والثلاثين لاندلاع الحرب الأهلية في لبنان بين عامي 1975 و1990

الطائفية تستعر في لغة اللبنانيين... بوادر حرب أهلية جديدة؟

بيروت: هويات متقاتلة موضوعة جانبا يعيد اللبنانيون إشهارها، كأنّ الحربَ الأهليّة وعلى الرغم من أفولها عام 1990 غرست في النفوس خطوط تماس قابلة للاشتعال في أي لحظة. لا يتوانى اللبنانيون عن إعادة إنتاج عصبيّاتهم الطائفية أمام كلّ مسألة سياسية أو خطاب عام يدور اليوم حول الحرب في غزة وتأثيرها عليهم، مما يكرّس الخوف بأنّ لا شيء يردع اقتتالات أهليّة، مثل حادثة الشاحنة في الكحالة (أغسطس/ آب 2023) وأحداث عين الرمانة (أكتوبر/ تشرين الأول 2021)، وتشنجات مسلّحة في خلدة، ناهيك بتراشق مستمر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وسط تفشي هذه المظاهر الطائفية، يستدعي موقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الأخير أسئلة عن مكامن العطب، بعدما طاولت البطريرك حملة هجوم وازدراء غير مفهومة بالمنطق العام. فدعوته إلى لمّ التبرعات على صواني الكنائس للمهجرين من قرى الجنوب بسبب المعارك الدائرة مع الإسرائيليين تنمّ عن تقارب بين الطوائف اللبنانية وتحثّ عليه. ما حدث كان العكس.

الركون البليد إلى أنّ "هذا هو لبنان القائم على الفرز الطائفي والمناطقي" لا يقدّم شيئا. ثمّة ضرورة لقراءة خريطة لبنان المنقسم على ذاته، والمشكلة المتصاعدة مع الجمهور المؤيد لـ"حزب الله"، ومنها الانطلاق إلى ما هو أشمل- كيف تتكتّل الطوائف الأهلية، ولأي أسباب لا يزال اللبنانيون يتبادل بعضهم مع بعض النظرات المسبقة، وفي ضوء كلّ هذه العوامل المؤاتية لاندلاع حرب أهليّة، كيف يحافظ لبنان على الحد الفاصل بين السلم والحرب، وهل في الإمكان إعادة إحياء حالة لبنانيّة تجترح مزاجا وفكرا مؤهلين لتبديل الوضع القائم؟

يسيطر على المجتمع المسيحي في لبنان انقسام عمودي، يضعف دوره، ويضرب بعرض الحائط شعار "الشركاء في الوطن"

دور الكنيسة المارونيّة

يبدأ المؤرخ والباحث في العلوم السياسية الدكتور عماد مراد بترتيب موجة الهجوم على البطريرك الراعي في المشهد الاجتماعي القريب والبعيد: "كان الهدف من دعوة البطريرك تغطية تقصير الدولة اللبنانية بعدما تبيّن أنّ خطة الإنقاذ بقيت نظريّة، وأنّ لبنان غير مستعد لاحتواء حرب شاملة. وهذا الموقف جاء مدفوعا من تقليد كنسي يقضي بتخصيص يومٍ لدعم عائلات محتاجة أو نجدة المتضررين من الحروب والكوارث الطبيعية"، يقول في حديث لـ"المجلة".

يقسم مراد ردود الهجوم والإساءات اللفظية قسمين، "البعض ساقته انفعالاته عن عدم فهم، وهذا يفسّر ولكن لا يبرّر القدح والذم الذي حصل. أمّا القسم الثاني، فيجسّد ردّ فعل جاهزا ومتعمدا، لأنه تعبير عن رفض مواقف البطريرك من سلاح 'حزب الله' وفساد السلطة وتمكين الجيش اللبناني وعدم المساومة على قيادة الجيش والمناصب المسيحية في الدولة".

يستعيد في هذا السياق موجة التخوين وتهم العمالة التي ساقها لبنانيون مؤيدون لـ"حزب الله" ضدّ المطران موسى الحاج في صيف 2022، وذلك بسبب اجتيازه الحدود اللبنانية-الفلسطينية للوصول إلى بلدة الناصرة ونقله تبرعات كنسيّة إلى عائلات محتاجة في لبنان.

وإذ تتّسع رقعة الفراغ بين الكتل الأيديولوجية التي تكوّن المجتمع اللبناني، يأسف مراد على الشحنة التعبويّة التي تدفع فئة من اللبنانيين إلى استسهال الكيل بـ"العمالة لإسرائيل" لكلّ شخص لا يتّفق مع توجهات "حزب الله". يتعرّض هذا الهجوم لدور استقلالي وثقافي واجتماعي لعبته الكنيسة المارونية في الأحداث المفصلية على مر التاريخ، مذكّرا بالبطريرك الحويك الذي شارك في مؤتمر الصلح عام 1919 بهدف توسيع لبنان وردّ الأراضي المنتزعة منه، ومطالبة البطريرك عريضة عام 1943 بالاستقلال عن فرنسا لكل اللبنانيين.

AFP
البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يحيي أنصاره في 27 فبراير/ شباط 2021

الانقسام المسيحي-المسيحي

يسيطر على المجتمع المسيحي في لبنان انقسام عمودي، يضعه الباحث مراد في خانة العوامل الذاتية التي تُضعف دوره، وتضرب بعرض الحائط شعار "الشركاء في الوطن" الّذي بات يعبّر عن سيولة لفظيّة جوفاء لتغطية فائض القوّة الّذي يتمتّع به "حزب الله". وتهيّئ هذه المعادلة المختلة لاحتقانات دائمة بين الطرفين.

كما يرى في الانقسام المسيحي إضعافا ذاتيّا لموقف البطريركية، فهي لا تتمتع بالكتلة الضاغطة التي تساعدها في تنفيذ مطالبها من خلال تحشيد القوى السياسية المسيحيّة والقواعد الشعبية الموالية لها.

ويجد أنّ "اتفاق مار مخايل" على الرغم من مصلحيته المعلنة بين طرفيه، "التيار الوطني الحرّ" و"حزب الله"، شكّل محطة شرخ جديدة في المجتمع المسيحي، لأنّه عقد تحالفا مع حزب يجاهر بسعيه الى إنشاء دولة إسلامية، ويناقض علمانيّة "التيار الوطني الحرّ" المعلنة والموثقة في دستوره، وأكّدها حرص العماد عون خلال انتخابات 2005 على تشكيل لائحة تضمّ ممثلين عن جميع الطوائف.

ويذكّر بأنّ الثنائيات المسيحية المتخاصمة ليست جديدة العهد، وتنخر في الجسم المسيحي اللبناني منذ الحرب الأهلية (1975-1990) ومنها حرب الإلغاء (1990)، ومعركة الصفرا (1980)، ومجزرة إهدن (1978).

في المقابل، يسترجع عماد مراد محطّات وثّقت أنّ الوحدة المسيحيّة تصبّ في الصالح العام، منها "ثورة الأرز" التي أنهت الاحتلال السوري في 2005، واستقلال لبنان عام 1943، والمشاركة في مؤتمر فرساي عام 1919 حيثُ أعلِنت دولة لبنان الكبير.

ويساند هذا الرأي الباحث المساعد في الجامعة الأميركية في بيروت وهيب معلوف، في اعتباره أنّ المسيحيين يستعيدون حالة من "الإحباط المسيحي" التي وقعت عقب اغتيال بشير الجميّل عام 1982، ولو أنّ عودة العماد ميشال عون وخروج مؤسس "القوات اللبنانية" سمير جعجع من السجن في عام 2005 أعطيا بارقة أمل لتكتيل قوتهم، لكنها سرعان ما تبدّدت.

ولا يستشرف معلوف صعود قيادات جديدة من القاعدة المسيحيّة مثلما حصل إبان الحرب الأهلية، مرجّحا أن تبقى تركيبتها التقليدية مسيطرة، فـ"تغيير الواقع اللبناني رسمته حينذاك علاقة عميقة بالشتات المسيحي الشاب، الذي دفعته ظروف الحرب إلى الهجرة ولكنه كثف نشاطه السياسي في الخارج وباتت كوادره تشكّل جزءا من الطبقة السياسية الحاكمة اليوم، ورسمت تحولات اجتماعية في مرحلة ما بعد الحرب".

حمل الحريري مشروعا وطنيّا لبنانيا، ونجح في تبديل انتماءات مجتمعات سنيّة كانت حتى وقت قريب ملتحقة بالقوميات العربية والناصرية والسورية

السُّنّة والخروج من المعادلة

يوازي الاستقطاب الشيعي-المسيحي في لبنان، استقطاب شيعيّ- سنّيّ تصاعد بعد أحداث 7 مايو/أيار 2008، وكرّسته الحرب في سوريا لدى السنّة على شكل شعور بـ"المظلومية".

وتظهر أرقام المشاركة في الانتخابات النيابية 2022 وجها ملموسا من الوجع السنيّ، حيث تبرز وزارة الداخلية والبلديات انخفاض نسبة الاقتراع في "دائرة الشمال الثانية" التي تشكّل الخزان الشعبي السني من 45% في 2018 إلى 40% في 2022، ضمن نسبة 49% وطنيا، وهي ثاني أقلّ  نسبة بعد مشاركة المسيحيين والأقليات من "دائرة بيروت الأولى".

"السُنّة في لبنان لا يُحسَدون على وضعهم"، على قول مراد، مُطلقا عدّاد التدهور المعنوي منذ لحظة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري عام 2005.

أقام هذا الاغتيال فراغا لم يعوّضه، وفق مراد، أحد طوال السنوات الـ18 الأخيرة "لم يملء مكانة رفيق الحريري أحدٌ يوازيه فطنة وكاريزما وعلاقاتٍ خارجية ونجاحا في الأعمال. حمل الحريري مشروعا وطنيّا لبنانيا، ونجح في تبديل انتماءات مجتمعات سنيّة كانت حتى وقت قريب ملتحقة بالقوميات العربية والناصرية والسورية. ولغاية اليوم يشعر السّنّة بظلم اغتياله، لأنّ لبنان يتسيّده اليوم من اغتالوا المشروع الوطني، وهم مَن اغتالوا الحريري".

AFP
خلال إحياء الذكرى التاسعة لاغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري، 14 فبراير/ شباط 2014

احتمال حرب أهليّة

مع توفّر كلّ العوامل لنشوب صراع أهلي جديد، من اشتباكات شوارع غير مقنّنة، واحتدام اللهجة الطائفية، ومطالبة بـ"الفيديراليات"، إلى جانب وجود المكوّنين الفلسطيني والسوري، احترق الحديث في لبنان عن حرب أهلية ولم ينضج بعد، إذ لا يزال السؤال ماثلا: ماذا يجعل لبنان دائما على شفير حربٍ أهلية، ودون أن تندلع هذه الحرب؟

يستند عماد مراد إلى مسار التاريخ، والقاضي بأنّ قرار الحرب يُتّخذ من اللاعبين السياسيين، وهو في لبنان لا يعود بالنفع على أيّ طرف في ظلّ انهيار اقتصادي ومالي وسياسي. ويحلّل إرادة موازين القوى على اختلافها، التي تلتقي على تفادي الحرب:

"حزب الله" الطرف الأقوى في الاحتقان الطائفي، والقابض على كل مفاصل الدولة اللبنانية، وعلى الرغم من الدعم الإيراني له وتحضيراته العسكرية المستمرة منذ 40 سنة، يعلم الحزب أنّ الحرب ستضرّه. وقراره يستند إلى التفكير "لقد نجحت في تحقيق مشروعي، إن كان عبر إضعاف السنة، أو تهجير المسيحيين، أو لولبة الدروز على وتر أقلّوي، فلِمَ الحرب؟".

ويضيف أنّ الحرب الداخلية قد تجنّد المجتمع الدولي عسكريّا ضدّ الحزب، فيتهدد وجوده.

كما وجد الحزب في بعض المناكفات الأخيرة حقلا لاختبار ردود فعل الشارع المعارض، وظهر أنّه غير مستسلم وقد يواجه (عرب خلدة، المسيحيون في عين الرمانة، الدروز في راشيا). ويدرك الحزب أنّ لبنان ساحة مركّبة وغير قابلة للسيطرة ضمن المناطق البعيدة عنه، فلبنان مكوّن من جغرافيات طائفية لا تزال محكمة وصعبة الاختراق من النسيج المختلف.

من ناحية أخرى، يبدو جليّا أنّ "المعارضة وهي الطرف الأضعف في السلاح والسلطة، لا تريد حربا، لأنها ستجعلها تخسر فرصة الوصول الى السلطة كما أنها لا تتمتّع بدعم دوليّ".

وإذا كانت المعارضة لا تتفق على كلّ المسائل السياسية، فأنّ ما يجمعها هو رفض "السلاح غير الشرعي" المنسوب الى "حزب الله". تضمّ هذه الجبهة نواة من 31 نائبا، من أحزاب "القوات اللبنانية"، و"الكتائب"، و"الوطنيين الأحرار"، وثلاثة نواب تغييريين، وكتلة "التجدد" المهجّنة من ثلاثة نواب، وبعض المستقلين.

ويلفت مراد إلى أنّ القاعدة الشعبية الدرزية والسنية متعاطفة مع المعارضة، فالأولى ميالة إلى مبادئ "14 آذار" وتستأنس بمواقف وليد جنبلاط ضدّ الهيمنة السورية وسلاح حليفه اللبناني، أما الشارع السنّي فيحنّ إلى شكله الأوليّ في مرحلة "14 آذار" التي حشدت شعبية "تيار المستقبل".

أمّا الباحث وهيب معلوف، فيستخلص فروقات جوهريّة في المعسكرين المتخاصمين بين الحرب الأهلية والوقت الراهن، ما فيطمئن إلى عدم وقوع حرب جديدة.

يقول: "كانت الانقسامات واضحة، بين معسكر "الحركة الوطنية" التي دعمت بالسلاح الفلسطيني ورؤية الزعيم كمال جنبلاط، وفي مواجهته معسكر "الجبهة اللبنانية" التي تحلقت حولها أحزاب يمينية مسيحية. وكانت الانقسامات متكافئة، وتنذر بوقوع الحرب، فكلا المعسكرين أنشآ ميليشيات مسلحة، وكانت الاستعدادات والتدريبات معلنة وسارية قبل سنوات من اندلاع الحرب، وكان المعسكران مدعومين من قوى إقليمية".

اليسار الجدي يفترض صراعا اجتماعيا، وهو غائب في لبنان على الرغم من توفر ظروفه كافة. ذلك لأنّ الملف الطائفي الجماعاتي عند الشعب اللبناني أهم من الملف الاقتصادي والطبقي

أمّا اليوم فـ"لا يتمتّع سوى حزب الله بالتفوق بالسلاح، وحتى المعارضة هي مجموعات معارضة لم تبلور كتلة متجانسة. ولم تخفِ الكتائب اللبنانية أنها منيت خلال الحرب الأهلية بـ2000-3000 قتيل، ولا ترغب بتكرار التجربة، ولن يُشهر السلاح إلا للدفاع عن النفس".

ويضيف معلوف أنّ لبنان يرسو منذ تأسيسه على التوافقيّة، وجسّد ملامحها الأخيرة اتفاق "الطائف"، وقد حالت التوافقية دون الانفجار الأمني ونجحت في ضبط الوضع ضمن الحد المقبول.

لكن لهذه التوافقية تغذية راجعة معاكسة، تساهم في تأجيج الاحتقان الطائفي: "هناك فئات تشعر أنّ لا رأي لها في الحكومات، وفي قرار الحرب والسلم. التوافقية مثلما يختبرها لبنان اليوم مؤجّجة للكراهيات وغير منتجة، إذ يستعملها الطرف الأقوى لفرض الضغط من خلال الابتزاز والتعطيل، مما يفرض الشغور ضمن مواقع تعني الطوائف الأخرى، مثل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وصولا إلى أسفل الهرم".

بدائل "اليسار"

يتجدّد سؤال "اليسار" عبر كل التطوّرات الاجتماعيّة اللبنانية. وفي آخر الطروحات، يدلف فواز طرابلسي في كتابه "زمن اليسار الجديد" الصادر حديثا عن "دار رياض الريس"، إلى تقييم تجربة اليسار في الحرب الأهليّة، حيث يتأكّد أنّ دور اليسار في إدارة مسألة الحرب والسلم مسألة غير مستنفدة ومهيّأة للمراجعة المتجدّدة والمنقّحة بمفعول الزّمن.

يمثّل "اليسار" انقلابا على الوضع القائم انطلاقا من الصراعات والهموم الاجتماعية، وهو في هذا التعريف تجربة مجهضة، وعاجزة عن إعادة تشكيل نفسها، مما ينبئ باستمرار غلبة المنطق الطائفي في تحديد أفعال وردود أفعال اللبنانيين، وتاليا مسار لبنان كله.

يفترض وهيب معلوف هذا الجمود اليساري لأجل غير منظور، مستندا إلى أحداث وإلى معطيات عضوية.

في الأحداث، يستحضر محاولة في انتفاضة 2019، لكنها فشلت، عازيا الفشل إلى انقسام الحراك على سلاح "حزب الله"، وعدم نجاح "النخبة" في طرح الأسئلة المجدية التي تؤهلها للتواصل مع الهموم الشعبية واجتراحها خطابا على تماس مع هموم المعيش، فتشكّلت على حدود "نخبة تستقطب النخبة". وهو ضعف استمرّ بعد حراك "طلعت ريحتكن" عام 2015، وقبله في مسيرات "إلغاء النظام الطائفي" الملتحقة بموجة "الربيع العربي" في عام 2011.

ويتدارك أنّ هذه التجارب أجهِضَت بعد انكفاء"حركة اليسار الديموقراطي" في لبنان، التي كانت مرشّحة لضمّ كتلة شعبيّة واسعة. وكان إلغاء هذه الحركة ممنهجا، وفق معلوف، سواء باغتيال سمير قصير في عام 2005 أو استمرار المضايقات والتهديدات لكوادر من الحركة، فاختارت السفر إلى الخارج أو اعتزال العمل السياسي.

أما الحزب الشيوعي، فبالاضافة إلى انتهاء مشروعه العالمي، التحق نبضه المحلي بالمشروع الممانع المؤيد لأنظمة قمعية، مما يناقض فكرة "اليسار" من أساسها.

ويختم معلوف، بأنّ اليسار الجدي يفترض صراعا اجتماعيا، وهو غائب في لبنان على الرغم من توفر ظروفه. ذلك لأنّ الملف الطائفي الجماعاتي عند الشعب اللبناني أهم من الملف الاقتصادي والطبقي.

ويحفظ هذا النزوع مصالح الطبقات الشعبية مع زعماء الطوائف التقليديين، الذين تمرسوا بالاستثمار في الأيديولوجيات واستثارة جروح الحرب الأهلية.

وفي تأكيد أنّ صراع الهويات في لبنان أقوى بكثير من الصراع الاجتماعي، يصعب الحديث حاليا عن بروز أي دور ليسار جديد.

font change

مقالات ذات صلة