لماذا ستنجح السعودية بتنظيم "إكسبو 2030"

حدث بمعايير استثنائية يعكس رؤية المملكة لريادة مستقبل مستدام للمدن ومجتمعاتها

Eduardo Ramon
Eduardo Ramon

لماذا ستنجح السعودية بتنظيم "إكسبو 2030"

مع الفوز الكبير للملكة العربية السعودية، تتأهب الرياض لبدء مسار الإعمار والتجهيز لاستضافة نسخة استثنائية من معارض "إكسبو"، وفي قلب العاصمة السعودية ومن على مساحة ستة ملايين متر مربع، سيشهد العالم أكبر تجمع في 2030، حيث من المتوقع أن يبلغ حجم الزيارات 30 إلى 40 مليون زيارة. ليس ذلك فحسب، بل إن الرياض تعمل على أن يبلغ حجم الزيارات عبر الواقع الافتراضي لهذا الحدث العالمي نحو مليار زيارة، أي منح مليار شخص من سكان العالم فرصة متابعة هذه الدورة الاستثنائية.

يأتي فوز الرياض بـ 119 صوتا في استضافة "إكسبو 2030" وسط تأييد كبير حظي به الملف السعودي من دول العالم، واهتمام لا محدود من المستثمرين، والشركات، والمتخصصين، (حصلت كوريا الجنوبية على 29 صوتا وإيطاليا 17 صوتا)، ويتوقع أن ينعكس ذلك إيجابا على المستقبل. كيف لا يكون ذلك وهذه النسخة الاستثنائية تقول للعالم: "معاً نستشرف المستقبل".

2030 سنة "الرؤية" والتميز

يتوافق موعد هذه النسخة الاستثنائية من "إكسبو 2030" مع موعد تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، هذه الرؤية الوطنية الطموحة التي شهدت الكثير من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية والاقتصادية، مما انعكس بشكل حيوي على بيئة الاستثمار وجاذبيته، ودعم عجلة تنويع الاقتصاد بشكل قوي وواضح.

يأتي نجاح المملكة في استضافة هذا الحدث العالمي المهم في إطار تقدير دولي كبير جدا للثقل السعودي العالمي

مهدت رؤية 2030 الطريق أمام نجاح الكثير من المشاريع النوعية والفريدة والمبتكرة، في وقت تعمل من خلاله هذه الرؤية على تحسين جودة الحياة. ولم تغفل رؤية 2030 عن قطاعات حيوية وواعدة غير مستثمرة بشكل كبير في السابق، منها على سبيل المثل قطاع الرياضة، والترفيه، والسياحة، وقطاع النقل والخدمات اللوجستية، هذا بالإضافة إلى تطوير العديد من المطارات والموانئ، بما يضمن تاليا استيعاب حجم أكبر من المسافرين، والحركة التجارية.

تنطلق رؤية السعودية 2030 من ثلاثة مرتكزات أساسية هي: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، تمثل معا نقطة انطلاق حقيقية وقوية للكثير من البرامج الوطنية والمبادرات النوعية التي باتت تنعكس بشكل واضح على حيوية الاقتصاد وفاعليته وتنوعه، وتحقق عددا من مستهدفاتها قبل حلول موعدها المقرر.

الهيئة الملكية لمدينة الرياض
جرى تصميم أجنحة المعرض المقدّر عددها بـ226 جناحاً ضمن تصميم يشبه الكرة الأرضية

ارتكازاً على رؤية 2030، أعلنت السعودية ترشحها لاستضافة "إكسبو 2030". يأتي نجاح المملكة في استضافة هذا الحدث العالمي المهم في إطار تقدير دولي كبير جدا للثقل السعودي العالمي، بعد ثلاث سنوات فقط من الموقف السعودي الفريد في إطار توحيد الجهود الدولية في سبيل مواجهة تداعيات جائحة "كوفيد-19"، حين دعت السعودية إلى قمة طارئة في 2020 إبان رئاستها مجموعة دول العشرين.

ستة ملايين متر مربع لـ"إكسبو"

يتميز المخطط العام المقترح لموقع إقامة "الرياض إكسبو 2030" بتصميمه الفريد كمدينة مستقبلية حول وادٍ قديم، ويجمع ما بين مفهومي "الواحة"و"الروضة" المشتق منها اسم الرياض، كما يعكس رؤية المملكة لريادة مستقبل مستدام للمدن ومجتمعاتها.

سيقدم معرض "الرياض إكسبو 2030" فرصة للشركات المحلية والعالمية على حدٍ سواء للمشاركة في بنائه وتشييده، فيما تشير المعلومات المتاحة إلى أن موقع المعرض سيكون جاهزا قبل عام 2030. وبهدف ضمان استفادة الجميع من جاهزية الأجنحة بمستواها العالمي في فبراير/شباط2028، ستعمل المملكة على تسهيل استيراد مواد البناء وعمليات التشغيل، وإجراءات إصدار التأشيرات للفرق والعائلات، وتوفير خيارات سكن متنوعة وخدمات مصرفية وصحية وتعليمية تتبع أعلى المعايير.

يعكس اختيار الموضوع الرئيس لإكسبو الرياض 2030، "معا نستشرف المستقبل" عمق تطلعات المملكة واستعدادها التام للعب دورٍ ريادي على الساحة العالمية

يتيح "الرياض إكسبو 2030" للدول حرية تحديد الأجنحة بكل مرونة، حيث تتسم الأجنحة بالتنوع واختلاف الأحجام، ليتم تصميمها بشكل مثالي يلبي طموحات الدول كافة، إذ تتراوح المساحات من 500 إلى 6000 متر مربع، مع 5 خيارات مميزة للاختيار من بينها، وستكون جميع الأجنحة في مساحاتٍ مستقلةٍ تماما.

يعكس اختيار الموضوع الرئيس لمعرض "الرياض إكسبو 2030"،"معا نستشرف المستقبل" عمق تطلعات المملكة واستعدادها التام للعب دورٍ ريادي على الساحة العالمية، وذلك لاستشراف حلول مبتكرة تساهم في معالجة التحديات التي تواجه العالم. ينبثق هذا التوجه من رؤية سعودية تستهدف أن يكون المعرض منصة عالمية توفر الأدوات اللازمة لتصميم وإرساء مخططات تساعد في إيجاد غد أفضل.

من المتوقع أن يشهد"إكسبو الرياض 2030" مشاركة أكثر من 226 دولة ومنظمة دولية، جنبا إلى جنب مع الشركات والمنظمات غير الحكومية والجامعات ورجال الأعمال والفنانين والمبتكرين، فيما سيحوي المعرض بيئة ثقافية مميزة، حيث يربط الخيال والعلوم والتقنية بها، ليكون في إمكان الزوار تجربة أفكار متنوعة ومبتكرة للمستقبل.

"إكسبو 2030" الأكثر استدامة بيئيا واقتصاديا

من المقرر أن تبلغ حجم مساحة المعرض أكثر من ستة ملايين متر مربع ويقع في شمال الرياض، وعلى مقربة من مطارها الدولي، لضمان انسيابية كبيرة في الزيارة والمشاركة، والوقوف على العديد من معالم العاصمة الملهمة، ومشاريعها النوعية. ويتوقع أن يوفر القطاع الفندقي عشرات الآلاف من الغرف الفندقية المخصصة لهذا الحدث العالمي الفريد.

تمتاز الرياض ببنيتها التحتية المميزة التي تجعلها جاهزة لاحتضان أكبر الفاعليات والمناسبات العالمية، فيما تعزز المملكة هذه القدرات في إطار رؤية 2030، من خلال مشاريع التطوير الجاري تنفيذها، والمقرر تدشينها قبل الموعد المحدد لانطلاق المعرض. 

الرياض مقر للشركات العالمية

القرار السعودي الذي نص على منح الشركات العالمية فرصة حتى مطلع 2024 لنقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض كشرط جديد لتعامل الحكومة معها، يمهد الطريق أمام نجاح مرتقب لاستضافة المملكة للأحداث والفاعليات العالمية المهمة، أبرزها "إكسبو 2030". وكان وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح أعلن مطلع الشهر الجاري عن إصدار 180 ترخيصاً لشركات عالمية لنقل مقراتها إلى الرياض، لتتخطى بذلك مستهدفات الدولة التي رسمتها في هذا الاتجاه.

تمنح الحكومة السعودية اليوم مجالاً أرحب أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار والإفادة من المشاريع النوعية والملهمة التي تنفذ حالياً في العديد من القطاعات، انطلاقاً من الميزات التنافسية الكبيرة التي تحظى بها البلاد.

كذلك، فإن بروز الرياض كوجهة استثمارية جاذبة للغاية على مستوى العالم، يعزز حرص الشركات والمستثمرين على اقتناص الفرص المتاحة، والدخول في شراكات نوعية مع الشركات المحلية، ويساهم إيجابا في استضافة المملكة للأحداث والفعاليات العالمية، من بينها "معرض الرياض إكسبو 2030".

إصدار 180 ترخيصاً لشركات عالمية نقلت مقراتها إلى الرياض، لتتخطى بذلك مستهدفات الدولة في هذا الشأن

يمنح المعرض فرصة نوعية لالتقاء العقول برؤوس الأموال في مكان واحد، الأمر الذي يضاعف فرص استفادة دول المنطقة من الحلول المبتكرة في مختلف القطاعات، بما يزيد تاليا فرص النمو ومواكبة التطور الهائل في استثمار التقنيات والتكنولوجيا، وينعكس إيجاباً على الاقتصاد والإنسان.

موقع جغرافي فريد

تمتاز المملكة العربية السعودية بموقع جغرافي فريد للغاية، فهي تربط القارات الثلاث (آسيا وأفريقيا وأوروبا)، مما يجعلها مركزاً لوجستياً عالمياً قادراً على المساهمة الإيجابية في نمو الاقتصاد العالمي، ومواجهة العديد من التحديات التي قد تعصف بهذا الاقتصاد بين حين وآخر.

ويعتبر موقع المملكة المميز مرتكزاً قوياً يمكن لـ"إكسبو 2030" أن يحقق من خلاله نجاحات غير مسبوقة، إذ يتوقع القائمون على المعرض بلوغ عدد الزيارات بين 30 و40 مليون زيارة، وهذا رقم غير مسبوق، إلا إنه من المتوقع تحقيقه. 

ويمثّل مطار الملك سلمان الدولي (في مدينة الرياض) نقلة نوعية جديدة على مستوى مطارات العالم، حيث يعتبر نموذجاً عالمياً يحتذى به، فالمخطط الرئيسي للمطار سينطلق من حيث انتهت أكبر مطارات العالم، وسيكون علامة فارقة في قطاع النقل والخدمات اللوجستية محلياً وإقليمياً وعالمياً، لا سيما من خلال المناطق الاقتصادية الخاصة والمراكز اللوجستية الجديدة. ويعتبر قرب موقع "إكسبو 2030" من المطار خطوة داعمة ومحفّزة لنجاح المعرض وحيويته، حيث يعمل المطار على رفع الطاقة الاستيعابية لتصل إلى 120 مليون مسافر في عام 2030، وهو الموعد الذي يتزامن مع موعد الإكسبو.

"إكسبو 2030" و"كأس العالم 2034"... تقارب زمني

في وقت يترقب العالم نسخة استثنائية لمعرض "إكسبو 2030"، يستعد السعوديون للإعلان الرسمي الذي يضمن فوز بلادهم باستضافة كأس العالم 2034. وينتظر أن يكون نجاح المملكة في تقديم نسخة استثنائية لـ"إكسبو 2030"بوابة عبور نحو نسخة استثنائية أيضاً لكأس العالم 2034.

سواء كان الأمر يتعلق بالتنمية المستدامة، أو العمل المناخي، أو النمو الشامل، "الرياض إكسبو2030" هو المنصة المثالية لتحقيق ذلك

ختاماً، تأتي هذه التطورات في الوقت الذي لم تهدأ فيه الجهود لتعريف العالم بجوانب معرض "الرياض إكسبو 2030". كما أن مبادرات المملكة في مجالات التقنية والاستدامة تضع الرياض في موقع ريادي لتحقيق مستقبل أفضل ليس فقط محلياً، بل عالمي أيضاً، إذ أن الروابط بين الدول لن تؤدي إلى تقدم تقني واقتصادي مشترك فحسب، بل تمهد الطريق لإيجاد حلول للتحديات الأكثر إلحاحا في العالم، سواء كان الأمر يتعلق بالتنمية المستدامة، أو العمل المناخي، أو النمو الشامل، ومعرض "الرياض إكسبو 2030" هو المنصة المثالية لتحقيق ذلك.

font change

مقالات ذات صلة