حرب غزة تستنزف الاقتصاد الإسرائيلي

أرقام الموازنة تتطلب تعديلات مستمرة والعجز الى 6 في المئة

Shuttrestok
Shuttrestok
رسم بياني يشير إلى أزمة الاقتصاد الاسرائيلي بسبب حرب غزة

حرب غزة تستنزف الاقتصاد الإسرائيلي

ارتفع الإنفاق الحكومي الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول في ظل الحاجة إلى تمويل النزاع. ويتضاعف عجز الموازنة، ليصل إلى 4.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2023 مقارنة بفائض بلغ 0.6 في المئة عام 2022. وتتضاعف موازنة الدفاع تقريباً إلى 27 مليار دولار، أي 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس أثر التوترات المستمرة مع "حماس" و"حزب الله".

وبسبب المعارك المستمرة مع "حماس" الفلسطينية و"حزب الله" اللبناني، تغرق حكومة بنيامين نتنياهو في إنفاق متعاظم لتمويل الحرب. وزاد عجز الموازنة بأكثر من الضعف، مما يشير إلى زيادات ضريبية محتملة وخفوضات في الموازنة، وفق خبراء وزارة المالية. الجدير بالذكر أن موازنة الدفاع قد تضاعفت تقريباً أيضاً، لتصل إلى 27 مليار دولار، أي ما يعادل 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 5 في المئة قبل الحرب.

عام 2023، شهدت إسرائيل عجزاً في الموازنة بنسبة 4.2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، مما يمثل تحولاً كبيراً عن الفائض البالغ 0.6 في المئة المسجل عام 2022. ويؤدي الارتفاع الحاد في الإنفاق الحكومي، المخصص في المقام الأول لتمويل النزاع ضد "حماس" في غزة، دوراً محورياً في هذا التغيير المالي العام، وفق بيان لوزارة المالية صدر في 11 يناير/كانون الثاني.

ارتفع العجز في ديسمبر/كانون الأول إلى 33.8 مليار شيكل (9 مليارات دولار)، وشكل الإنفاق المرتبط بالحرب 17.2 مليار شيكل (4.6 مليارات دولار)، في حين شهدت الإيرادات الضريبية انخفاضاً بنسبة 8.4 في المئة

وافق المشرعون على موازنة حرب تبلغ نحو 30 مليار شيكل (8 مليارات دولار) لعام 2023، وارتفع العجز في ديسمبر/كانون الأول إلى 9 مليارات دولار، وانخفضت الإيرادات الضريبية بنسبة 8.4 في المئة.

Shuttrestok
العملة الإسرائيلية الى تراجع

وافق المشرعون على موازنة حرب تبلغ نحو 30 مليار شيكل (8 مليارات دولار) لعام 2023. في منتصف يناير/كانون الثاني بدأ الوزراء المداولات والتصويت على موازنة عام 2024 المعدلة، التي تشمل عشرات المليارات من الشواكل في شكل أموال تكميلية، من المتوقع أن ترفع عجز الموازنة إلى نحو 6 في المئة هذه السنة.

في 10 يناير/كانون الثاني، حض محافظ بنك إسرائيل أمير يارون الحكومة على التزام الانضباط المالي العام، واقترح موازنة النفقات المخطط لها بخفوضات في المجالات غير الأساسية، إلى جانب زيادات انتقائية في الضرائب.

وقدر يارون تكلفة حرب غزة، باستثناء فقدان الدخل، بمبلغ 210 مليار شيكل (نحو 56 مليار دولار) للدفاع وتعويض السكان بالقرب من غزة والحدود اللبنانية، المتضررين من إطلاق الصواريخ المطول عبر الحدود.

وعلى الرغم من أن إسرائيل أقرت موازنة لعامي 2023 و2024 معاً، إلا أن النزاع مع "حماس" في غزة استلزم تعديلات، مما أدى إلى تغييرات في الموازنة وإنفاق إضافي. وكان العجز في العام الماضي بلغ 77.5 مليار شيكل (20.76 مليار دولار).

سلمت الولايات المتحدة 17 ألف طن من المعدات العسكرية لاسرائيل، ومن المتوقع أن تصل التكلفة الاسرائيلية المباشرة للحرب، حتى الآن، إلى 33 مليار دولار

كان هدف العجز الأولي لعام 2023 هو 0.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 16.9 مليار شيكل (نحو 4.5 مليار دولار). مع ذلك، انخفضت الإيرادات الضريبية بمقدار 30 مليار شيكل (8 مليارات دولار)، وتجاوز الإنفاق التوقعات بمبلغ 30 مليار شيكل (8 مليارات دولار)، مما أدى إلى تقدير العجز المعدل بنسبة 3.7 في المئة في الموازنة التي جرت الموافقة عليها في الشهر الماضي.

وكان العجز بلغ قبل النزاع الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول، 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في سبتمبر/أيلول.

أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في 7 يناير/كانون الثاني أن من المتوقع أن تعطي الحكومة الإسرائيلية موافقتها على موازنة حربية لعام 2024 خلال أيام. جاء ذلك بعد الموافقة على تسعة مليارات شيكل (نحو 2.4 مليار دولار) كدعم مالي لجنود الاحتياط العسكريين.

في بيان مشترك مع رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، قال سموتريتش: "تعطي دولة إسرائيل الأولوية لرفاهية جنود الاحتياط وعائلاتهم، وستكون بمثابة حجر الزاوية في موازنة عام 2024".

AP

  وتقدر وزارة المالية أن تكلفة الحرب عام 2024 ستتجاوز على الأرجح 50 مليار شيكل (13.4 مليار دولار) إضافية، مما يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة ثلاثة أضعاف تقريباً، ليصل إلى نحو 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويفترض هذا التوقع أن النزاع سيستمر حتى فبراير/شباط. 

شبح المواجهة مع "حزب الله" 

وارتفع الطلب على الأسلحة والذخيرة، مما دفع شركات الأسلحة الإسرائيلية إلى العمل بكامل طاقتها. وتدخلت الولايات المتحدة بجسر جوي، حيث سلمت 17 ألف طن من المعدات العسكرية. ومن المتوقع أن تصل التكلفة المباشرة للحرب، حتى الآن، إلى 33 مليار دولار، وفق تقديرات وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية والأوروبية. 

ويلوح شبح مواجهة مع "حزب الله" في الأفق في شكل كبير. وإلى جانب النفقات العسكرية، هناك حاجة لتغطية التكاليف "المدنية"، بما في ذلك تعويض نحو  170 ألفا من جنود الاحتياط النشطين وتقديم الإعانات إلى أكثر من 125 ألف إسرائيلي أُجبِروا على إخلاء منازلهم بالقرب من غزة أو الحدود اللبنانية بسبب تهديدات "حماس" و"حزب الله".

وتلجأ الأسر التي أُجلِيت إلى الفنادق التي تمولها الدولة إلى أجل غير مسمى. كذلك تساعد الدولة عائلات الجنود الذين قُتِلوا، وتغطي نفقات الاستشفاء وإعادة التأهيل لمئات الجرحى من العسكريين، وتخصص موازنة لإعادة البناء أو التجديد لمئات المنازل التي دُمِّرت أو تضررت حول غزة وبالقرب من الحدود اللبنانية. وتُقدَّر النفقات المدنية بنحو 5.5 مليارات دولار.

اقترحت وزارة المالية الإسرائيلية إغلاق 10 وزارات حكومية زائدة على الحاجة لمعالجة العجز في الموازنة خلال زمن الحرب

لكن الحذر له ما يبرره: تستند التقديرات إلى افتراض أن التوترات مع "حزب الله" اللبناني لن تتصاعد إلى حرب شاملة، وأن العمليات في غزة ستخف في حلول نهاية فبراير/شباط. أما إذا اشتد النزاع مع "حزب الله"، المسلح بترسانة من أكثر من مئة ألف صاروخ وقذيفة، بعضها قادر على الوصول إلى أي هدف في الأراضي الإسرائيلية، فسيزيد تكاليف القتال اليومية بأكثر من الضعف لتصل إلى 540 مليون دولار.

وعلى الرغم من الزيادات الضريبية التي تلوح في الأفق – لم تُكشَف التفاصيل بعد – تنضح الحكومة بما يشبه التفاؤل. تتوقع وزارة المالية معدل نمو بنسبة 2 في المئة عام 2024، و5 في المئة عام 2025. وفي مخاطرة بخطوة أولى من نوعها منذ مارس/آذار 2020، خفض بنك إسرائيل سعر الفائدة الرئيس بمقدار 0.25 نقطة، ليقف الآن عند 4.5 في المئة.

وجد المصرف المركزي الإسرائيلي علامة مشجعة إذ انتعش الشيكل، من انخفاض بنسبة 12 في المئة، في مقابل الدولار في أكتوبر/تشرين الأول. وتوقف بنك إسرائيل عن التدخل لدعمه. وفي حين أن الاستهلاك متراجع، مع تردد الإسرائيليين في الإنفاق على الملابس والأثاث، ثمة تطور إيجابي أيضاً، وفق بنك إسرائيل: يعكس ارتياد المطاعم تقريباً مستويات ما قبل الحرب.

ويعول الإسرائيليون أيضاً على إحسان حليفهم الأميركي الثابت لتخفيف التداعيات. تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بضخ 14 مليار دولار، تُضاف إلى 3.8 مليارات دولار من المساعدات العسكرية السنوية الجارية منذ عام 2016. وتُخصَّص هذه الأموال لشراء معدات عسكرية أميركية الصنع، إذ تتميز الولايات المتحدة بأنها المورد الرئيس للأسلحة إلى إسرائيل. 

توجه لإلغاء وزارات زائدة على الحاجة!

ويقال إن وزارة المالية الإسرائيلية اقترحت إغلاق 10 وزارات حكومية زائدة على الحاجة لمعالجة العجز في الموازنة خلال زمن الحرب، بالإضافة إلى مجموعة من التدابير المحتملة الأخرى. وفق وسائل إعلام إسرائيلية، الوزارات التي حضت الوزارة على إغلاقها هي كما يأتي: وزارة المستوطنات والبعثات الوطنية، وزارة القدس والتقاليد اليهودية، وزارة الاستخبارات، وزارة تطوير النقب والجليل، وزارة التعاون الإقليمي، وزارة شؤون الشتات والمساواة الاجتماعية، وزارة الشؤون الاستراتيجية، وزارة التراث، ووزارة النهوض بوضع المرأة.

وتقترح المالية أيضاً وفق وسائل الإعلام، خفض خمسة مليارات شيكل (1.4 مليار دولار) في مخصصات تمتين الائتلاف الحكومي، التي تلبي المطالب السياسية للأحزاب، وإلغاء الدعم على أسعار الغاز، وزيادة الضرائب على السجائر، وفرض ضرائب إضافية على فوائد صناديق الدراسة المتقدمة. وإذا لم تتوفر بدائل، فقد تنظر وزارة المالية في إصدار توصية بزيادة ضريبة القيمة المضافة، المحددة حالياً بنسبة 17 في المئة على البضائع الاستهلاكية كلها تقريباً.

font change

مقالات ذات صلة