أميركا في الشرق الأوسط: كلفة البقاء... والرحيل

خصصنا قصة غلاف "المجلة" في عدد مارس/آذار لبحث السيناريوهات المختلفة فيما يتعلق بالوجود الأميركي في المنطقة

أميركا في الشرق الأوسط: كلفة البقاء... والرحيل

من الصور التاريخية، تلك التي جمعت الملك عبدالعزيز آل سعود والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، على متن السفينة "يو إس إس كوينسي" في قناة السويس يوم 14 فبراير/شباط 1945. لقاء أسس لتحالف ترك بصماته في الشرق الأوسط والعالم.

كان لهذا اللقاء التاريخي الأثر الكبير في محطات وترتيبات خلال عقود أعقبت الحرب العالمية الثانية ووراثة أميركا لبريطانيا بعد "حرب السويس" في الخمسينات، وخروج جيش "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" من الخليج العربي عام 1971.

بعد حرب الخليج وتحرير الكويت من قوات صدام في 1991، تعمق وجود أميركا. وبعد هجمات "11 سبتمبر" 2001، اتسع حضورها العسكري. كان لكل هذا دور في غزو العراق عام 2003. وبعد انكفاء أميركا "القطب الأوحد" في النظام العالمي الجديد عام 2011، عادت من منصة التحالف الدولي إلى العراق وسوريا لمحاربة "داعش" بعد 2014. كما عادت وكيّفت وجودها ودورها بعد الانسحاب المفاجئ من أفغانستان في 2021.

بالتوازي مع تراجع اعتمادها المباشر على النفط، نقلت أميركا تركيزها إلى منافستها الصين وجوارها، واتخذ وجودها في الخليج وسوريا والعراق- الذي يضم نحو 30 ألف جندي وقواعد برية وممتلكات بحرية- دورا جديدا: مواجهة تمدد الصين وجرأة روسيا واختبارات إيران وميليشياتها. بكين باتت لاعبا اقتصاديا رئيسا في العالم والمنطقة، وأقامت قاعدة عسكرية في جيبوتي، مع تسلل سري في الإقليم. موسكو أقامت قاعدتين عسكريتين غربي سوريا، وبات لها وجود في أفريقيا.

أما طهران، فقد نشرت نفوذها عبر وكلاء. بعد هجوم "7 أكتوبر"، وبدأت- بالتوازي مع حرب تل أبيب على غزة وتبادل إسرائيل القصف مع "حزب الله" في لبنان- بتهديد مصالح دولية في البحر الأحمر، كما تتبادل الضربات مع أميركا في العراق وسوريا، وتلاحقها غارات إسرائيل في دمشق. لقد باتت إيران تضغط عبر وكلائها على القوات الأميركية، للتفاوض على ترتيبات الإقليم أو إجبار أميركا على الانسحاب من العراق... وسوريا.

يرسم دبلوماسيون وقادة عسكريون أميركيون خريطة الوجود في المنطقة ومسارات التفكير في واشنطن

عليه، بات السؤال شرعيا: هل ستنسحب أميركا من الشرق الأوسط؟ ما تداعيات البقاء والرحيل في الإقليم والعالم؟

خصصنا قصة غلاف "المجلة" في عدد مارس/آذار، لهذا الملف. بقدر ما تبدو الأسئلة مباشرة، فإن الأجوبة عنها معقدة ومتداخلة وتتضمن سيناريوهات عدة. يرسم دبلوماسيون وقادة عسكريون أميركيون خريطة الوجود البري والبحري في المنطقة والاتفاقات العسكرية الاستراتيجية القائمة أو الجاري التفاوض لتوقيعها. ونعرض مسارات التفكير في واشنطن وآثار انتخابات آخر العام، على قرار الانسحاب أو البقاء في الشرق الأوسط. هل يختلف "العقائدي" جو بايدن في ولايته الثانية عن الأولى؟ ما قرار "الانعزالي" دونالد ترمب في حال عاد إلى البيت الأبيض بعد جروح المحاكم والاتهامات؟

نتلمس جدية رغبة العراق في إخراج الأميركيين، وقدرة بغداد على الموازنة بين أميركا وإيران

نتلمس استعدادات بكين وموسكو لقرارات واشنطن، وجدية رغبة العراق في الاتفاق على إخراج الأميركيين، وقدرة بغداد على الموازنة بين حليفين متخاصمين ومتحاربين، أميركا وإيران، والفرق بين موقفي بغداد وأربيل من الوجود الأميركي، إضافة إلى تداعيات الانسحاب على مواقف دمشق وموسكو وأنقرة، والأكراد الذين يتحالفون مع الأميركيين شرق نهر الفرات وشمال غربي العراق.

يتضمن الملف تشريحا للموقف الأوروبي بعد تشكيل قوة في البحر الأحمر لـ "ردع" إيران وليس للهجوم عليها أو على وكلائها، والعواصف التي أثارتها هذه القوة الزرقاء داخل الاتحاد الأوروبي أو عبر الأطلسي. كما نرسم خريطة الكابلات العابرة للمحيطات والقارات ودورها الجيوسياسي.

وننحت رسما للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يخوض في هذا الشهر انتخابات رئاسية جديدة، أشبه باستفتاء، ليسجل أرقاما قياسية كثيرة، أحدها أنه "القيصر" الذي يقيم في الكرملين لأكثر من ربع قرن، على وقع حرب أوكرانيا في سنتها الثالثة، مع ترقب اسم سيد البيت الأبيض المقبل: "صديقه" ترمب أو "غريمه" بايدن.

نقدم قراءة معمقة عن ترجمة النصوص الدينية. هل تمد جسورا بين الثقافات، أم تبني جدران العزلة؟

وفي هذا العدد أيضا، لدينا ملف آخر أشبه بقصة غلاف ثانية تتزامن مع شهر رمضان المبارك. نقدم تحقيقات من دول أوروبية عدة عن دور اللغة العربية وكيفية خطفها من البعض لترويج التطرف. كما نقدم قراءة معمقة عن إشكالية ترجمة النصوص الدينية. الترجمة يفترض أن تكون لمد جسور بين الثقافات، هل هذا هو واقع الحال أم إنها تبني جدران العزلة؟ كما يتحدث الناقد السعودي سعيد السريحي عن سرديات هيمنت خلال "الصحوة".

وفي عدد شهر مارس الذي يتضمن يوم المرأة، نحاور خبيرة سعودية تبوأت مراكز قيادية في الأمم المتحدة، لتتحدث لنا عن وصفتها للنجاح، وتروي فنانة إيرانية علاقتها بالفن والوطن المشتهى. كما ننشر مقابلة مع خبيرة في شؤون اللغة والتعليم.

font change