باتت قناة السويس قاب قوسين أو أدنى من بدء تنفيذ مسارٍ موازٍ أُعلِن أخيراً أو من تأجيله في حال استمرار هجمات الحوثيين في البحر الأحمر المرتبطة بالصراع الأميركي-الإيراني. في وقت تخوض طهران "مفاوضات مسلحة" مع واشنطن بعدما تخلت الأخيرة عن قرارها الإفراج عن أموال تخص إيران، التي تقدر بنحو سبعة مليارات دولار، محتجزة لديها جراء العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها. وتضغط إيران بكل ما لديها من أوراق، وأبرزها ورقة الحوثيين التي تُعَد جزءاً من الأدوات الأساسية لإيران، من خلال تعطيل حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض الموارد بالعملات الأجنبية لقناة السويس ما يزيد على 50 في المئة، لانخفاض عدد السفن التي تمر عبر البحر الأحمر بسبب تعرضها لهجمات الحوثيين. ناهيك عن سعي إيران إلى تحسين شروط الاتفاق النووي قبل عودة دونالد ترمب المحتملة إلى السلطة في الانتخابات الأميركية المقبلة، وهو الاتفاق الذي ألغاه ترمب خلال ولايته الأولى.
لا ترغب الولايات المتحدة حتى الآن الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران. تعيد تلك الصراعات تشكيل طرق التجارة العالمية، ولا سيما المخطط الإثيوبي في شأن إبرام اتفاق للنفاذ إلى البحر الأحمر مع إقليم "أرض الصومال" يقضي بتأجير 20 كيلومتراً على طول ساحلها لأثيوبيا لإنشاء منفذ بحري تحميه قوة عسكرية ويمس الملاحة البحرية ويهدد أمن المنطقة واستقرارها، مستغلة استمرار الحرب على غزة والمخاوف المصرية من تنفيذ مشروع الممر الاقتصادي الذي ينطلق من الهند ويمر ببحر العرب.
الرهان على القناة
لذلك، تواصل مصر تعزيز سلامة الملاحة في قناة السويس بكل ما أوتيت من جهد لإزالة الاختناقات على طول مجراها الملاحي من خلال تنفيذ مشروع الازدواج الكامل للمرة الأولى، فلا يكون لها منافس. ويبقى الرهان على أن الفائدة المالية والجدوى الاقتصادية لقناة السويس ستظل الأقوى والأبرز باعتبارها الممر الملاحي والشريان الرئيس والوحيد الذي يؤدي دوراً كبيراً في ربط الشرق بالغرب وأحد الأركان الرئيسة في سلاسل الإمداد اللوجستية. ويمر عبر القناة حاليا 12 في المئة من التجارة الدولية و10 في المئة من شحنات الغاز والنفط العالمية ونحو 22 في المئة من تجارة الحاويات ونحو 40 في المئة من حجم التعاملات التجارية بين آسيا وأوروبا.