الهند وباكستان... قوتان نوويتان على حافة الحرب

تتزايد المخاوف من تفاقم التوترات إلى صراع إقليمي أوسع

رويترز
رويترز
أفراد من قوات الأمن الهندية يقومون بدورية على الطريق السريع المؤدي إلى باهالغام في جنوب كشمير، في أعقاب هجوم مسلح مشتبه به، في قرية مارهاما في كشمير، 23 أبريل 2025

الهند وباكستان... قوتان نوويتان على حافة الحرب

بينما يواجه قادة العالم صراعين كبيرين في أوكرانيا وغزة، يثير التصعيد الدراماتيكي الأخير في التوتر بين الهند وباكستان احتمال اندلاع حرب جديدة بين قوتين نوويتين. الهجوم الدموي الذي نفذه مسلحون هذا الأسبوع في منطقة كشمير الجبلية المتنازع عليها، وأسفر عن مقتل 25 سائحا هنديا ومواطن نيبالي، أعاد إشعال التوترات المزمنة بين البلدين، والتي تعود جذورها إلى التقسيم عام 1947.

وقد أعلنت جماعة إسلامية مسلحة غير معروفة من قبل تُدعى "جبهة المقاومة" مسؤوليتها عن الهجوم، فسارعت السلطات الهندية إلى اتهام جارتها باكستان بالوقوف وراء المجزرة، من دون أن تقدم حتى الآن أي دليل يدعم هذا الادعاء.

ولطالما استخدمت جماعات إسلامية مسلحة متعددة، يرتبط بعضها بمنظمات متطرفة مثل "القاعدة"، الأراضي الباكستانية كمنصة لشن هجمات ضد الهند، وسط اتهامات مستمرة من نيودلهي لقوات الأمن الباكستانية القوية بالتواطؤ مع هذه الجماعات.

وقد تجلى هذا الأمر بشكل خاص خلال ما يُعرف بـ"الحرب على الإرهاب"، حين نفذت جماعات متمركزة في باكستان هجمات إرهابية مدمرة ضد الهند، مثل تفجيرات القطارات في مومباي عام 2006، التي أودت بحياة 207 أشخاص.

ونُسبت تلك التفجيرات إلى جماعة "لشكر طيبة"، وهي جماعة إسلامية تنادي بانفصال كشمير عن السيادة الهندية، وتقول السلطات الهندية إنها على صلة بجهاز الاستخبارات الباكستاني المعروف اختصارا بـ"آي إس آي".

وبينما تنفي إسلام آباد باستمرار وجود أي علاقة لها بـ"لشكر طيبة" أو الجماعات الإسلامية الأخرى، فإن استمرار نشاط هذه الجماعات داخل الأراضي الخاضعة لسيطرتها يظل مصدر توتر دائم مع الهند، وقد دفع البلدين في مناسبات عدة إلى حافة الحرب.

ويُخشى الآن أن تؤدي الهجمات الأخيرة في كشمير، بعد فترة من الهدوء النسبي على الحدود بين البلدين، إلى اندلاع جولة جديدة من الأعمال العدائية بين البلدين اللذين خاضا أربع حروب كبرى أعوام 1947، 1965، 1971، و1999.

وتتزايد المخاوف من أن تتفاقم هذه التوترات إلى صراع إقليمي أوسع، نظرا للعلاقة الوثيقة التي تربط باكستان حاليا بالصين، وهي قوة إقليمية أخرى تشوب علاقتها بدلهي توترات متصاعدة. فقد شهدت السنوات الأخيرة سلسلة اشتباكات حدودية بين القوات الصينية والهندية، ما أثار القلق من احتمال تحولها إلى حرب إقليمية.

أوضحت الحكومة الهندية أن تعليق "معاهدة مياه السند" سيظل ساريا "إلى أن تتخلى باكستان بشكل موثوق ونهائي عن دعمها للإرهاب العابر للحدود"

في هذه الأجواء، يُعد تصاعد التوتر بين إسلام آباد ونيودلهي بعد هجمات كشمير مصدر قلق بالغ لقادة العالم، الذين يسعون جاهدين لمنع نشوب صراع عالمي جديد.

وبالنظر إلى المواقف الرسمية الصادرة عن حكومتي البلدين، لا يبدو أن أيا منهما مستعد للتراجع في هذه المواجهة. فقد رد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على الهجوم بإعلان تعليق معاهدة تقاسم المياه بين البلدين المتنافسين، إلى جانب إغلاق الحدود البرية وطرد عدد من الدبلوماسيين.

رويترز
يحمل الناس جثمان فيناي ناروال، ضابط البحرية، الذي قُتل في هجوم مسلح مشتبه به بالقرب من باهالغام في جنوب كشمير، لإقامة "طقوسه الأخيرة" في كارنال في ولاية هاريانا الشمالية، الهند، 23 أبريل 2025

وأوضحت الحكومة الهندية أن تعليق "معاهدة مياه السند" سيظل ساريا "إلى أن تتخلى باكستان بشكل موثوق ونهائي عن دعمها للإرهاب العابر للحدود". كما قررت نيودلهي إغلاق معبر أتاري في ولاية البنجاب (مقابل واجاه في باكستان)، وهو المعبر البري الوحيد بين الجانبين.

وحذر مودي قائلا: "ستتعقب الهند كل الإرهابيين وداعميهم وستعاقبهم، وسنتابعهم حتى أقاصي الأرض". وأضاف: "الإرهابيون المسؤولون عن هذا القتل، ومعهم داعموهم، سينالون عقابا يتجاوز ما يتخيلونه".

من جهته، اتهم وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ باكستان صراحة، مهددا: "لن نكتفي باستهداف من نفذ الهجوم، بل سنستهدف أيضا من خطط له في الخفاء، على أرضنا".

في المقابل، ردت إسلام آباد بغضب على الإيحاء بضلوعها في الهجمات، وأعلنت تعليق جميع التأشيرات الممنوحة للمواطنين الهنود بموجب نظام الاستثناءات بشكل فوري، كما طردت عددا من الدبلوماسيين الهنود وأغلقت مجالها الجوي أمام الرحلات الهندية.

مع استمرار تبادل إطلاق النار عبر خط المراقبة في كشمير المتنازع عليها، دعت الأمم المتحدة القوتين النوويتين إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس"

وفي مقابلة مع قناة "سكاي نيوز"، حذر وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف من أن إطلاق النار الجماعي في كشمير قد يؤدي إلى "حرب شاملة" بين البلدين.

وقال: "سنقيس ردّنا وفقا لما ستبدأ به الهند. وسيكون ردا محسوبا". وأضاف: "إذا كان هناك هجوم شامل أو شيء من هذا القبيل، فبكل تأكيد ستكون هناك حرب شاملة".

ومع استمرار تبادل إطلاق النار عبر خط المراقبة في كشمير المتنازع عليها، دعت الأمم المتحدة القوتين النوويتين إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس".

ويبقى السؤال المحوري ما إذا كانت التدابير الطويلة الأمد لتفادي التصعيد، والرامية إلى الحفاظ على السلام على الحدود الشمالية للهند، كفيلة بمنع تفاقم التوتر بين إسلام آباد ونيودلهي.

ويأمل قادة العالم المنشغلون بالفعل بأزمات متفاقمة في غزة وأوكرانيا، دون شك في تجنب اندلاع صراع جديد بين الهند وباكستان.

font change

مقالات ذات صلة