في قلب الجدال الثقافي الجزائري الذي يتشابك فيه الأدب مع السياسة والتاريخ، يبرز نقاش حاد حول مكانة بعض الكُتّاب الذين فرضوا أنفسهم في المشهد الفرنسي أكثر مما فعلوا في بلادهم. بين الاحتفاء بهم في الدوائر الأدبية الفرنسية ورفضهم أو التشكيك فيهم داخل الجزائر، يبرز اسمان على نحو خاص: بوعلام صنصال وكمال داود. لكن إلى أي مدى يرتبط هذا الجدال بأبعاد فكرية خالصة، وإلى أي حد هو انعكاس لمعادلات سياسية وإعلامية أكبر؟
الناقد والناشط الثقافي الجزائري فارس لونيس لا يكتفي بنقد هذين الكاتبين، بل يذهب إلى حد تصنيفهما ضمن أقصى اليمين الفرنسي، وهو موقف قد يبدو صادما بل ومستفزا لكثيرين، خاصة أن ذلك يعني ضمنيا وضعهما في خانة تبرير الاستعمار، والترويج لخطاب يميني يعادي المهاجرين.
في هذا الحوار مع لونيس، نحاول أن نفهم دوافع هذا الموقف، ونفتح ملفات الأدب الجزائري في الفضاء الفرنسي، وعلاقته بالأيديولوجيا، وحدود التعبير في ظل ثنائية الوطنية والتبعية الثقافية. هل نحن أمام حالة من الاصطفاف السياسي داخل الأدب؟ أم أن الأمر أبعد من ذلك، حيث تتحول الرواية إلى ساحة معركة أيديولوجية تتجاوز النصوص إلى ما هو أخطر؟
تصر في عدد من مقالاتك وتعليقاتك على أن الروائيين الجزائريين بوعلام صنصال وكمال داود ينتميان إلى أقصى اليمين أو اليمين المتطرف، وهو أمر قد يبدو مستغربا للقارئ العربي، خاصة أن ذلك يعني تأييدهما لنظرة يمينية تعتبر المهاجرين تهديدا، هل يمكنك توضيح هذه المسألة؟
من الطبيعي أن يستغرب القارئ العربي غير الفرنكوفوني هذا الطرح. كُتّاب عرب ناشطون مصطفون مع اليمين؟ هل هذا ممكن؟ لمن يطّلع على تطور الساحة الإعلامية والأدبية الفرنسية خلال العقد الأخير، فإن الإجابة ستكون نعم. فمع هيمنة رجال الأعمال الرجعيين على كبريات وسائل الإعلام ودور النشر، أصبح الكاتب العربي المحتفى به في فرنسا هو من يمجّد في أعماله وتصريحاته النظرة الكولونيالية والاستشراقية للعرب والإسلام.