تعتمد اقتصادات دول الخليج العربي على الإنفاق العام لتحفيز الأعمال في مختلف القطاعات وتعزيز قدرات المستهلكين وتمكين الشركات من تحقيق نتائج مناسبة تعزز قدرتها على الاستمرار. لذلك، تحتل السياسات المالية في هذه الدول أهمية كبرى. لكن هذه السياسات تتطلب مراجعة في ضوء استمرار تراجع الإيرادات النفطية التي تمثل نسبة كبيرة من الإيرادات الحكومية، كما أن مخصصات الإنفاق الجاري والرأسمالي تزيد عن حصيلة إيرادات الخزينة العامة.
أمام هذا الواقع، كيف يمكن تعديل السياسات المالية باعتبار أن إيرادات النفط هي المكون الأهم في الإيرادات العامة؟ خلال عام 2023 بلغت إيرادات الخزائن العامة في دول الخليج 641 مليار دولار، مثلت الإيرادات النفطية 62 في المئة منها. هذه الايرادات هي أقل من إيرادات عام 2022 التي بلغت 723 مليار دولار مثلت الإيرادات النفطية 67 في المئة منها. لا شك أن هذه البيانات تظهر مدى اعتماد الإيرادات العامة على النفط، كما أن هناك قلقا حكوميا من التراجع السنوي لهذه الإيرادات واهتماما بالتعرف على الطرق والوسائل لترشيد الإنفاق وتعزيز الايرادات غير النفطية.
الإنفاق الجاري والرأسمالي
يتركز الإنفاق العام في الانفاق الجاري الذي يتوزع بدوره على بنود ثابتة منها الرواتب والأجور ودعم السلع والخدمات التي تشمل الرعاية الصحية والتعليم واستهلاك الكهرباء والمياه والأمن والإنفاق العسكري والمساعدات الاجتماعية. ومع ارتفاع أعداد السكان في دول المنطقة تزايدت مخصصات الإنفاق الجاري بشكل مضطرد. وهناك مخصصات للإنفاق الرأسمالي، حيث تستثمر الحكومات في مشاريع البنية التحتية والمشاريع النفطية أو تلك المتعلقة بالخدمات الرئيسة مثل الكهرباء ومحطات تقطير المياه ومشاريع تطوير التعليم وأنظمة الرعاية الصحية. قدر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الإنفاق الرأسمالي في دول المنطقة خلال عام 2025 بما يتراوح بين 52 إلى 58 مليار دولار، وهو ما يقل عن عشرة في المئة من إجمالي الإنفاق العام. وأظهرت دول الخليج خلال السنوات القليلة المنصرمة مؤشرات متفاوتة بين تحقيق فائض أو توازن أو عجز في الموازنة.