تنشر "المجلة" على ست حلقات محاضر اجتماعات الرئيس السوري الاسبق حافظ الاسد والزعيم الدرزي وقائد الحركة الوطنية اللبنانية كمال جنبلاط قبيل واثناء الحرب الاهلية اللبنانية والتي شهدت نهاية العامين الاولين منها دخول القوات السورية الى لبنان واغتيال كمال جنبلاط على ايدي من يُعتقد انهم عناصر من اجهزة المخابرات السورية سنة 1977. هنا الحلقة الخامسة.
المقدمة: وثائق سرية سورية عن الدخول إلى لبنان واغتيال كمال جنبلاط
الحلقة الأولى: الأسد "يستجوب" جنبلاط عن خصومه في لبنان... ويرفض عودة "البعثيين" إلى سوريا
الحلقة الثانية: ما بعد عين الرمانة... لبنان على شفا الحرب الأهلية
الحلقة الثالثة: من "السبت الأسود" إلى الدامور: حوار وسط المجازر
الحلقة الرابعة: الأسد وجنبلاط... اللقاء الأخير الفاصل
نستكمل هنا ما جرى في الاجتماع الأخير بين الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم "الحركة الوطنية" اللبنانية و"الحزب التقدمي الاشتراكي" كمال جنبلاط أثناء الحرب الأهلية اللبنانية من حيث انتهينا. حيث عاد حافظ الأسد بعد خروجه من الاجتماع مع كمال جنبلاط لإجراء محادثة هاتفية، خلال اللقاء الأخير بينهما في 27 مارس/آذار 1976.
استأذن الوفد المرافق لجنبلاط بالخروج، ليبدأ اجتماع مغلق بين الأسد وجنبلاط. شهد هذا اللقاء الفصل الأخير في العلاقة بين الرجلين، حيث احتدم الجدل وبرز التباين بين رؤيتين مختلفتين تماما. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي اجتمع فيها الأسد وجنبلاط وجها لوجه دون حضور أي طرف آخر، ولا حتى كاتب المحضر. كان اللقاء مسجلا وقد تم تفريغه وحفظه لاحقا.
صراحة وشكوى
بدأ جنبلاط بشرح وجهة نظره، ملقيا باللوم على الموارنة الذين، بحسب تعبيره، لا يريدون تغيير النظام حفاظا على مصالحهم. واتهم إسرائيل والمخابرات الأميركية بتحريكهم، ورأى أن التدخل العسكري الحاسم من قبل "الحركة الوطنية" كان سيُنهي الصراع سريعا: "لو تلقّوا ضربة قوية في اليوم الأول أو الثالث، لكُنّا انتهينا منهم خلال شهر، قبل أن يتمكنوا من جلب كل تلك الأسلحة التي جلبوها". وانتقد الوساطة السورية، وخصوصا دور وزير الخارجية عبد الحليم خدام في نقطة فصل النيابة عن الوزارة، قائلا: "في هذه النقطة أضع اللوم على الأخ عبد الحليم لأنه كان يأتي ويضغط على (الحركة الوطنية) ويترك أولئك (الكتائب). لماذا يكون الإنسان قويا فقط على أخيه؟ هذا غير معقول". أصرّ جنبلاط على ضرورة "دحر (الكتائب) والتخلص من المؤسسة الصهيونية–الكتائبية"، فحذّر الأسد من أن "استمرار القتال سيخلق عداء وتزداد الأحقاد. الفظائع وقعت من الطرفين، لكن جرائم "الكتائب" كانت غير مقبولة، وهم سبقوا الآخرين في ارتكابها".
اتهم جنبلاط سوريا بتجاهل "الحركة الوطنية" والعمل على إرضاء اليمين اللبناني، معتبرا أن "الحركة الوطنية" كانت الأقرب للتفاهم مع دمشق لولا "مزاجية عبد الحليم خدام". واعترف جنبلاط بخطئه في عدم زيارة سوريا حينها، وشرح كيف تحولت النقاط الخمس إلى سبع عشرة نقطة، مفنّدا اعتراضاته عليها. كما انتقد دور خدام في إيصال رسائل توحي بتدخل سوريا في تشكيل حكومة رشيد كرامي، متسائلا: "لماذا تتدخّل سوريا في قضية تافهة مثل تشكيل الحكومة؟".