تغلي مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، الموالية لإيران، في شمال غرب اليمن باحتقان سياسي واجتماعي خطير، ينذر بصدامات مسلحة بين الجماعة وخصومها من القبائل والقوى السياسية بكل انتماءاتها، وعلى رأسها حزب "المؤتمر الشعبي العام" الذي قام مسلحو الجماعة "الانقلابية" خلال الأيام القليلة الماضية، بمداهمة بعض مقاره واعتقال عدد من قياداته وأنصاره، فيما أصدرت محكمة "حوثية" حكما بإعدام نائب رئيس الحزب، نجل مؤسس الحزب، المقيم خارج البلاد، السفير أحمد علي عبدالله صالح، ونحو ستين من كوادر المؤتمر بأحكام متفاوتة.
العامل الفاعل أكثر في هذا المشهد المعقد والمتداخل، هو الضائقة الاقتصادية الشديدة التي تمر بها البلاد، وعبّرت عنها، الأسبوع الماضي، المظاهرات الشعبية العارمة في بعض مدن جنوب البلاد، مثل عدن حيث تصدرتها مئات النساء، والمكلا وسيؤون في محافظة حضرموت، وذلك احتجاجا على الفساد وتراجع الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها المياه والكهرباء.
كل تلك المشاهد من السخط والغضب يختصرها عنوان عريض واحد، وهو حاجة اليمنيين إلى (دولة) ضامنة للحقوق والحريات والخدمات، وناظمة للعلاقة بين مكونات المجتمع اليمني المتعدد الأطراف والمتنوع والخصوصيات.
خلفيات وجذور
طول أمد الصراع الذي يكابده اليمنيون منذ ما يزيد على عشر سنوات عجاف، ليس جديدا، فهو في الأساسس نتاج حروب أهلية داخلية، ممتدة وعميقة الجذور في جنوب البلاد وشمالها على حد سواء.
ومنذ أشهر، بل سنوات مضت، أخذت الساحة اليمنية تعج بنقاشات حادة وسجالات صاخبة في كل المنابر والساحات والملتقيات، وفي مختلف وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، داخل البلاد وخارجها، كلها يطرح أسئلة كبيرة حيرى بشأن المصير الذي ينتظره اليمن، بعد كل التحولات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، وعقب ما يبدو أنه تجاهل لما باتت حربا منسية وغيابا للإرادة لدى جيران اليمن وأصدقائه لانتشاله من وهدة التمزق التي سقط فيها منذ انقلاب جماعة الحوثيين الموالية لإيران على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واستيلائها بقوة السلاح على العاصمة صنعاء ونحو تسع من محافظات البلاد، وإمساكها بالحديد والنار على كل مقادير السلطة فيها.