في أوائل شهر يوليو/تموز الماضي، فشلت المفاوضات الثنائية بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والحكومة السورية، بسبب الخلاف الشديد بشأن آلية دمج هذه القوات في الجيش السوري، حسبما كان الطرفان قد توافقا في العاشر من مارس/آذار المنصرم. حدث ذلك بالرغم من الوساطة والضغوط الأميركية على الطرفين، وبحضور المندوب الأميركي السفير توم بارّاك.
بعدها بأيام قليلة، أعلن الطرفان الموافقة على حضور مباحثات ثنائية في العاصمة الفرنسية باريس بعد عدة أسابيع، لكن توترات أمنية ومواجهات عسكرية موضعية حدثت في منطقة "دير حافر" شرق محافظة حلب بين الطرفين، تلتها زيارة خاصة لوزير الخارجي التركي هاكان فيدان للعاصمة السورية دمشق، ومن بعدها عُقد مؤتمر سياسي في مدينة الحسكة، برعاية "قوات سوريا الديمقراطية" والإدارة الذاتية الرديفة لها، والمسيطرة على كامل منطقة شمال وشرق الفرات من سوريا، وبحضور مختلف الحساسيات المناهضة للسلطة الجديدة جذريا، بمن فيهم الشيخ حكمت الهجري، أعاد المسألة بين الطرفين إلى النقطة الأولى، إذ أعلنت السلطة السورية إلغاء مشاركتها في اجتماع باريس، وأصدرت "قوات سوريا الديمقراطية" بيانا أشارت فيه إلى زيادة التحركات العسكرية المناهضة لها في أكثر من منطقة شمال شرقي البلاد.
في ظل تلك التطورات، تستكشف "قسد" بيئة إقليمية ودولية "غامضة بالنسبة لها"، شديدة التقلب ومبهمة السياق. إذ تحاول "قسد" الحفاظ على موقعها ودورها في المعادلة السورية، واستخدام منجزاتها في ملف محاربة الإرهاب وقواتها العسكرية وسلطتها الرمزية وشبكة علاقاتها السياسية الإقليمية والدولية كآلية لتحولها إلى فاعل ضمن سوريا، خصوصا في هذه الفترة، التي من المتوقع أن تكون تأسيسية لما ستكون عليه البلاد طوال عقود كثيرة قادمة.