بيان "جبهة الإصلاح" في إيران... بين التأييد والرفض

يدعو لوقف تخصيب اليورانيوم بشكل طوعي وإصدار عفو عام

أ ف ب
أ ف ب
رجل إيراني يقرأ نسخة من صحيفة هام مهان اليومية التي يسلط عنوان الصفحة الأولى فيها الضوء على اجتماع بين سفير طهران لدى الأمم المتحدة والملياردير التكنولوجي إيلون ماسك في نيويورك، خارج كشك بيع الصحف في طهران في 16 نوفمبر 2024

بيان "جبهة الإصلاح" في إيران... بين التأييد والرفض

تتوالى ردود الصحافة الإيرانية على البيان، الذي أصدرته "جبهة الإصلاح" في إيران بشأن الوضع الراهن في البلاد، والحلول التي قدمتها، لتجاوز التحديات الداخلية والخارجية.

ولقد اعتبر البيان أن الدخول في مفاوضات شاملة ومباشرة مع الولايات المتحدة، ومنع تفعيل آلية "سناب باك" والمصالحة الوطنية، والتخلي عن العداء في الداخل والخارج، والإعلان عن استعداد إيران لوقف تخصيب اليورانيوم بشكل طوعي، والقبول بإشراف "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" للبرنامج النووي، مقابل رفع كافة العقوبات، هو السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد، وفرصة ذهبية للتغيير والعودة إلى الشعب.

ويقترح البيان اتخاذ خطواتٍ من أحد عشر بندا وهي: "إصدار العفو العام، وإنهاء الإقامة الجبرية لزعيمي الحركة الإصلاحية مير حسين موسوي وزهراء رهنورد، ورفع القيود السياسية عن الرئيس الأسبق محمد خاتمي، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وأصحاب الرأي والنشطاء المدنيين، ووقف ملاحقة المعارضين الإصلاحيين، بهدف ترميم الثقة الوطنية، وتغيير خطاب السلطة الحاكمة، واعتماد عقيدة التنمية والعمران، وحل المؤسسات الموازية، وإنهاء ازدواجية القرار، وإعادة الصلاحيات الكاملة إلى الحكومة، وعودة القوات المسلحة إلى ثكناتها، وانسحابها من السياسة والاقتصاد والثقافة، ومراجعة سياسات الأمن الداخلي، في ظل الحفاظ على قدرة الردع، وخفض الطابع الأمني في إدارة المجتمع، وإلغاء الإقصاء، وضمان حرية الصحافة، وتعديل القوانين المرتبطة بحقوق المرأة وإخراج الاقتصاد من الأوليغارشية... وإصلاح السياسة الخارجية، بناء على المصالحة الوطنية والوحدة الداخلية، وتفعيل الدبلوماسية بكافة أدواتها لتفادي تفعيل (سناب باك) وتحقيق تكامل إقليمي بهدف الوصول إلى السلام المستدام، ودعم قيام دولة فلسطينية مستقلة، والتعاون مع السعودية ودول المنطقة لإعادة تقديم صورة إيران كدولة مسؤولة تحب السلام".

وتناولت صحيفة "هم ميهن" في تقرير بعنوان: "خشية المتشددين من التحول والتغيير" في عددها الصادر في 20 أغسطس/آب الردود الصادرة حول البيان المذكور بقلم فرهاد فخر آبادي. وأفاد التقرير بأن ثلاثة بيانات صدرت من قبل شخصيات سياسية، وأساتذة جامعات ونشطاء سياسيين واقتصاديين واجتماعيين في إيران، بعد الحرب بين إيران وإسرائيل، تناولت كلها مستقبل إيران، مقترحة كل منها حلولا لتحسين الوضع الراهن، والحفاظ على الانسجام الوطني. وأضاف: "ولكن البيان الأخير الصادر عن (جبهة الإصلاح) أثار جدلا واسعا أكثر من غيره، لأنه قدم اقتراحات على غرار الإفراج عن السجناء السياسيين، ورفع الإقامة الجبرية عن زعماء الحركة الإصلاحية، ووقف تخصيب اليورانيوم".

ويمكن تصنيف ردود الأفعال الصادرة على البيان إلى 3 فئات: الفئة الأولى التي أعربت عن دعمها لمفاد البيان، معتبرة أنه يجب القبول بها، ومنها صادق زيبا كلام (الناشط السياسي) الذي اعتبر أن البيان واقعي، ويصب في صالح الشعب، ومستقبل البلاد والنظام". أما الفئة الثانية فهي الفئة التي قالت إن "البيان لم يصدر في التوقيت المناسب، وقد يعطي الذريعة للمتشددين، للتصعيد ضد الإصلاحيين، ومنها أحمد زيد آبادي (الناشط السياسي) الذي قال إن السلطة الحاكمة ينبغي أن تصل من الداخل إلى نتيجة حول ضرورة التحول والتغيير، وليس عبر البيانات، لأن إصدار مثل هذه البيانات، قد يؤدي إلى شن حملة دعائية واسعة، من القوى المتشددة ضد المنتقدين". واعتبر سعيد آجرلو المقرب من رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف أن البيان المذكور "رومانسي وساذج وتخيلي"، ويمثل تمردا على مبادئ الثورة الإسلامية والأمن القومي. الفئة الثالثة هي المتشددون في التيار المحافظ، والذين لم يكتفوا بانتقاد البيان، بل وجهوا اتهامات ضد كل "جبهة الإصلاح". يمثل رئيس تحرير صحيفة "كيهان" حسين شريعتمداري أبرز وجوه هذه الفئة. لقد اتهم شريعتمداري الموقعين على البيان المذكور، بأنهم ينتمون للطابور الخامس.. وأن الإصلاحيين لديهم نوايا غير مشروعة. كما نشرت "كيهان" تقريرا آخر اتهمت فيه الموقعين على البيان، بأنهم يريدون الانقلاب على النظام الحاكم.

البيان الصادر عن "جبهة الإصلاح"، يأتي في صالح المصالح الأميركية والإسرائيلية، وينذر بوقوع فتنة جديدة

"جبهة بايداري"

وقال أحد أبرز وجوه "جبهة بايداري" (الصمود) المتشددة صادق محصولي بأن هدف الإصلاحيين هو الإطاحة بالنظام. وقد قالت "جبهة بايداري" في بيان لها إن البيان الصادر عن "جبهة الإصلاح"، يأتي في صالح المصالح الأميركية والإسرائيلية، وينذر بوقوع فتنة جديدة على حد قول البيان.

أ ف ب
مير حسين موسوي (يمين) وحليفه المقرب الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (يسار) يحضران حفل تأبين سيف الله داد، نائب وزير الثقافة السابق، في مسجد في طهران في 31 يوليو 2009

ونشرت وكالة "تسنيم" للأنباء المحسوبة على "الحرس الثوري"، تقريرا حول بيان "جبهة الإصلاح" اتهمت فيه قادة "جبهة الإصلاح" بأنهم يفتقرون إلى الحكمة والوعي السياسي. وكتب سيد محمود نبويان أحد الوجوه المقربة من "جبهة بايداري" المتشددة أن القرآن يعتبر الذين يقترحون تعليق تخصيب اليورانيوم، بأنهم أتباع أميركا وإسرائيل. واللافت أن الناشط والمحلل السياسي الإصلاحي أحمد زيد آبادي، قال ردا على نبويان: "إن النبي توعد الذين يفسرون القرآن حسب رأيهم الشخصي، وينسبون الكلام الكذب إلى الله بأنهم يذهبون إلى النار! قائلا: مَنْ فَسَّرَ الْقُرْآنَ بِرَأْیِهِ فَلْیَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار".

لا يمكن للدول الأوروبية أن تتخذ قرارات مستقلة عن الإدارة الأميركية، حتى إذا كانت أوروبا لديها خلافات مع أميركا

حزب "التنمیة الوطنية الإصلاحي"

ويرى عباس موسايي المتحدث باسم المكتب السياسي لحزب "التنمیة الوطنية الإصلاحي" في حوار مع صحيفة "هم ميهن" أن: "البيان الأخير الصادر عن (جبهة الإصلاح) في إيران يشير إلى فهم أعضائها لوضع إيران السياسي، وتوقعات المجتمع من السلطة الحاكمة حول الحفاظ على الوحدة والتضامن الوطني".

أضاف: "يدل مطلب (جبهة الإصلاح) بالمفاوضات الشاملة مع الولايات المتحدة على أن (جبهة الإصلاح) باتت تدرك أن إيران في حالة عزلة استراتيجية، لأن الهجوم الإسرائيلي الأخير على البلاد، أظهر ذلك جليا، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على دول على غرار روسيا والصين، في فترات الحرب على إيران من جهة، ومن جهة أخرى، لا يمكن للدول الأوروبية أن تتخذ قرارات مستقلة عن الإدارة الأميركية، حتى إذا كانت أوروبا لديها خلافات مع أميركا".

أ ف ب
شعار الوكالة على مباني المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا، النمسا، في 13 يونيو 2025

ويعتقد مهدي معتمدي مهر عضو حزب "حركة حرية إيران" في حوار مع "هم ميهن" أن بيان "جبهة الإصلاح" يتسم بـ"الشجاعة والمسؤولية" لأنه: "يظهر نقاط القوة ونقاط الضعف والأزمات الكبيرة القائمة في المجتمع وبنية النظام الإيراني، مؤكدا أن هناك ثلاثة خيارات أمامنا، الاستمرار في الوضع المتزلزل القائم، أو الاستمرار في المفاوضات التكتيكية لكسب الوقت أو القيام بانتخاب شجاع ومسؤول... بالتالي على النظام الحاكم أن يذعن بأن استمرار هذه السياسات خلال العقود الأربعة الماضية، أدى إلى الأزمات الكبرى البنوية الحالية".

أضاف: "على النظام الحاكم أن يذعن بأن سياساته، وأداءه هما السبب في إقصاء الكثير من الكفاءات والقوى الوطنية، على الصعيد الداخلي وفي العزلة الدولية خلال أكثر من أربعة عقود".

ويرى الناشط السياسي حميد رضا جلايي بور في حوار مع "هم ميهن" أن: "دعوة البيان الأخير الصادر عن (جبهة الإصلاح) حول إطلاق سراح السجناء السياسيين والرأي، قد تسهم في تجاوز النظرة الأمنية والبوليسية السياسية والاجتماعية. لقد دعا البيان إلى عدم تدخل القوات العسكرية في السياسة والاقتصاد، وهذا أمر مهم لأن المؤسسة العسكرية والأمنية لا تسمح بتوفير الأرضية للمصالحة الوطنية، ما دام لها مصالح سياسية واقتصادية".

وقالت "هم میهن": "تعتبر وسائل الإعلام المحسوبة على المتشددين دعوة (جبهة الإصلاح) إلى المفاوضات الشاملة مع الإدارة الأميركية خطأ، غير أنها تروج للمفاوضات بين بوتين وترمب، بأنها نتيجة لوعي بوتين بهدف إخراج روسيا من العزلة. ويعتبر المتشددون أن إزالة التوترات تمثل تهديدا وجوديا لهم ولخطابهم".

ه‍ذا واعتبرت صحيفة "كيهان" المتشددة في تقرير بقلم رئيس تحريرها حسين شريعتمداري أن الموقعين على البيان هم "الطابور الخامس للأعداء، وأن بيان (جبهة الإصلاح) هو ترجمة فارسية لتصريحات بنيامين نتنياهو".

font change