أشكال الحرمان من الحياة السياسية والطبيعية العامة في اليمن متعددة، وتتنوع مشاهدها على نحو مأساوي، وذلك جراء الحرب التي تطحن رحاها البلاد منذ نحو عشرة أعوام، دون أدنى بارقة أمل على انفراجة قريبة. هكذا على الأقل تبدو الصورة اليوم دون إجحاف بحق كل الجهود والمبادرات التي توسط فيها أشقاء وأصدقاء لليمن لإنهاء حربه وعودة السلام والاستقرار إليه.
فواتير الحرب بين الحلفاء والخصوم في الداخل اليمني تتجاوز القتلى هنا وهناك، إلى الجرحى والمصابين، الذين بات الكثير منهم معاقا حركيا أو معنويا، ويهيم على وجهه في الداخل والخارج بحثا عن فرصة للعلاج والتعافي.
لكن هذا ليس الفصل (الكارثي) الوحيد في قصة الحرب اليمنية، إذ إن هناك حكاية الأسرى والمختطفين والمفقودين والمخفيين قسريا الذين اختفى أثر الكثير منهم، ولم يبق في ذاكرة عائلاتهم سوى تاريخ غيابهم وانقطاع الاتصال بهم، وطالما مثلت هذه القضية أثقل ملفات الحرب وأكثرها تعقيدا، حيث فشل الجميع في إتمام صفقة تاريخية للإفراج عن الكل مقابل الكل، فالحديث هنا ليس عن مئات بل آلاف المخفيين الذين لا يُعرف مصيرهم، إما بالقتل المسجل ضد مجهول، أو بالإخفاء القسري لسبب معلوم، أو الاختطاف من شارع أو طريق عام بواسطة ملثمين، وبطرق لم يعتد عليها اليمنيون، وهذا ما يؤرق ويقض مضاجع آلاف العائلات بمئات الآلاف من الأسئلة.